كاتب فرنسي: نتنياهو أشعل الحرب ضد “اليهود السيئين”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

تتراكم القوانين والقرارات الوزارية بسرعة كبيرة في إسرائيل، وكما هو الحال في أي نظام فصل عنصري، هناك قوانين خاصة بالفلسطينيين وأخرى لغيرهم من الإسرائيليين، لكن هذه القرارات امتدت الآن لتشمل اليهود الإسرائيليين، وبينهم من يعارض المجازر والحرب ويمكن أن يتهم بالخيانة، ومنهم صحف -مثل هآرتس- وصحفيون ومدراء وقادة منظمات غير حكومية ونشطاء السلام.

بهذه المقدمة، لخص موقع “أوريان 21” مقالا للصحفي المخضرم سيلفان سيبيل ما يجري في إسرائيل، وانطلق من منع فيلم “اللد” هذا العام، الذي يصور النكبة من عام 1947 إلى عام 1949.

ورسم الفيلم تفاصيل الحياة باللد وربطها بموضوع النكبة، وهو ما دفع وزير الثقافة ميكي زوهر لطلب تدخل الشرطة، معتبرا أن هناك “خطرا جديا وفوريا على النظام العام”.

وقُدم التماس من قبل 14 جمعية فنية إسرائيلية لإلغاء الحظر، بحجة أن “دور الشرطة هو حماية حرية التعبير، لا من يريدون إلغاءها”، ليرد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن “الناس الذين يصرخون في اليسار بعد إلغاء عرض اللد يجب أن يفهموا أن القانون هو القانون والنظام هو النظام”.

دلالات منع فيلم

ونبه الموقع إلى أن “اللد” ليس أول عمل يُمنع بثه في إسرائيل في الآونة الأخيرة، مستشهدا بتعرض فيلم “جنين جنين 2” للمصير نفسه، وكذلك “1948- تذكر، لا تذكر” للإسرائيلية نيتا شوشاني، مشيرا إلى أن تراكم هذه القرارات خلال فترة زمنية قصيرة يدل على تطور ملحوظ، وهو صعود الرقابة في جو عام يتزايد فيه التطلع إلى “دولة قوية”.

وأضاف أن صدور هذا النوع من القوانين كان مألوفا عند فلسطينيي إسرائيل منذ زمن طويل، وهم أول الضحايا، وقد أصدر البرلمان في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني قانونا يسمح بأن يكون “طرد الإرهابي” مصحوبا بأقاربه ووالديه وأبنائه وإخوته وأخواته، وهو قرار يتعلق فقط بالفلسطينيين الذين هم مواطنون إسرائيليون، لأن إسرائيل لم تكن بحاجة قط إلى تشريع لطرد غير الإسرائيليين من الفلسطينيين.

أما الشيء الجديد، فهو جو مطاردة “الخونة اليهود”، حيث يشهد البرلمان منذ عقد من الزمن طفرة في الاستبداد، تجسدت في تحديد الحق بإلغاء صلاحيات المحكمة العليا، وفي قدر من مشاريع القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بتقييد حرية التعبير والعمل، التي لم تعد تخص الفلسطينيين فقط، بل تستهدف أي خطاب يعتبر “مسيئا” لإسرائيل وسياساتها.

وذكّر الموقع باعتماد قانون في أكتوبر/تشرين الأول 2024 يسمح بحرمان أي معلم يُظهر “تعاطفا مع منظمة إرهابية” من وظيفته، علما أن أي مظاهرة لدعم القضية الفلسطينية تعتبر “إرهابية”، مما يدل على معاناة أساتذة التاريخ الذين يتجرؤون على مخالفة نسخة التقرير “الرسمي” عن الطرد للفلسطينيين عام 1948، التي تقول إن “إسرائيل لم تقم بطرد أي عربي، لقد غادروا طوعا”.

هآرتس

وبحسب موقع أوريان 21، ينص مشروع قانون آخر لا يزال قيد المناقشة، على فرض غرامة تعادل 3 آلاف يورو والسجن لمدة عام على أي شخص يلوح بالعلم الفلسطيني في مؤسسة عامة، وهو يستهدف الطلاب، كما يبدو، بيد أن التهديدات التي تلقي بظلالها على صحيفة هآرتس، التي تعتبر المركز الرئيسي لمقاومة السياسة الاستعمارية التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تجسد بوضوح هذه الحملة ضد حق التعبير.

وبالفعل وافقت الحكومة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على اقتراح من وزير الاتصالات شلومو كارهي، يقضي بإلزام أي إدارة عامة وأي منظمة تستفيد من الدعم المالي من الدولة بوقف الإعلان في صحيفة هآرتس أو اشتراك موظفيها فيها، وقد أعرب نتنياهو عن تأييده لهذا الاقتراح، وبررت الحكومة ذلك على أساس أن “العديد من المقالات الافتتاحية قوضت شرعية دولة إسرائيل”.

ويضيف الموقع أن آموس شوكن، مالك هآرتس الذي يعلن صهيونيته، متهم “بدعم الإرهاب” منذ أن قام خلال مؤتمر في لندن أمام جمهور يهودي في الأساس، بانتقاد “نظام الفصل العنصري القاسي المفروض على السكان الفلسطينيين”، وتحدث عن “المقاتلين من أجل الحرية الذين تصفهم إسرائيل بالإرهابيين”، وعاد ليحدد أنه يعتبر “استخدام الإرهاب غير مشروع”، دون أن ينكر مصطلحات “المناضلين من أجل الحرية”.

وقد انتهزت الحكومة الفرصة لبدء التحقيق فيما يشبه محاكمة لما تراه “خيانة” الإسرائيليين الذين يدينون الاحتلال، ومن دون انتظار التصويت على مشروع القانون، علق وزير الداخلية موشيه أربيل على الفور جميع اشتراكات موظفي وزارته في صحيفة “هآرتس”.

وقال مدير تحرير هآرتس ألوف بن إن نتنياهو يريد سلطة إسرائيلية من دون عدالة مستقلة، حيث تتحول أجهزة الشرطة والأمن إلى مليشيات خاصة في خدمته، وبالطبع من دون إعلام ناقد وحر، إنه لا يخيفنا، ولن نستسلم”.

فصل عنصري رسمي

وأشار الكاتب إلى أحد القرارات الأولى التي اتخذها وزير الدفاع الجديد إسرائيل كاتس، بوضع حد لإمكانية حبس مستوطن يهودي تحت ما يسمى بوضع “الاعتقال الإداري”، حيث قرر أنه من الآن فصاعدا، سيعفى المواطنون اليهود بشكل كامل من الاعتقال الإداري، رغم أن هناك أكثر من 3 آلاف معتقل فلسطيني محتجزين دون تهمة، لتكتب صحيفة هآرتس أن “وزير الدفاع الجديد قرر أن الفصل العنصري أصبح رسميا”.

وأوضح الكاتب أن إحدى أولويات نتنياهو وأعوانه هي منع نشر معلومات جدية عما حدث ويحدث يوميا في غزة ولبنان، ليبقى مصدر هذه المعلومات وسائل الإعلام المحلية والمنظمات غير الحكومية الإسرائيلية التي يواصلون تقديمها رغم الضغوط التي تمارسها أجهزة الدعاية الإسرائيلية الضخمة والعقبات العديدة التي يضعها الحكام، بما في ذلك استحالة دخول الصحفيين إلى غزة.

وإذا كان المزيد من الإسرائيليين يغادرون بلادهم هذه الأيام، فإن ذلك -حسب الكاتب- ليس بسبب الجرائم الجسيمة المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بقدر ما يرجع إلى الشعور السائد في بعض قطاعات المجتمع العام، بالتآكل السريع “للديمقراطية” التي استفاد منها اليهود الإسرائيليون منذ إنشاء دولتهم.

وخلص سيلفان سيبيل إلى أن الشعور المتناقض الذي يمتزج فيه الخوف والقوة والحصانة الذي سيطر بعد اعتماد البرلمان قانون “إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي” عام 2018، لا يمكن إلا أن يغذي بقوة رفض “الخونة من الداخل”، هؤلاء اليهود الإسرائيليين النادرين المعادين للانجراف العنصري الذي سيطر على الغالبية العظمى من السكان.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *