في خطاب ألقاه في العاصمة البولندية قبل عامين، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن “المعركة الكبرى من أجل الحرية” هي معركة “بين نظام قائم على القواعد ونظام تحكمه قوة غاشمة”.
ومن هذا التصريح، انطلق الكاتب الأميركي نيكولاس كريستوف في مقاله بعموده في صحيفة نيويورك تايمز، إلى تحليل مواقف بايدن وما إذا كان يعني ما قاله في ذلك التصريح.
واستهل المقال بالتنويه إلى أن محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل، في تصويت يصفه بغير المتكافئ بأغلبية 13 صوتا مقابل صوتين “بوقف هجومها العسكري فورا” على رفح وفتح المعابر الحدودية “لتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
وأوضح أن أمر المحكمة، رغم أنه ملزم، فإنه يفتقر إلى آلية لتنفيذه، وهو ما يعني عمليا أن القرار في ذلك متروك لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنفاذه، ولموقف رئيس الولايات المتحدة عند التصويت عليه.
قرار سهل
ومن المفترض -برأي الكاتب- أن يكون هذا القرار سهلا، ويوفر للرئيس الأميركي فرصة لإنقاذ سياسته الفاشلة في غزة، لأن بايدن ومحكمة العدل الدولية في هذه الحالة متوافقان بشكل أساسي، فكلاهما يعارض الاجتياح الشامل لرفح، وكلاهما يريد أن تسمح إسرائيل بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية.
غير أن الكاتب يعتقد أن بايدن منح الفرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليتجاهله ويكبحه.
ويبقى السؤال -من وجهة نظر الكاتب- ما إذا كان قرار المحكمة سيساعد بايدن على امتلاك الجرأة وروح المبادرة للضغط على إسرائيل لحملها على الامتثال للقرار.
ومع ذلك، يرى المقال أن نفوذ بايدن واضح، فهو قادر على وقف إرسال كافة الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل طالما أنها تتحدى القانون الدولي، مستندا في ذلك إلى وقفه المؤقت لنقل القنابل الكبيرة، مع السماح بنقل الأسلحة الدفاعية التي تحول دون أن تتعرّض إسرائيل إلى خطر كبير من الصواريخ أو التهديدات الأخرى، كما يقول الكاتب.
ووفق المقال، فإن سياسة بايدن في الشرق الأوسط اتسمت بالتخبط وأضرت بمرجعية أميركا الأخلاقية رغم درايته العميقة بالعلاقات الدولية، وإشرافه بشكل عام على سياسة خارجية ذكية لا سيما في آسيا.
نفاق
وقال الكاتب إن كثيرا من دول العالم ترى أن بايدن ينافق عندما يدافع عن “النظام الدولي القائم على القواعد” في أوكرانيا ضد عدو ينتهك القانون الدولي ويقوض قواعد الحرب ويهاجم البنية التحتية ليجعل المدنيين يعانون، ثم يوفر -في الوقت ذاته- الأسلحة والحماية الدبلوماسية لحرب نتنياهو على قطاع غزة.
ووصف سياسة بايدن في غزة بأنها تمثل “فشلا أخلاقيا وعمليا وسياسيا” إذ جعلت الولايات المتحدة متواطئة في قتل المدنيين وتجويع الأطفال، وأضعفت موقفها في أوكرانيا.
ومن وجهة نظره، فإن تلك السياسة لم تساعد في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو استعادة الأسرى ولا في تحسين وضعها الأمني على المدى الطويل، وربما تضر بفرص بايدن في الفوز بولايات رئيسية مثل ميشيغان.
وتابع القول إن إدارة بايدن، بدلا من ممارسة ضغط حازم على إسرائيل للسماح لآلاف الشاحنات على الحدود بدخول غزة، فإنها منعت صدور قرار أممي في ديسمبر/كانون الأول كان من شأنه أن يؤسس نظاما للالتفاف على قيام إسرائيل بتفتيش المساعدات بهدف عرقلة دخولها القطاع.
وخلص المقال إلى أن الوقت قد حان لكي يتصرف بايدن بحزم ويحجب جميع الأسلحة الهجومية “رغم أنه تحرك تكتنفه عيوب” إلا أنه يعد خطوة نحو تخفيف الكارثة الإنسانية وإنهاء الحرب والحفاظ على النظام القائم على القواعد الذي يقول إنه يؤمن به.