قانون التجنيد يهدد بتفكيك حكومة نتنياهو

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أمام خطر حقيقي يهدد بتفكيك الائتلاف الحكومي، عقب تحريك مشروع “قانون التجنيد” الذي دأبت الحكومات المتعاقبة في العقد الأخير على تأجيله، لضمان استمرار دعم الأحزاب الحريدية (الدينية) لها وتجنب إسقاطها.

وخرج وزير الدفاع يوآف غالانت عن صمته، في ظل اتساع النقاش بالمجتمع الإسرائيلي، الداعي إلى تجنيد اليهود الحريديم (المتدينين) في ظل الحرب على غزة، حيث أعلن أنه لن يسمح بتقديم “قانون التجنيد” الهادف إلى إلزامهم بالخدمة العسكرية بالجيش، دون الحصول على موافقة جميع الأحزاب المشاركة بالائتلاف الحكومي.

وترافقت تصريحات غالانت مع خطة الوزيرين من تحالف “المعسكر الوطني” بيني غانتس وغادي آيزنكوت، التي تقضي بتجنيد الحريديم في الجيش، حيث اشترطا دعمهما لمساعي الحكومة لتمديد فترة الخدمة العسكرية والاحتياط، بالموافقة على زيادة عدد الإسرائيليين الذين يتم تجنيدهم تدريجيا في العقد المقبل.

حسابات مختلفة

منذ عام 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة بالتوصل إلى صيغة قانون توافقي يقضي بتجنيد الحريديم، بعد أن ألغت المحكمة العليا القانون الذي شُرّع عام 2015 والقاضي بإعفائهم من الخدمة العسكرية، وسوغت ذلك بأن الإعفاء يمس بـ”مبدأ المساواة”.

ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد الإعفاء للحريديم من الخدمة العسكرية، علما بأن سريان الأمر الذي أصدرته الحكومة بتعليق التجنيد الإلزامي لهم ينتهي نهاية الشهر الحالي.

وحملت تصريحات وزير الدفاع في طياتها الكثير من الرسائل، وهي مؤشر على تمرده المتدرج على الائتلاف الحكومي، كما تشكل تهديدا سياسيا لنتنياهو، خصوصا وأن غالانت قد أدلى بهذه التصريحات دون التنسيق معه، وقد فوجئ بمضمونها.

ووسط صمت نتنياهو وقيادات في حزب الليكود، رحب الوزير بحكومة الطوارئ غانتس بتصريحات وزير الدفاع، بينما امتنع رئيس حزب “عظمة يهودية” إيتمار بن غفير، ورئيس تحالف “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش عن التعقيب على الموضوع، رغم دعمهما للطرح الداعي لتجنيد جميع الإسرائيليين بالجيش.

وأجمع محللون على أن تصريحات غالانت بمثابة صفعة لنتنياهو، كونها تمنح غانتس حق الفيتو في حال رفضت الأحزاب الحريدية صيغة القانون الذي يطرحه “المعسكر الوطني” وتعكس التوتر المحتدم والخلافات بالائتلاف الحكومي، وهي مؤشر كذلك للصدام المؤجل داخل الليكود.

وقدّر محللون أن الكتل الحريدية المتمثلة بحزب شاس” برئاسة أرييه درعي، وحزب “يهودية التوراة” برئاسة موشيه غافني، تعارض بشدة قانون التجنيد، الذي يتوقع تقديمه للكنيست والتصويت عليه بموعد أقصاه نهاية مارس/آذار الحالي، وقد تهدد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، مما يعني الذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة.

نتنياهو المحاصر

ووصف المحلل السياسي في صحيفة “معاريف” بن كسبيت تصريحات غالانت بـ “العبوة الناسفة الهائلة” في غرفة مجلس الحرب، مشيرا إلى أنها لم تكن تصريحات عادية، ويعتقد أن وزير الدفاع قلب الساعة الرملية قبالة نتنياهو، والتي لم يكن في نهايتها سوى 3 خيارات.

وعن الخيارات المتاحة يقول المحلل السياسي:

  • في الخيار الأول، قد تخضع الأحزاب الحريدية لخطة تجنيد سيتم الاتفاق عليها بين الليكود وغانتس وآيزنكوت.
  • والثاني إصرار الحريديم ورفضهم مثل هذا المخطط، وهذا سيؤدي إلى تفكيك الحكومة والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
  • بينما يكون الخيار الثالث هو استسلام غانتس.

لكن المحلل السياسي يعتقد أن غانتس لن يستسلم ولن يقدم المزيد من التنازلات، خاصة في قانون التجنيد الإلزامي، قائلا “لقد استسلم بالفعل بما فيه الكفاية خلال حكومة الطوارئ، يبدو أنه لن يكون هناك أي تراجع لغالانت أيضا”.

وقدر أن هذه الخطوة بشأن “قانون التنجيد” تم تنسيقها بين غالانت وغانتس، لافتا إلى أن حكومة الطوارئ أسست جسرا بينهما، وهو ما يلاحظه نتنياهو الذي بات محاصرا في ساحة سياسية متفجرة، ويواجه تحديات ومشكلة من الصعب الخروج منها بأمان.

فك ارتباط غالانت

ومع تصاعد التوتر بين غالانت ونتنياهو والمتواصل منذ تشكيل الحكومة، ذهب محلل الشؤون الحزبية بصحيفة “هآرتس” يوسي فيرتر إلى أبعد من ذلك، حيث يعتقد أن تصريحات وزير الدفاع تعتبر مؤشرا لانسحابه من ائتلاف حكومة نتنياهو، المؤلف من 64 عضوا من أعضاء الكنيست.

واستذكر محلل الشؤون الحزبية ليلة 25 مارس/آذار من العام الماضي، عندما ظهر غالانت أمام الكاميرات وطالب نتنياهو بوقف التعديلات على الجهاز القضائي، بسبب “الخطر الواضح والفوري على أمن الدولة” واليوم التالي عزله نتنياهو.

وتساءل “هل يعزل نتنياهو غالانت هذه المرة أيضا؟” حيث استبعد حدوث خطوة من هذا القبيل بسبب اختلاف الأمر، فقانون التجنيد يحظى بدعم الغالبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي.

وأوضح أن غالانت ظهر أمام الكاميرات في ذروة وقت المشاهدة للإسرائيليين، وأشهر ثانية “إشارة قف” أمام رئيس الوزراء، في إشارة إلى قانون التهرب من الخدمة العسكرية الذي يريد نتنياهو وشركاؤه الحريديم تمريره، و”هذه مسألة أمن قومي كبرى” كما قال وزير الدفاع.

وأشار إلى أن غالانت بهذه التصريحات والمواقف اختار الأمن على السياسة. وقال “بدون موافقتهم ودون دخول قانون جديد حيز التنفيذ، سيتوقف تدفق مئات الملايين من الشواكل شهريا للمؤسسات التعليمية الحريدية اعتبارا من الأول من أبريل/نيسان، وهذا بلا شك هو أخطر تهديد لاستقرار الائتلاف الحكومي منذ تأسيسه”.

ويقول محلل الشؤون الحزبية “لو كان نتنياهو يستطيع ذلك، لأقال غالانت مرة أخرى واستبدله بأي شخص من الليكود، ينفذ طلباته ويرافقه في كل مخططاته، لكن هذه المرة لا تزال حرب غزة مستمرة والشمال يحترق، فهذا مستحيل”.

وخلص للقول إن “تصريحات غالانت تمثل فك ارتباطه الأخير، حتى لو لم يكن رسميا، ليس فقط عن رئيس الوزراء الذي لا يثق به، ولكن أيضا عن الائتلاف الحكومي الذي يحتضنه نتنياهو ويتملقه”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *