طهران– بمبادرة مشتركة بين المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية ومركز الجزيرة للدراسات، انطلقت مساء الأحد فعاليات الدورة الثالثة من “الحوار العربي-الإيراني” بالعاصمة الإيرانية طهران، بهدف توصل المفكرين العرب والإيرانيين إلى فهم أفضل للقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتحت عنوان “حوار من أجل التعاون والتفاعل”، افتتح مدير مركز الجزيرة للدراسات، محمد المختار خليل، الدورة الثالثة من الحوار العربي الإيراني بالحديث عن أهمية الحوار في تقريب وجهات النظر بين البشر، مؤكدا أن العرب والإيرانيين لم يختاروا مواقعهم وإنما الله هو الذي اختار لهم هذا ليكونوا جيرانا.
تطورات غزة
من ناحيته، أشار المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية مصطفى سواق في كلمته إلى أن الأصل في غالبية الخلافات نابع من عدم فهم المقاصد، أو فهم المقصود على غير وجهه، مما يؤدي إلى نشوب صراعات. مشددا علی أن الحوار سبيل ناجع لتجنب الصراعات وتحقيق مصالح جميع الأطراف.
وتابع سواق أن شعار “الرأي والرأي الآخر” يعتبر من المبادئ الجوهرية لشبكة الجزيرة ليتحاور على أساسه أصحاب الآراء المغايرة باحترام، “فكيف بالآخر المجاور؟”، مؤكدا حصول القائمين على الدورتين السابقتين من الحوار العربي الإيراني على تجاوب إيجابي من جميع الأطراف بشكل يحث على ضرورة المضي قدما بتنظيم جلسات الحوار.
من جانبه، أكد المفكر الفلسطيني منير شفيق أن “الأمتين العربية والإيرانية تواجهان في المرحلة الراهنة تحديا ضروريا يفرض علينا أن ننجح هذا الحوار برغم المنع الدولي”، موضحا أن معركة غزة الراهنة تبرهن عن الحاجة لإنجاح هذا الحوار، ليمتد ويلعب دوره في هذه المرحلة الحاسمة والمعركة التي تُخاض من أجل تحرير فلسطين.
وتابع “نمر بمرحلة حاسمة.. يجب أن تنتصر غزة في الحرب المتواصلة على القطاع”، مؤكدا أن جميع المؤشرات تشير إلى قرب هزيمة “المحور الصهيوأميركي” في حربه على غزة، “بيد أن القرار الصهيوني الغربي بمواصلة الحرب على القطاع خطر على العالم جميعا، لأنهم لا يريدون لإيران والعرب وفلسطين أن ينهضوا وأن ينهض العالم الثالث ويُسقط الهيمنة الغربية”.
ثمرة الحوار
في السياق، قدم المفكر المصري فهمي هويدي مداخلة تطرق فيها إلى المساعي التي بذلها منذ الأسبوع الأول من انتصار الثورة الإيرانية لإنجاح الحوار العربي الإيراني، مستدركا أنه “ما زلنا نقف عند نقطة البداية ولا بأس أن نبدأ بعد مضي 45 عاما، ولكنني أرجو أن لا نبدأ الحديث عن أهمية الحوار الذي حُسِم منذ زمن”.
ورأى هويدي أن “الحرب المتواصلة في فلسطين وعملية طوفان الأقصى إنما هي جزء من ثمرة الحوار العربي الإيراني”، مؤكدا أن هذا النموذج من التعاون غير المرئي “أفضى إلى الكثير مما تمنيناه ونتمنى أن يتقدم في المتغيرات القادمة، خاصة إذا أدركنا بوعي حقيقي أن مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تختلف وينبغي أن تختلف عما قبلها”.
بعد ذلك، اعتبر كمال خرازي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق ورئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، أن “الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة بدعم أميركي وأوروبي تمثل أهم قضايا الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة”، داعيا إلى ممارسة الضغط علی إسرائيل وإرغامها على إيقاف الحرب.
الأمن الإقليمي
وفي جانب آخر من كلمته، حذر خرازي من أن “المنطقة ستشهد سباقا نوويا في حال عدم نزع الأسلحة النووية الإسرائيلية”، مجددا تحذيره من أن بلاده قد تعيد النظر في عقيدتها النووية في حال تجرأت إسرائيل وهددت باستهداف إيران نوويا.
كما أعلن استعداد الجمهورية الإسلامية لدعم جميع دول المنطقة بالأسلحة والتقنيات الحديثة، مؤكدا أن بلاده ترحب بأن تصبح دول المنطقة قوية، ذلك أن “السلام الإقليمي يتحقق عندما تصبح جميع هذه الدول قوية”.
وفي آخر كلمة خلال جلسة الافتتاحية، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان “تخطينا مرحلة الحوار الإيراني العربي، ودخلنا مرحلة متقدمة من الحوار الإيجابي والبناء والتعاون الإقليمي”، مؤكدا أن الأمن الإقليمي لن يتحقق سوى عبر التعاون بين دول المنطقة.
وتابع أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية من ثمرات الحوار العربي الإيراني، إلى جانب تعزيز علاقات طهران مع كل من أبوظبي والدوحة ومسقط والكويت، وفتح مرحلة جديدة من التعاون المشترك مع هذه الدول، مبديا ترحيب طهران بالمزيد من الخطوات لعودة العلاقات مع البحرين إلى حالتها الطبيعية.
حقوق الفلسطينيين
وعبر عبد اللهيان عن اعتقاده أن فلسطين والمنطقة العربية والإسلامية “لن تصل إلى الاستقرار والأمن المستدام ما لم يتم تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها تقرير المصير”، موضحا أن جميع المبادرات التي قدمت باسم السلام الإقليمي لم تكن عادلة، ولذلك اقترحت الجمهورية إجراء استفتاء عام بمشاركة جميع سكان فلسطين الأصليين لتقرير مصيرهم.
ورأى وزير خارجية إيران أن تحويل المنطقة إلى مستودع أسلحة لا يحقق الأمن لأي دولة من دولها، مؤكدا أن انعدام الأمن في جزء من المنطقة يجعل المنطقة بأكملها غير آمنة، وخلص إلى أن السلام في المنطقة لن يتحقق إلا بعد “نزع السلاح النووي من الكيان الصهيوني”.
وبعد الجلسة الافتتاحية العلنية، من المقرر أن يناقش أكثر من 50 مسؤولا ومختصا من إيران والعالم العربي خلف الأبواب المغلقة علی مدی 3 أيام، 8 محاور، أهمها:
- دور الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد.
- وإمكانية إنشاء منتدى للتعاون الاقتصادي في المنطقة.
- وأفق الحل السياسي في سوريا.
- وحرب غزة وتداعياتها الإستراتيجية والجيوسياسية.
- والحرب في اليمن.
- والتعاون النووي السلمي في المنطقة.