غالانت في واشنطن.. اختبار لعمق الخلافات بين نتنياهو وبايدن

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن – بلقاء بقادة منظمة أيباك، كُبرى منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنشطته في العاصمة الأميركية أمس الأحد. وعقب اللقاء غرّد على منصة “إكس” قائلا “نحن ملتزمون بضمان تحالف قوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. الولايات المتحدة هي أهم حليف لإسرائيل وأكثر أهمية من أي وقت مضى”.

وتلبي الزيارة دعوة وجهها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في وقت سابق من هذا الشهر، وتمثل المرة الأولى التي يزور فيها غالانت واشنطن منذ أن أوصت المحكمة الجنائية الدولية بتوجيه اتهامات إليه بارتكاب جرائم حرب الشهر الماضي، والثانية منذ بداية الحرب على قطاع غزة.

وذكر مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي أن زيارة غالانت تسعى إلى “رفع مجالات التعاون الفريدة بين مؤسسات الدفاع الأميركية والإسرائيلية، مع التركيز على جهود بناء القوة وإبرازها، والحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة”.

وأضاف غالانت “مستعدون لأي عمل قد يكون مطلوبا في غزة ولبنان وفي أي مناطق إضافية”، في إشارة إلى احتمال توسّع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية، حيث تصاعدت الهجمات المتبادلة عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.

ويخطط الوزير يوآف غالانت للقاء كبار مسؤولي البنتاغون، وقال إن الاجتماع سيركز على مناقشة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة وكذلك سلوك الجيش الإسرائيلي في لبنان.

نتنياهو يعتقد أن قضية “تباطؤ” إمدادات الذخائر الأميركية سيتم حلها قريبا (الفرنسية)

أزمة متراكمة

وتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية وشيكة لما وصفه بـ”تباطؤ” إمدادات الذخائر الأميركية إلى إسرائيل. فقد أشار خلال اجتماع لمجلس الوزراء إلى “انخفاض كبير في الذخائر القادمة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة” خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

وقال “في ضوء ما سمعته خلال الـ24 ساعة الماضية، آمل وأعتقد أن هذه القضية سيتم حلها في المستقبل القريب”. ورفضت إدارة بايدن بشكل عام الادعاءات بأنها فرضت ما يمكن أن يرقى إلى حظر أسلحة أميركي غير معلن على إسرائيل، وسط تزايد الخلافات العامة حول إستراتيجية إسرائيل في حرب غزة.

وبحسب الأوساط الإسرائيلية، بدأت أزمة صامتة في علاقات الدولتين في التراكم منذ نهاية فبراير/شباط الماضي تقريبا، بعد أن أنهت إسرائيل عملياتها الرئيسية في غزة. ويبدو أن إدارة بايدن انتهزت هذه الفرصة لوقف تسريع الصادرات الدفاعية إلى الإسرائيليين مع الضغط عليهم من أجل عرض رؤية متكاملة لمستقبل قطاع غزة.

ويعتقد بعد المعلّقين المؤيدين لإسرائيل في واشنطن أن مناورة إدارة بايدن أتت بنتائج عكسية من خلال تقويض الاستعداد العسكري الإسرائيلي في الوقت الذي صعّد فيه حزب الله هجماته على جبهة إسرائيل الشمالية في محاولة لإسناد المقاومة الفلسطينية أمام الهجمات الإسرائيلية.

ويرى ريتشارد غولدبرغ كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بتبنيها مواقف حزب الليكود الإسرائيلي، أن سياسات بايدن أدت إلى أن “يتصور حزب الله وإيران بالفعل أن إسرائيل غير قادرة على شن حرب شاملة بسبب نقص الدعم العسكري والسياسي الأميركي”.

من ناحيتها، يعتري القلق إدارة بايدن من حديث نتنياهو المرتقب أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، حيث تخشى الإدارة أن يتهمها بالتخلي عن إسرائيل.

هل يختلف غالانت عن نتنياهو؟

وفي حديث للجزيرة نت تعليقا على زيارة غالانت لواشنطن، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى، إلى أنه يمكن أن “يكون لاختلاف كبار المسؤولين الإسرائيليين عن نتنياهو وشركائه في الائتلاف اليميني تأثير أكبر على مسار العلاقات مع واشنطن”.

وأضاف السفير ماك “يأمل غالانت، وهو عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، أن يجد دعما من وزير الخارجية أنتوني بلينكن والوزير أوستن ومن بايدن، لإجراء تغييرات كبيرة في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بالتركيز على احتياجات إسرائيل الأمنية التي هي أهم بكثير من حربها المفتوحة على (حركة المقاومة الإسلامية) حماس ومعاناة المدنيين الفلسطينيين التي تسببها”.

ومن الأمثلة على ذلك، بحسب السفير ماك، بذل جهد كبير للتفاوض، وتنفيذ اتفاق إسرائيلي مع لبنان لانسحاب مقاتلي حزب الله شمالا، وترسيم الحدود، ونشر الجيش اللبناني المدعوم من الولايات المتحدة في المنطقة الحدودية ومراقبي الأمم المتحدة من كلا الجانبين الذين يراقبون وضعا “يحتمل أن يكون أكثر خطورة على إسرائيل من أي تهديد متخيل من غزة”.

وتضغط إدارة بايدن على إسرائيل في الأسابيع الأخيرة لتهدئة التوترات المتصاعدة مع حزب الله في لبنان، خوفا من صراع على جبهتين يمكن أن يمتد إلى حرب إقليمية أكبر تشمل إيران مع استمرار إسرائيل في حربها المفتوحة على غزة.

ويعتبر غالانت أكثر تشددا من نتنياهو بشأن لبنان، وحذّر مرارا من صراع يلوح في الأفق مع حزب الله منذ بداية الحرب على قطاع غزة.

بدء المرحلة “ج”

وقبل وصوله واشنطن، قال غالانت إن اجتماعاته مع مسؤولي إدارة بايدن ستشمل مناقشة الانتقال إلى المرحلة “ج” في قطاع غزة، التي وصفها بأنها “ذات أهمية كبيرة”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من بدء الحرب، حدد غالانت خطة معركة من ثلاث مراحل فيما يتعلق بقطاع غزة، تبدأ بفترة من الغارات الجوية المكثفة على أهداف لحماس وبنيتها التحتية، حسب وصفه، تليها فترة وسيطة من العمليات البرية التي تهدف إلى “القضاء على جيوب المقاومة”.

وقال غالانت في ذلك الوقت إن المرحلة الثالثة ستكون خلق “واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل من خلال تحقيق الأهداف المعلنة المتمثلة في تفكيك قدرات حماس العسكرية وقدراتها على الحكم في غزة”.

وبينما يقول الجيش الإسرائيلي إنه على وشك تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس أو الإضرار بها بشكل خطير، لم تقترح حكومة نتنياهو أية خطة واضحة للإدارة المدنية لغزة بعد الحرب.

وخلال لقاء تلفزيوني، أكد نتنياهو أنه سيتعين على الجيش الحفاظ على السيطرة الأمنية الشاملة على قطاع غزة. واستبعد اقتراحا دفعت به إدارة بايدن يقضي بتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *