عمّان- أُسدل الستار في الأردن على الدعوى التي رفعها حزب “الشراكة والإنقاذ” بحق الهيئة المستقلة للانتخاب، وطالب فيها بإلغاء قرار حلّه.
ويأتي ذلك بعدما صادقت المحكمة الإدارية العليا، أمس الثلاثاء، على قرار يقضي بالموافقة على قرار مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بحل الحزب حكما.
ويعد هذا القرار قطعيا غير قابل للنقض لصدوره من أعلى محكمة إدارية في البلاد، وهو ما ينهي مسيرة الحزب التي استمرت منذ تأسيسه في العام 2017، حيث تولّى حينها منصب الأمين العام فيه الوزير السابق والخبير الدستوري محمد الحموري، وتلاه المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن سالم الفلاحات.
وفي عام 2022 صدر قانون الأحزاب، الذي طالب جميع الأحزاب القائمة بتصويب أوضاعها، ووفقا لـ”الشراكة والإنقاذ” المقرر حلّه، فإنه “سرعان ما عمل على تصويب أوضاعه، غير أنه واجه معوقات وتدخلات من جهات حكومية لعرقلة جهوده، والضغط على أعضائه للانسحاب، لكنه استطاع جمع العدد المطلوب من المؤسسين”، ورغم ذلك جاء قرار الهيئة المستقلة بحل الحزب لعدم استيفاء المطلوب، مما دعا القائمين عليه إلى الطعن في القرار.
إشكالية التصويب
ووفقا لمجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، فإن هذا القرار يأتي لعدم تمكّن الحزب من تصويب أوضاعه، عبر عقد مؤتمر عام تتوافر فيه الشروط الواردة في قانون الأحزاب السياسية الأردنية، في حين يرى محللون أن تضييقات قد مُورست على الحزب لوضع عراقيل أمام تصويب أوضاعه.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب محمد الرواشدة “ليس لنا أن نقول إن هذا قرار سياسي، خاصة بعدما صدر قرار قضائي قطعي في هذا الموضوع”. مضيفا أن “الهيئة المستقلة -وعلى العكس مما يُقال- تريد لهذا النوع من الأحزاب أن يكون موجودا، لأن التعددية تنقذ الحياة الحزبية في البلاد”.
وحول ما يذكره الحزب بشأن تضييقات من قِبل جهات مختلفة، لا سيما الضغط على الأعضاء من أجل تقديم استقالاتهم لكي لا يتسنى للحزب الوصول للأرقام المطلوبة، قال الرواشدة “ليست الهيئة المستقلة للانتخاب من تُسأل عن هذا الموضوع”.
وأشار الرواشدة إلى أن الهيئة المستقلة للانتخاب لا تملك التعليق على أي حكم قضائي، ولا تُعلق على حالة بعينها، كما أن الهيئة المستقلة للانتخاب لا تعلق على حكم قضائي يفصل في طبيعة عملها.
وتابع الرواشدة “لقد اتهم الحزب الهيئة المستقلة للانتخاب بأنها لا تطبّق القانون بحياد، وفي ذلك اتهام صريح، وهو ليس رأي يمكن تقبله ومناقشته، فجميع الأحزاب التي اعتُبرت محلولة، سواء التي لجأت للطعن بالقضاء أو التي أقرت بسلامة أحكام القانون، لم توجّه هكذا اتهام للهيئة، لكن حزب الشراكة والإنقاذ سعى لتفسير أحكام القانون وفق قناعاته وعلى هواه، وسعى في بعض المفاصل لتقديم معلومات غير دقيقة للإعلام والرأي العام”.
يُذكر أنه إضافة لحزب الشراكة والإنقاذ، قرر مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن حل 18 حزبا آخر، لم تتمكن من تصويب أوضاعها، أو لم تتقدم أصلا بطلب التصويب، وقد نشرت الجريدة الرسمية هذه القرارات.
“حالة فريدة”
بدوره قال الأمين العام لحزب الشراكة والإنقاذ سالم الفلاحات للجزيرة نت “إن الحزب شكّل حالة ونظرة جديدة، جمعت مجموعة من أطياف مختلفة بعد الربيع العربي، لتجربة إمكانية العمل المشترك بين المواطنين، حتى مع تعدد خلفياتهم الفكرية وتنوعها، إذ رأى الحزب أن العمل الوطني المشترك هو الأساس، منطلقا من أن الشعب مصدر السلطات، وليس لأحد في الوطن أن ينفرد بتسيير دفة الحكم”.
وأضاف “كانت الفكرة صادمة ولافتة للنظر، إذ كيف لشخص مثل سالم الفلاحات بخلفيته الإسلامية أن يعمل مع قومي ناصري ووزير سابق مثل الدكتور الحموري (رحمه الله)، وغيره من المتقاعدين العسكريين واليساريين والوسطيين؟ لكن من فكّروا بهذا العمل وجدوا أنه الأجدى للوصول لحالة عمل وطني جامعة، بدلا من تصارع الأحزاب السياسية على اختلاف خلفياتها، وهو ما تعمل السلطات أحيانا على تعميقه”.
وتابع الفلاحات أن “الحزب تعرّض باستمرار لمضايقات رسمية، وضغوطات على أعضائه للاستقالة، وتمت محاولة شيطنته كونه شكّل حالة فريدة ملاصقة لنبض الشارع دون مواربة أو رضوخ، وجمع مختلف شرائح المجتمع على أسس وطنية، تقوم على سلطة الشعب وفقا لأحكام الدستور”.
وأكد الفلاحات أنه تم تسجيل 300 عضو بعد ساعات من قرار حلّ الحزب، وذلك للتقدم بطلب لإنشاء حزب جديد يحمل نفس الاسم والمبادئ، معتبرا ما يحصل “جولة من نضال طويل لترسيخ النهج الديمقراطي الأردني، واستعادة ما نص عليه الدستور من أن السلطة للشعب”.