عقوبات أميركية على كتيبة إسرائيلية.. هل تفعلها واشنطن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- في يناير/كانون الثاني 2022 اُعتقل عمر الأسد البالغ 78 عاما -والذي يحمل الجنسيتين الفلسطينية والأميركية- عند نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة من قبل جنود من كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتوفي عمر الأسد بعد قليل بعد تقييد جنود الكتيبة له، وعبرت واشنطن عن غضبها حينذاك ولم تتخذ أي إجراء ضد جنود وضباط الكتيبة، خاصة بعدما ذكر الجيش الإسرائيلي أن ما جرى نتج عن عدم تعاون عمر في التحقيق معه.

وبعد أكثر من عامين من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة تطبيقا لقانون “ليهي” الذي مُرر عام 1999، ويطالب بمعاقبة الوحدات العسكرية التابعة للبلدان التي تتلقى دعما أميركيا والتي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية والسفارة الإسرائيلية في واشنطن قد حذرتا الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء منذ أشهر من أن مثل هذا السيناريو (العقوبات) ممكن، وأوصتا باتخاذ خطوات عاجلة لمنعه، ولكن يبدو أن الجهود الإسرائيلية قد باءت بالفشل.

وترى إسرائيل -كما جاء على لسان وزير دفاعها- “أن أي عقوبات من هذا القبيل ستكون خطأ لأنها ستضر بشرعية إسرائيل في وقت الحرب، وأنها غير مبررة لأن إسرائيل لديها نظام قضائي مستقل وجيش يحافظ على القانون الدولي”.

وسبق أن فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات المرتبطة بالمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بسبب تكرار الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين.

فرض العقوبات

وفي حديث للجزيرة نت، أشارت خبيرة السياسة الخارجية الأميركية آسال راد إلى تقارير نشرها موقع “بروببليكا” عن محاولة الوزير بلينكن التستر على ممارسات هذه الكتيبة عن طريق رفض “توصيات من العديد من مسؤولي وزارة الخارجية لأشهر عدة لفرض عقوبات على الكتيبة”.

بالمقابل، اعتبرت الأستاذة في جامعة مدينة نيويورك ديانا غرينوالد أن هذه العقوبات طال انتظارها، وطال انتظار تطبيق قانون ليهي على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت ديانا إلى أن “القانون لا يغطي سوى مجموعة معينة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويبدو أن الولايات المتحدة لن تطبقه إلا على عدد قليل من الوحدات والكتائب على الأكثر”.

وتضيف أن “قرار الولايات المتحدة المتأخر بإنفاذ قوانينها لن يعيد الحياة للسيد عمر الأسد أو غيره من الفلسطينيين الذين قتلوا خارج نطاق القضاء على أيدي قوات الاحتلال، ومع ذلك سيكون خطوة مهمة، لأنه يظهر أن الرئيس جو بايدن لم يعد يشعر أنه يستطيع تجاهل أغلبية الناخبين في حزبه الذين يؤيدون ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل”.

عقوبات رمزية

ردود فعل السياسيين الإسرائيليين جاءت معبرة عن قلق واضح داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلي من سابقة فرض عقوبات أميركية على أحد الوحدات العسكرية العاملة، وما قد يربط ذلك مستقبلا بمحاكمات بشأن الفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال حاليا داخل قطاع غزة.

ورأت ديانا أنه “ليس من المستغرب أن يشعر القادة الإسرائيليون من مختلف الأطياف -بمن في ذلك رئيس الوزراء نتنياهو والوسطيون مثل بيني غانتس ويائير لبيد- بالقلق من خسارة الشيك على بياض الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة”.

بالمقابل، يعتقد السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط أن هذه الخطوة تمثل “سببا آخر إضافيا لإدارة بايدن لدعم فكرة الانتخابات المبكرة في إسرائيل، ومن المحتمل أن يحاول نتنياهو إثارة أنصاره في الولايات المتحدة، لكن بايدن اختار أفضل فرصة لإظهار استعداده لاستخدام العصا وكذلك الجزرة في علاقاتنا مع الشعب الإسرائيلي”.

أما خبير الشؤون العسكرية مايكل بيك فقال في حديث للجزيرة نت إن “تأثير العقوبات سيكون رمزيا في الأغلب، لكنه مزعج للجيش الإسرائيلي، ويتعين على نتنياهو أن يعارض العقوبات أو يخاطر بفقدان الدعم السياسي المحلي، لكنني لن أتفاجأ إذا تم حل كتيبة نيتسح يهودا في نهاية المطاف”.

ويرى الخبير في مركز ديمقراطية الشرق الأوسط بواشنطن سيث بيندر للجزيرة نت أنه “في حين أن إنفاذ قانون ليهي ضد هذه الوحدة خطوة طال انتظارها ومرحب بها إلا أنها بعيدة كل البعد عما هو ضروري ومطلوب بموجب القانون، فهذه الوحدة ليست فريدة من نوعها بين القوات الإسرائيلية، ويجب على الإدارة تطبيق القانون على الفور إلى أقصى حد”.

وأضاف سيث أنه “وبطبيعة الحال اعترض نتنياهو على الأنباء التي تفيد بأن هذه الوحدة قد تكون ممنوعة من تلقي المساعدات العسكرية الأميركية، ولكن كما هو الحال في المواقف الأخرى التي اتخذ فيها بايدن بعض الخطوات المتواضعة نحو المساءلة ليس لدى نتنياهو خيار آخر سوى قبول ذلك، لأن حكومته لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في قدراتها العسكرية”.

تهدئة الغضب

وتأتي الخطوة الأميركية المتوقعة في وقت تشهد فيه الجامعات الأميركية حراكا طلابيا ضخما امتد إلى العشرات منها في إطار حملات احتجاجية على موقف إدارة بايدن من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية بايدن بين فئة الشباب، وتزايد تعاطف الشباب مع القضية الفلسطينية في الوقت ذاته.

واعتبرت الخبيرة راد أن “هذه التدابير تعد من محاولات العلاقات العامة من قبل إدارة بايدن لتهدئة الغضب المحلي المتزايد من سياساتها تجاه غزة وإسرائيل، نظرا لأن الجامعات الأميركية أصبحت مركزا آخر للاحتجاج، والاهتمام الوطني ينصب على قمع الاحتجاجات، وهو ما يعكس صورة غير جيدة لبايدن، ونحن على بعد بضعة أشهر من الانتخابات”.

وتقدم إدارة بايدن دعما غير مشروط لإسرائيل -سواء كان تسليحيا أو سياسيا أو دبلوماسيا أو ماليا- فقد وافق مجلسا الكونغرس (النواب والشيوخ) خلال اليومين الأخيرين على حزمة مساعدات إضافة إلى إسرائيل تتخطى قيمتها 20 مليار دولار.

وتؤكد الخبيرة أسال راد أن “ما تسمى المواجهة بين بايدن ونتنياهو ليس لها معنى يذكر على أرض الواقع، وكررت إسرائيل مرارا وتكرارا أنها ستفعل ما تراه مناسبا بغض النظر عن وجهات النظر الأميركية، والتي تواصل من جانبها تقديم الدعم لإسرائيل بلا توقف”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *