طلاب جنوب لبنان يواجهون الامتحانات على وقع القصف والتصعيد

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

جنوب لبنان- انعكس التصعيد العسكري المستمر والمتبادل على حدود جنوب لبنان، للشهر التاسع على التوالي، على مستقبل آلاف الطلاب جنوب لبنان، حيث سيخضع هؤلاء للامتحانات الرسمية المقررة في 21 يونيو/حزيران الحالي للتعليم المهني والتقني، وفي 29 يونيو/حزيران للثانوية العامة بكافة فروعها.

وقد حسمت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية قرارها بإجراء الامتحانات لطلاب الجنوب دون تأجيل أو تعديل بسبب العدوان الإسرائيلي، بعد سجال طويل حول ضرورة أخذ واقع هؤلاء الطلاب بعين الاعتبار واعتماد امتحانات استثنائية لهم.

ومن المقرر أن تنطلق هذه الامتحانات في مختلف محافظات لبنان بعد أيام قليلة، وهي امتحانات موحدة لكافة الطلاب، بمن فيهم الذين نزحوا من المناطق الحدودية التي كانت أكثر عرضة للاعتداءات الإسرائيلية.

الطلاب غير مستعدين

“نحن مدمرون ومعنوياتنا في الحضيض” بهذه الكلمات وصفت طالبة الثانوية العامة حوراء مياسي استعداداتها للامتحانات الرسمية الأسبوع المقبل. وتعيش حوراء حاليا مع 4 عائلات في منزل واحد في بلدة كفر صير قضاء النبطية جنوب لبنان، وذلك بعد أن نزحت من بلدة ميس الجبل.

وتحدثت الطالبة للجزيرة نت عن معاناتها قائلة “لم نتعلم في أي يوم دراسي بشكل حضوري هذا العام، وبعد شهرين من بدء العام الدراسي، بدأنا متابعة الدراسة عبر الإنترنت، ونتلقى تسجيلات صوتية على الهاتف ونحاول الدراسة من خلالها فقط”.

وأعربت حوراء عن قلقها الشديد حيال الامتحانات المقبلة قائلة “تبقى لنا أسبوع فقط ونحن غير مستعدين ونفسيتنا متعبة للغاية، فقدنا ثلاثة من أساتذتنا وتلميذا في مدرستنا نتيجة القصف الإسرائيلي، كيف يمكننا التقدم للامتحانات بهذا الوضع؟”.

وأضافت “تم توزيعنا لتقديم الامتحانات في مراكز قريبة من الحدود مثل تبنين، ولم يتفهمنا أحد، ولم يتم توفير وضع خاص لنا، وتمت معاملتنا مثل طلاب لبنان الذين درسوا طوال العام وأكملوا المنهج بالكامل”.

وتشير حوراء إلى أن معظم الطلاب النازحين قرروا عدم التقدم للامتحانات “لأن الوصول إلى مراكز التقديم يشكل خطرا، وإسرائيل لا ترحم”.

طلاب الجنوب يستعدون للامتحانات الرسمية تحت وقع القصف (الجزيرة )

هواجس أولياء الأمور

بالمقابل، لم تستطع والدة حوراء السيطرة على خوفها وقالت باستياء “ابنتي غير جاهزة لتقديم الامتحانات، كيف لي أن أرسلها إلى مركز التقديم في تبنين بينما تتعرض المناطق المجاورة للقصف”.

وترفع الوالدة صرختها باسم الأمهات إلى وزير التربية “هل أرسل أولادنا إلى الموت من أجل الحصول على الشهادة الرسمية؟ الطريق محفوف بالمخاطر، وإسرائيل تستهدف السيارات والدراجات النارية، ماذا لو استهدفت باص مدرسة؟ هل يتحمل الوزير مسؤولية أمن أولادنا؟”.

طلاب صامدون

من جهة أخرى، بقيت الطالبة في قريتها بنت جبيل التي تبعد حوالي كيلومتر واحد عن الشريط الحدودي ولم تنزح، وتواجه تحديات يومية صعبة: انقطاع الكهرباء والإنترنت وهما أبرز المشكلات التي تعيق قدرتها على الدراسة بشكل منتظم، مما يضيف عبئا إضافيا على استعداداتها للامتحانات الرسمية.

وتضطر حوراء للدراسة تحت أصوات القصف المستمر، مما يزيد من صعوبة التركيز والاستعداد للامتحانات، وتشير للجزيرة نت إلى أن الأوضاع الأمنية المتدهورة بالمنطقة تسببت أيضا في استشهاد بعض أقاربها وجيرانها، فضلا عن زملاء من المدرسة”.

وتتابع “في ظل هذه الظروف القاسية، أطلب من وزير التربية منح طلاب الجنوب استثناء خاصا وإعطاءهم إفادات” معربة عن أملها في أن تؤخذ هذه الظروف بعين الاعتبار لضمان حقهم في التعليم رغم التحديات الكبيرة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر.

طلاب الجنوب يستعدون للامتحانات الرسمية تحت وقع القصف (الجزيرة )
طباجة يستعين بصديق للدراسة قبل أسبوع من الامتحانات (الجزيرة)

إفادة أو أسئلة اختيارية

لا يختلف الحال كثيرا في مراكز الإيواء، حيث لم يتوقع الطالب محمد طباجة أن تطول مدة نزوحه، حيث نزح من منزله في بلدة العديسة دون كتب أو مستلزمات الدراسة الأساسية، ويقول للجزيرة نت “بدأت بالدراسة منذ أسبوع فقط، بمساعدة صديق لي من منطقة دير الزهراني، والذي يأتي إلى مركز الإيواء ويحضر كتبه ليساعدني”.

ويضيف “الامتحانات ستبدأ بعد أقل من أسبوع، وأنا لست مستعدا، كيف يمكنني الاستعداد في أسبوعين لتقديم منهج لعام دراسي كامل، ودون حضور دروس بشكل منتظم؟.. نحن تحت ضغط كبير وحالة نفسية صعبة جدا، فمن الصعب التركيز في ظل كل ما يحدث”.

وطالب طباجة وزير التربية القول إنه إذا لم يرغب في منح إفادات لطلاب الجنوب، فيجب على الأقل تخفيف المناهج وتبسيط الامتحانات ووضع أسئلة اختيارية “يجب مراعاة وضعنا الخاص في الحرب والضغوط النفسية”.

قرارات رسمية

في المقابل، أكد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أن الامتحانات الرسمية ستجرى في مواعيدها المحددة، مع مراعاة الظروف السائدة في البلاد، خصوصا في المناطق الحدودية.

وأعلن الحلبي في وقت سابق أن الامتحانات الموحدة للشهادة الثانوية ستشمل جميع طلاب لبنان، مؤكدا عدم فصل الجنوب عن باقي المناطق وعدم التسبب بالتمييز.

في الإطار نفسه، أكد رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حيدر إسماعيل للجزيرة نت أن أكثر من 80% من الطلاب حصلوا على المعلومات من خلال الحضور الشخصي في المدارس الثانوية التي التحقوا بها أو عبر التعلم عن بعد.

وأضاف أنه تم التواصل مع وزير التربية لمناقشة مستجدات طلاب الجنوب والأساتذة، حيث تم التأكيد على الحرص الشديد على إجراء الشهادة الرسمية بأمان والحفاظ على مستواها، وتم وضع خطة طوارئ محكمة لضمان سير الامتحانات بأمان.

وفيما يتعلق بمستقبل الطلاب وأمنهم، شدد أسماعيل على ضرورة قيام جميع الأجهزة بتأمين الأجواء الملائمة للطلاب “ونحن نثق بطلابنا ونثق بكل طالب في الجنوب وهم على أكمل الاستعداد لذلك”.

بدورها، أصدرت المديرة العامة للتعليم المهني والتقني هنادي بري -قبل أيام- تعميما يسمح للتلاميذ المرشحين للامتحانات الرسمية بمحافظة الجنوب والنبطية بالدخول إلى أي مركز امتحان آخر وإجراء الامتحانات الرسمية فيه، على أن يتم إبلاغ مصلحة المراقبة والامتحانات بهذا فورا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *