قالت صحيفة صنداي تايمز إن العديد من سكان سان فرانسيسكو يرون أنه رغم أن مسيرة كامالا هاريس المهنية قد انتهت بعد 4 أشهر من بدايتها وأنها لم تنشغل إلا بقضية واحدة كمدعية عامة، لكنها كانت على “موعد مع القدر” حسب تصورهم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم ميغان أغنو من سان فرانسيسكو- أن هاريس، المدعية العامة المنتخبة حديثا للمدينة في أول تعيين سياسي لها، تلقت مكالمة هاتفية بأن ضابط الشرطة إسحاق إسبينوزا (29 عاما) توفي بعد إطلاق النار عليه 14 مرة أثناء تأدية واجبه.
وبصفتها المدعية العامة الرئيسية، اختارت هاريس عدم السعي إلى عقوبة الإعدام لقاتله، ودفعت بدلا من ذلك إلى السجن مدى الحياة دون الإفراج المشروط، تماشيا مع وعد بعدم السعي مطلقا لعقوبة الإعدام.
وكان الصراخ فوريا، وتجمع الآلاف من ضباط الشرطة بالزي الرسمي خارج الكنيسة حيث أقيمت جنازة إسبينوزا. وبالداخل، ألقت ديان فينشتاين عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا آنذاك خطابا حماسيا قالت فيه إن القتل يستحق عقوبة الإعدام، وبقيت هاريس في مقعدها جالسة ووقف الجميع للتصفيق.
وتحدث العشرات للصحيفة عن قضية إسبينوزا كحدث محوري فترة ولاية هاريس مدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو وولاية كاليفورنيا، وعدها بعضهم لحظة من الصدمة السياسية الهائلة التي كان يخشى ألا تنجو منها، ولكنها كانت أيضا نقطة تحول جاء بعدها عقد من العمل الدؤوب والحظ السعيد والموقف السياسي الدقيق، حسب رأيهم.
بداية هاريس
بدأت هاريس حياتها المهنية القانونية -كما تقول الصحيفة- عام 1990 كمحامية في مكتب المدعي العام في ألاميدا، ثم انتقلت إلى سان فرانسيسكو عام 1998، حيث قررت الترشح لمنصب المدعي العام، رغم أنها شخصية غير معروفة نسبيا، وارتفعت حصتها من الأصوات خلال حملتها من 6% إلى 56%، لتتولى منصبها عام 2004 في سن 39 عاما.
وبصفتها المدعي العام، أشرفت هاريس على عدد 105 من محامي الادعاء، وكان يُنظر إليها على أنها معتدلة، رغم أن حالات الإدانة ارتفعت خلال فترة توليها منصب المدعي العام، من 52% إلى 71%، وتضاعفت حالات الإدانة بالجرائم المتعلقة بالأسلحة النارية إلى أكثر من الضعف، حيث بلغت 92%.
بعد فترة ولاية ثانية، أعلنت هاريس عام 2010 أنها ستترشح مرة أخرى، إلا أنها كانت الأضعف، ولكن الحظ حالفها عندما ارتكب خصمها ستيف كولي المدعي العام في لوس أنجلوس خطأ فادحا، وحول فريقها ذلك إلى إعلان هجومي قلب الموازين، لتفوز بفارق 0.85 نقطة.
وسارعت هاريس إلى العمل على القضايا التي من شأنها أن تمنحها مكانة وطنية، ففي أعقاب الأزمة المالية، أثناء التفاوض على صفقة مع 5 مقرضين رئيسيين لمساعدة أصحاب المساكن الذين يكافحون لسداد أقساط الرهن العقاري، رفضت عرض التسوية من البنوك، مما دفعهم إلى زيادة الدفعة المقدمة لسكان كاليفورنيا من 4 مليارات دولار إلى 20 مليارا.
وقالت نانسي أومالي، المدعية العام لولاية ألاميدا ورئيسة هاريس السابقة إن الأخيرة “كانت تفعل الكثير على المستوى الوطني، وكانت في دائرة الضوء. كان ذلك ذكيا حقا من الناحية السياسية” وأضافت أنها كانت على علاقة قوية مع الرئيس باراك أوباما.
موعد مع القدر
بصفتها المدعي العام، تجنبت هاريس المواقف السياسية في التشريع، ولم تتخذ موقفا من الاقتراح رقم 47، المثير للجدل الذي خفف العقوبات على الجرائم البسيطة، ولا من التحقيقات في عمليات إطلاق النار المميتة من قبل الشرطة، ولا من تقنين القنب الترفيهي، وقد لقيت انتقادات بسبب ذلك.
وفي مكتبها، كان هناك الكثير من العمل لحماية سجل هاريس المستقبلي، وفقا لجيل دوران الذي تم تعيينه مديرا للاتصالات عام 2013، الذي قال “يرجع ذلك في الغالب إلى فكرة أن هاريس كانت على موعد مع القدر في مرحلة ما، كنا نعتقد أنها ستصبح حاكمة، لذلك كانت هناك رغبة في القيام بكل الخطوات الصحيحة، مما تسبب في الكثير من القلق”.
وخلال فترة ولاية هاريس كنائب عام، وقعت عشرات من عمليات القتل على أيدي ضباط الشرطة، لكن مقتل ماريو وودز (26 عاما) تسببت في غضب خاص، بعد تداول مقطع فيديو يظهر أن ضباط الشرطة واجهوا وودز بعد أن بدا أنه يتطابق مع وصف المهاجم، وبعد أن سحب سكينا، أطلقوا عليه النار أكثر من 15 مرة.
ولم يوجه مكتب المدعي العام في سان فرانسيسكو اتهامات للضباط، لأنه وجد أن وودز شكل تهديدا معقولا، ودعت والدته مكتب هاريس للتدخل، وهي لا تزال تعتقد أن هاريس كان ينبغي أن تكون أكثر صرامة بشأن وحشية الشرطة، وقالت “لم تتحدث هاريس. وكان ينبغي لها ذلك”.
وخلال فترة ولايتها الثانية في يناير/كانون الثاني 2015، شهدت هاريس لحظة أخرى من الحظ السياسي، عندما أعلنت باربرا بوكسر تقاعدها من عضوية مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، وقال غافين نيوسوم نائب حاكم الولاية آنذاك إنه لن يترشح لهذا المقعد لأنه كان يأمل في أن يصبح حاكما، وهو ما بدا أنه الطريق الأكثر وضوحا إلى البيت الأبيض.
وبعد أيام، أعلنت هاريس ترشحها لمجلس الشيوخ، وكانت تلك نقطة انطلاقها إلى منصب نائب الرئيس، ثم إلى الترشح للرئاسة. ويقول جون بيتني أستاذ العلوم السياسية في كلية كليرمونت ماكينا “لقد كانت حذرة لأنها أرادت بناء مسيرة سياسية”.