صداع لواشنطن وللإسرائيليين.. ماذا تعرف عن الناشطة حزامي برمدا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

واشنطن- من خيم الاعتصام أمام منزل وزير الخارجية أنتوني بلينكن في منطقة ماكلين الراقية بولاية فرجينيا، إلى غرس الأعلام الفلسطينية حول السفارة الإسرائيلية بواشنطن، مرورا بوقفات احتجاجية أمام مقر “سي إن إن”، ومطاردة أعضاء الكونغرس بين مباني مجلسي النواب والشيوخ، تقف حزامي برمدا بقدرات تنظيمية وتخطيطية لافتة جعلت منها عنوانا ومرجعا لحركة الاحتجاجات التي تشهدها واشنطن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل 6 أشهر.

وقبل 6 سنوات، عرضت دورية “شير أميركا”، التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، ملفات شخصية لـ3 رائدات أعمال أميركيات من أصول عربية، إحداهن كانت حزامي برمدا، ووصفتهن الدورية بأنهن “تركن بصماتهن في المجتمع الأميركي”. وخلال هذا العرض قالت برمدا “الكثير من النجاح الذي نحققه إنما هو مدفوع بالصوت النابع من داخلنا”.

كما استعانت وزارة الخارجية الأميركية بهذه السيدة ضمن برامجها المتعلقة بالدبلوماسية الشعبية، وهي برامج تعرض تجارب ناجحة لأميركيين مميزين في مجالاتهم المختلفة.

وبدلا من الاقتراب من دوائر النفوذ والحكم في واشنطن، انتقلت برمدا مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى قيادة حركة احتجاجات واسعة ضد موقف إدارة الرئيس جو بايدن الداعمة لإسرائيل.

برمدا تحدثت عما يعانيه أطفال وسكان غزة من عدوان وتجويع وحرب إبادة جماعية (الجزيرة)

تأثير النشأة

ولدت حزامي برمدا (من أصول سورية فلسطينية) في مدينة مانشستر بإنجلترا، وسافرت حول العالم حتى انتهت إلى الاستقرار في الولايات المتحدة. حصلت على البكالوريوس في الأنثروبولوجي وعلم الاجتماع من كلية رودس، واستكملت دراساتها العليا في السياسة العامة والاجتماعية في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، وبعد ذلك حصلت على الماجستير من جامعة هارفارد في السياسة العامة والإدارة.

وخلال السنوات القليلة الماضية شاركت في العديد المبادرات والأنشطة الهادفة لبناء ودعم القدرات البشرية والمؤسسية، وعملت كاستشارية في منظمة الأمم المتحدة، وقدمت خبرتها العملية للعديد من المنظمات غير الربحية، ولشركات كبرى.

وتقول برمدا “نشأتي في عائلة لاجئة، والهجرة والسفر حول العالم، وفقدان منزلي في إعصار كاترينا، ومشاهدة الحرب في مدينة حلب بسوريا حيث تشرد أحبائي ودمرت ذكريات طفولتي، كل ذلك جعلني الشخص الذي أنا عليه. لقد مكنتني تجربتي من تحويل ألمي إلى قناعة عميقة بأننا كبشر، لا يمكننا أن نتسامح مع عالم يسمح للكثيرين بأن يعيشوا حياة تتسم بمثل هذا الظلم القاسي”.

وتشير برمدا في حديثها مع الجزيرة نت إلى أن هدفها من استمرار الاحتجاجات والاعتصامات تذكير الأميركيين بالعواقب الكارثية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي تدعمه بالمال والسلاح إدارة بايدن.

ولبرمدا طفل عمره 18 شهرا، وذكرت أن الدعم الكبير الذي يوفره لها زوجها، عمليا ومعنويا، يسمح لها بالتفرغ لهذا الدور الفاضح لما يقوم به العدوان الإسرائيلي، وما تقوم به إدارة بايدن من دعم لإبادة جماعية تعرضها الشاشات لحظة بلحظة.

احتجاجات بطرق مبتكرة

تقليديا يختار المحتجون في العاصمة الأميركية تنظيم مظاهرات حاشدة في منطقة الحديقة الوطنية (National Mall) الواقعة بين نصب الرئيس السابق أبراهام لينكوكن ومبنى الكابيتول (الكونغرس)، أو يختارون الاحتشاد والتظاهر قبالة البيت الأبيض.

ومؤخرا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة حركة الاحتجاجات الرئيسية. لكن برمدا اختارت أساليب مختلفة في إطار قيادتها لحركة احتجاجية شعبية بدأت صغيرة إلى أن توسعت بصورة كبيرة ومؤثرة.

وأمام منزل وزير الخارجية المطل على نهر البوتوماك، يعتصم العشرات من المعارضين للدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بقيادة برمدا. ويلقي هؤلاء سوائل حمراء (لون الدماء) على سيارات الوزير وعائلته في محاولة للفت النظر لجرائم الإبادة الجماعية المقترفة ضد سكان القطاع.

ويهدف المحتجون كذلك إلى الضغط على بلينكن من خلال تذكير أطفاله بما يعانيه آلاف الأطفال ممن هم في عمرهم على يد الجيش الإسرائيلي بسلاح أميركي، ويسمي المحتجون منزل بلينكن بـ”كيبوتس (مستوطنة) بلينكن”.

وعن وقفتها المستمرة أمام منزل وزير الخارجية، وجهود تعريف عائلة الوزير وخاصة أطفاله الصغار بما يجري لأطفال مثلهم من قتل وقصف بدعم إدارة والدهم، تقول برمدا “لقد قصفت إسرائيل أحياء بأكملها، وفقد أطفال تحت الأنقاض، علينا أن نخبرهم بالحقائق الوحشية والهمجية للحرب”.

وأثناء مشاركتها في الاعتصام خارج منزل بلينكن، وأثناء خروج سيارة تقل الأطفال (غالبا لمدارسهم) صاحت برمدا ومن معها من مشاركين “والدك قاتل أطفال” ولوح البعض بلافتات كتب عليها “مجرم الحرب الدموي بلينكن يعيش هنا”.

وعلى بعد 5 أميال من كيبوتس بلينكن، نظمت برمدا اعتصاما مماثلا أمام السفارة الإسرائيلية في قلب العاصمة عقب إشعال آرون بوشنل، العامل بالقوات الجوية، النار في نفسه احتجاجا على سياسة بلاده الداعمة لإسرائيل. وقد توفي بوشنل بعد 7 ساعات من الحادث في المستشفى نتيجة إصابته بحروق بليغة.

وأقام المحتجون ما يعتبرونه نصبا تذكاريا رمزيا في المكان الذي شهد وفاته، إلا أنه وفي اليوم التالي اكتشف بعض النشطاء قيام أمن السفارة الإسرائيلية بإزالة ذلك النصب التذكاري الرمزي والبسيط.

وتهدف برمدا ورفقاؤها إلى إيصال رسالة قوية ومباشرة للشعب الأميركي بحجم الغضب على الجرائم المرتكبة في غزة بدعم وتسليح أميركي.

قدم ناشطون، وعلى رأسهم برمدا، مشهدا تمثيليا أمام البيت الأبيض في واشنطن، يجسد دموية القصف الإسرائيلي على غزة بغرض نشر الوعي حول الحرب التي يشنها الاحتلال على القطاع وبدعم أميركي. مما نال اهتمام الكثير من الشبكات الإعلامية.

ونظمت برمدا كذلك وقفات احتجاجية مختلفة واعتصامات أمام مقار العديد من الشبكات الإخبارية احتجاجا على تغطيتها غير المتوازنة تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ثمن متوقع

وعن الثمن الذي قد تدفعه نتيجة قيادتها لحركة الاحتجاجات الواسعة في مختلف أنحاء العاصمة، قالت برمدا “لا أعرف ماذا ينتظرني بعد انتهاء هذه المرحلة، كما تعرف أنا درست في جامعة هارفارد، وهذا يسهل من التعرف على مؤثرين ومن هم أصحاب النفوذ في مختلف المجالات. وتقليديا لا يجد خريجو جامعة هارفارد أي مشكلة في العمل، لكن في ظل هذه الأوضاع لا أعرف ماذا يخبئ القدر”.

وعن تعرضها لمضايقات أو تهديدات، أشارت إلى أنها وقعت ضحية عدة اعتداءات لفظية أو باستعمال العنف. وأشارت إلى أنها رفعت 3 قضايا أمام المحاكم ضد حراس بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن ممن اعتدوا عليها وعلى زملائها في محاولة لإنهاء الاعتصام المستمر خارج السفارة.

وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقفت برمدا عند تقاطع شارعي إم وويسكونسن وهي ترفع لافتة تدعو لوقف العدوان الإسرائيلي، وتفاجأت بسيدة تصرخ في وجهها “يجب حرقك وسجنك وترحيلك”، واستخدمت ألفاظا مسيئة.

وتأمل برمدا أن تقود الاحتجاجات في واشنطن وبقية أنحاء الولايات المتحدة إلى إيقاظ وعي الشعب الأميركي لما تقوم به حكومته من دعم كامل لإبادة جماعية ضد مدنيين عزل في غزة أغلبهم من الأطفال والنساء.

وكتبت حزامي في 23 يناير/كانون الثاني الماضي على منصة إكس تعليقا على حديث بايدن عن حقوق النساء، وقالت “لمدة 18 دقيقة تأكدنا من أن الرئيس بايدن يعرف أن حملته لا يمكن أن تُبنى على خلفية الإبادة الجماعية في غزة. لا يمكنك التحدث عن حقوق المرأة وعدم تضمين جميع النساء. سيكون إرثك دائما أنك رئيس إبادة جماعية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *