صحيفة روسية: كيف ينبغي لنا أن نفسر ما جرى في سوريا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية مقالا للكاتب تيموفي بورداشوف، تناول فيه كيفية تعامل روسيا مع التجربة السورية، مؤكدا أن القدرة على الاعتراف بأن الأحداث تتطور أحيانا بشكل غير مرغوب فيه بالنسبة لروسيا، كما هو الحال في سوريا، يجب أن يقترن بالاستعداد التام لمواصلة النضال والثقة في قدرات البلد الإستراتيجية.

وأشار بورداشوف إلى أن الأحداث الدرامية في سوريا أصبحت بالفعل موضوعا للتأمل العميق والتقييمات العاطفية السطحية، موضحا أن ذلك يرجع إلى أن الأمر يتعلق بالعواقب المباشرة لانهيار النظام السياسي السابق لبشار الأسد في دمشق على المواقع الروسية في الشرق الأوسط.

وذلك إلى جانب الخسائر العسكرية التي تكبدتها روسيا على مدى 10سنوات في سوريا وحجم الموارد التي استثمرت فيها، واهتمام الجمهور في روسيا بالتطورات الجارية لأهميتها.

جهد مطلوب

وأضاف الكاتب أن الانهيار المفاجئ لنظام سياسي استثمرت روسيا الكثير من الجهد والموارد في الحفاظ عليه لم يكن قضية سهلة.

وما يزيد الوضع حساسية بالنسبة للروس أن الوجود العسكري الروسي المستقبلي في شرق البحر الأبيض المتوسط غير معروف لحد الآن، وهل سيستمر أم لا.

وتابع بورداشوف أن تحديد ما سيجري يتطلب مجهودا كبيرا على أعلى المستويات الدبلوماسية والسياسية، وذلك لأن احتمال تفكك سوريا نفسها وتحولها إلى ما يشبه الفوضى الليبية، لا يضمن احترام مصالح روسيا.

وأوضح الكاتب أن الموارد الإجمالية للغرب، خصم روسيا، أكبر من موارد روسيا، ولكن لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا الوضع سيستمر إلى الأبد.

وزاد أنه لا يوجد سبب للشك في أن الظرف السائد سيجبر الولايات المتحدة على وقف المقاومة والتوصل إلى نوع من “الصفقة الكبرى” مع روسيا.

الاعتراف ضرورة للانطلاق

ويؤكد الكاتب أنه مع الاعتراف بالانتكاسة التكتيكية -بالنسبة لروسيا- في الاتجاهين السوري أو الأرمني، يجب ألا يعتبر ذلك بأي حال من الأحوال سببا للتشكيك في القدرات الإستراتيجية لروسيا.

وأبرز أن الشرط الأساسي لذلك هو القدرة على الاعتراف بأن الأحداث تتطور أحيانا بشكل غير مرغوب فيه بالنسبة لروسيا. لكن يجب أن يقترن ذلك بالاستعداد التام لمواصلة النضال مع إدراك نقاط الضعف.

وأضاف الكاتب أن روسيا هنا ليست بحاجة إطلاقا إلى التركيز على تجارب الآخرين، فالتاريخ الروسي نفسه يقدم عددا كبيرا من الأمثلة التي يجب الاستفادة منها، وفي مقدمتها “النصر العظيم عام 1945 الذي هو الحلقة المركزية في تجربتنا الجماعية، التي توحد الشعب وتحدد كيف نرى دورنا في تاريخ البشرية”.

غير أن الكاتب بورداشوف استدرك قائلا: للمفارقة، إن هذه النقطة نفسها يجب التوقف عندها، مشددا على أن تصور الحرب العالمية كمثال للمواقف السياسية الخارجية الأخرى قد يكون ضارا وخطيرا.

العلَم لا يرفع دائما

وقال إن التوقع المستمر لرفع العلم الروسي “فوق الرايخستاغ”، ثم العودة بعدها بسعادة إلى العمل السلمي، يهدد نظريا بتأثير سلبي على الروح المعنوية للمجتمع، إذ لم تنته أي حروب سابقة بهذه الطريقة، وعلى الأرجح لن تنتهي الحروب الأكثر توترا في المستقبل بنفس الأسلوب.

وخلص الكاتب إلى أن روسيا دولة تشكلت أسس ثقافتها السياسية الخارجية في عصر كان فيه من المستحيل تماما التمييز بين الهزيمة والنصر، مبرزا أن لدى الروس -بهذا المعنى- قواسم مشتركة أكثر بكثير مع الأنغلوساكسون المعادين لروسيا أكثر من الأوروبيين الآخرين مثل الألمان أو الفرنسيين.

وقال بورداشوف إن روسيا يجب أن تنظر إلى أي انتصارات أو إخفاقات على الساحة العالمية وتتفاعل مع عواقبها بالاعتماد على تجربتها التاريخية الخاصة، بالواقعية اللازمة للمضي قدما في خطط حماية المصالح الروسية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *