فنَّد صحفي أميركي الروايات الإسرائيلية والأميركية حول وقائع الحرب الدائرة الآن في قطاع غزة، ووصفها بالكاذبة والمتطرفة.
وقال الصحفي جيريمي سكاهيل إن أحداث الأسبوع الماضي ينبغي أن تزيل أي شكوك بأن الحرب ضد الفلسطينيين في غزة ما هي إلا عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
واستدل على ذلك بوقوف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بمفردها -من بين دول العالم- ضد قرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار مستخدمة حق النقض (الفيتو).
وأشار في مقال بصحيفة (إنترست) الإلكترونية، إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كان مشغولا بالتحايل على مراجعة الكونغرس لقرار الإدارة تفعيل إعلان الطوارئ للموافقة على بيع 13 ألف قذيفة دبابات لإسرائيل.
بلينكن مجرد مروّج
ووفقا للصحفي الأميركي، فقد كان بلينكن يجوب أنحاء الشرق الأوسط، ويظهر على عشرات القنوات التلفزيونية في “جولة علاقات عامة” تهدف إلى الترويج لفكرة مفادها أنه يشعر بقلق عميق إزاء مصير سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وكان بلينكن صرح في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بأن “عددا كبيرا جدا من الفلسطينيين قد قُتل؛ وأن عددا كبيرا جدا قد عانى في الأسابيع الماضية، ونريد أن نبذل كل ما في وسعنا للحيلولة دون إلحاق الأذى بهم”.
وبعد شهر -ومع ارتفاع عدد القتلى بشكل كبير وتزايد الدعوات لوقف إطلاق النار- أكد بلينكن للعالم أن إسرائيل كانت تنفذ تدابير جديدة لحماية المدنيين وأن الولايات المتحدة كانت تفعل كل ما في وسعها لتشجيع إسرائيل على استخدام قدر أكبر قليلا من الاعتدال في حملة القتل واسعة النطاق.
ومنذ اللحظة التي وصف فيها بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”الصديق العظيم” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول فور وقوع هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، لم تكتفِ الولايات المتحدة، بإرسال مزيد من الأسلحة لدولة الاحتلال والدعم الاستخباراتي، بل وفرت لها أيضا غطاء سياسيا “حاسما” لحملة الأرض المحروقة التي تشنها “لإبادة” غزة باعتبارها أرضا فلسطينية.
أميركا متطرفة للغاية في دعمها لإسرائيل
واعتبر سكاهيل أن عبارات القلق والحذر التي خرجت من أفواه مسؤولي الإدارة الأميركية “في غير محلها”، في حين كانت كل أفعالهم تهدف إلى إلحاق مزيد من القتل والدمار بالفلسطينيين.
ووصف الدعاية الأميركية التي أطلقتها إدارة بايدن بـ”المتطرفة للغاية” أحيانا، حتى أن الجيش الإسرائيلي اقترح تخفيف حدتها قليلا.
وادعى بايدن “زورا” أنه شاهد صورا لـ”إرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال”، ثم نقل عن عمد هذا الادعاء -الذي لم يستوثق من صحته- على أنه حقيقة، وشكك علنا في أعداد القتلى الفلسطينيين.
وقال الصحفي الأميركي إن كل ما نعرفه عن تاريخ بايدن الممتد زهاء 50 عاما هو أنه تميّز بدعمه وتسهيله ارتكاب إسرائيل أسوأ الجرائم والانتهاكات.
هجوم حماس لا يبرر الحملة الإسرائيلية
وأضاف سكاهيل أن الطبيعة “المروعة” لهجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول لا تبرر بأي حال من الأحوال -لا أخلاقيا أو قانونيا- ما فعلته إسرائيل بالسكان المدنيين في غزة، الذين استُشهد منهم أكثر من 18 ألفا خلال 60 يوما، وأن لا شيء يبرر قتل الأطفال بذلك الحجم الكبير.
وأردف أن ما تقوم به إسرائيل يتجاوز بكثير أي مبادئ أساسية تتعلق بالتناسب أو الشرعية، وأن جرائمها تفوق ما ترتكبه حماس والجماعات الأخرى التي شاركت في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حسب قوله.
دفاع عما لا يمكن الدفاع عنه
ومع ذلك، يواصل بايدن وغيره من المسؤولين الأميركيين الدفاع “عما لا يمكن الدفاع عنه” بطرحهم فكرتهم “البالية والملتوية” حول حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
إن هذا التبرير -برأي سكاهيل- يصب في مصلحة إسرائيل وحدها، لأن الفلسطينيين لا يستطيعون إيقاع مثل هذا الدمار على إسرائيل وشعبها، ففلسطين “لا تملك جيشا، ولا سلاح بحرية، ولا قوة جوية، وليس هناك دول قوية لتمدها بأحدث المعدات العسكرية وأشدها فتكا، وليس لديها مئات الأسلحة النووية”.
وطبقا لمقال إنترسبت، فإن بمقدور إسرائيل أن تحرق غزة وسكانها، وتسويها بالأرض “لأن الولايات المتحدة تُسهِّل لها ذلك، سياسيا وعسكريا”.
الاستسلام أو الموت أو الفرار
وطوال الشهرين الماضيين، درج العديد من المسؤولين والمشرعين الإسرائيليين على الكشف عن نواياهم في التضييق على الفلسطينيين بشكل جماعي “لإجبارهم على الاستسلام، أو الموت، أو الفرار”.
وخلص سكاهيل إلى أن أي تحليل للحملة “الإرهابية” التي تشنها إسرائيل ضد شعب غزة لا ينبغي أن يبدأ بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول. “فأي تدقيق صادق للوضع الحالي يجب أن ينظر إلى السابع من أكتوبر/تشرين الأول في سياق الحرب الإسرائيلية التي دامت 75 عاما ضد الفلسطينيين وخلال العقدين الماضيين”.
منطق غير عقلاني
وبدمغ كل من يخالفها بمعاداة السامية، تطالب إسرائيل والمدافعون عنها الجميع بقبول منطقها الرسمي لتصرفاتها “غير العقلانية” باعتباره عملا مشروعا.
ويمضي الصحفي الأميركي إلى أنه لا يمكن للمرء مناقضة “جرائم” حماس أو الجهاد الإسلامي، أو أي فصائل مقاومة مسلحة أخرى، دون مسببات وجود تلك الحركات أولا وتلقيها هذا الدعم.
إن تدقيقا “حقيقيا” للأسباب التي تجعل جماعة مثل حركة حماس تكتسب شعبية بين الفلسطينيين، أو لماذا يلجأ الناس في غزة إلى الكفاح المسلح، لا بد أن يركز على الكيفية التي يرد بها المضطهدون على الظالم عندما يُجردون من كافة أشكال المقاومة المشروعة.