درعا- يسعى شبان محافظة درعا جنوب غرب سوريا -من خلال عدة طرق- إلى العمل على التهرب من الخدمة الإلزامية في جيش النظام السوري، لأن فكرة الالتحاق به غير واردة لدى معظمهم.
ولا يزال الجيش السوري في نظر شبان المحافظة هو القاتل والمسؤول عن قتل واعتقال أقاربهم وأصدقائهم وتدمير منازلهم خلال السنوات الماضية، بالرغم من مرور قرابة 5 سنوات على اتفاق التسوية بين فصائل المعارضة والنظام.
“تعمدتُ أن أرسب في بعض المواد خلال السنوات الـ4 في الجامعة حتى أستطيع الحصول على أكثر مدة من تأجيل الخدمة العسكرية بحجة أني لم أتخرج بعد”، يقول (ع. أ) طالب جامعي من أبناء مدينة درعا.
خيارات صعبة
وأضاف الطالب ذاته -للجزيرة نت- أنه يفكر بعد الانتهاء في التقديم على دبلوم للحصول على سنتين تأجيل. ويعلم أن الشهادة التي سيحصل عليها قد لا تساعده في تأمين فرصة عمل تتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
ويتخوف هذا الطالب من اليوم الذي سيصبح فيه غير قادر على الحصول على تأجيل جديد، حيث سيكون أمام خيارات صعبة جدا وهي التفكير في طريقة للخروج من سوريا إلى لبنان بطريقة غير نظامية، أو أن تقتصر حركته في مناطق يصعب على النظام اعتقاله منها وهي المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة قبل اتفاق التسوية.
وأكد أن فكرة الالتحاق بالخدمة الإلزامية في جيش النظام غير واردة بالنسبة له على غرار معظم شباب درعا الذين يفعلون المستحيل مقابل تخلصهم من “شبح الجيش”، كما يطلقون عليه.
وبينما يبحث شبان المحافظة عن أي وسيلة للتهرب من الخدمة العسكرية، لجأ بعضهم إلى وسائل خطيرة جدا على أجسامهم مقابل التخلص من هذا الهاجس الذي يؤرقهم ويقف أمام حرية تنقلهم.
آخر الحلول
وتراجعت نسبة الشبان الذين التحقوا في جيش النظام من أبناء محافظة درعا منذ منتصف سنة 2011 وحتى خضوعها لاتفاق التسوية في عام 2018، إلى ما يزيد على 90%. وفضلوا الوجود في مناطق سيطرت عليها فصائل المعارضة لسنوات، على الوجود في صفوف جيش “كان لعناصره الدور الأكبر في القتل والتدمير والتهجير بدلا من حماية المدنيين والممتلكات”.
من جانبه، أفاد (م. أ) أحد أبناء ريف درعا الغربي -للجزيرة نت- بأنه فضل الخروج من سوريا إلى مصر لمدة عام بهدف دفع بدل عن الخدمة العسكرية. وأضاف أنه استغل فرصة حصوله على إذن للسفر قبل عامين عندما أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قرارا يقضي بإعطاء تأجيل بسنة واحدة عن الالتحاق بالجيش، لأبناء محافظة درعا.
وأشار إلى أنه كان الخيار الأفضل بالنسبة له من بين عدة خيارات عمل على دراستها، لكن كان تطبيقها صعبا، وهو السفر لمدة سنة واحدة والعودة لدفع مبلغ بدل عن الخدمة يعادل 8 آلاف دولار.
تسوية وانشقاق
وأوضح (م. أ) أن عمله في تجارة الهواتف الجوالة والقطع الإلكترونية يتطلب منه الذهاب إلى أسواق دمشق بشكل مستمر بهدف شراء بضائع بأسعار مناسبة تؤمن له أرباحا أكبر، عوضا عن شرائها عبر وسطاء بأسعار أعلى وجودة أقل.
وكان النظام السوري قد اعتقل المئات من الشبان في درعا بعد أغسطس/آب 2018، بالرغم من حصولهم على بطاقات تسوية يُفترض أن تمنع اعتقالهم، وتم سوقهم إلى الخدمة العسكرية بشكل فوري، وفق مصدر خاص رفض الكشف عن هويته.
وتلقى هؤلاء الشبان معاملة مختلفة في عملية فرزهم وتوزيعهم على المناطق العسكرية الأكثر صعوبة، وزجهم على جبهات القتال ضد عناصر المعارضة في الشمال السوري ومناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة، حسب المصدر نفسه.
ووفق المصدر ذاته، لقي العشرات منهم حتفهم من خلال تعرضهم للتعذيب في سجون النقاط العسكرية بعد رفضهم تنفيذ أوامر الضباط، وسُلمت جثثهم إلى ذويهم دون أي تفاصيل عن مقتلهم، إلا أنه يظهر عليها آثار التعذيب.
وفضل كثير من الشبان الانشقاق عن جيش النظام بعد أن تحصلوا على إجازات لزيارة أهلهم ولم يعودوا إلى مجموعاتهم العسكرية، وتواروا عن الأنظار حتى تمكن معظمهم من تأمين طرق تهريب إلى لبنان مقابل دفع مبلغ تجاوز الـ500 دولار، كما يضيف.