سخرية وتحذير في نظرة الأميركيين لمصرع الرئيس الإيراني

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- جاء تحطم الطائرة المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في لحظة مشحونة بشكل خاص في الشرق الأوسط، خصوصا بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى رفع مستوى التوتر بين إيران من جانب، وإسرائيل والولايات المتحدة من جانب آخر، حيث أصبحت “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل علنية.

وأجمعت التعليقات الأميركية أنه وعلى الرغم من كون رئيسي صاحب أعلى منصب منتخب في النظام الإيراني، فإن سلطاته تتضاءل أمام سلطات المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يعتبر بمثابة الحكم النهائي للشؤون الداخلية والخارجية في إيران.

ولم يتوقع الخبراء الأميركيون بصورة عامة حدوث أي تغيرات جذرية لسياسات إيران على الساحة العالمية، بما في ذلك القضية النووية، والحرب على قطاع غزة، وعلاقة طهران بواشنطن.

لن تذرف الدموع

قبل انتخاب رئيسي، اقتربت إدارة الرئيس الأميركي بايدن من التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي الذي وقعه الطرفان عام 2015، وانسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، لكن المحادثات انهارت في منتصف عام 2022، منهية إمكانية تخفيف العقوبات الغربية الواسعة النطاق على إيران، مقابل فرض قيود مشددة ولكن مؤقتة على أنشطة إيران النووية.

وتطور برنامج إيران النووي بشكل كبير بعد تولي رئيسي منصبه، وقال خبراء إن إيران أنتجت الآن ما يكفي من المواد الانشطارية لتصنيع 3 أسلحة نووية، وفي سبتمبر/أيلول 2022، وفي لقائه الوحيد مع شبكة إخبارية أميركية، انتقد الرئيس الإيراني الراحل انسحاب واشنطن من مفاوضات الملف النووي.

فخلال حديثه لبرنامج 60 دقيقة على شبكة “سي بي إس”، قال رئيسي إنه يريد “ضمانا بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من أي صفقة جديدة، كما أنه من المهم رفع العقوبات الأميركية عن إيران، “فنحن لا يمكننا الوثوق بالولايات المتحدة بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق الأخير” حسب وصفه، وطالب رئيسي “بصفقة جيدة وعادلة”، كما اعتبر أنه لا توجد أي جدوى من لقائه مع الرئيس جو بايدن.

وفي الوقت ذاته، أشارت تقارير أميركية إلى إجراء مسؤولين أميركيين وإيرانيين كبار، الأسبوع الماضي، محادثات في سلطنة عُمان متعلقة بوقف تصعيد الصراع الإقليمي ومستقبل برنامج إيران النووي، لكن وفاة الرئيس الإيراني بشكل مفاجئ تهدد بتعقيد تلك المحادثات أيضا.

وعُقدت هذه المباحثات السرية بعدما هاجمت إيران إسرائيل مباشرة للمرة الأولى، ردا على غارة جوية إسرائيلية قاتلة على القنصلية الإيرانية في دمشق، أسفرت عن مقتل قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني، لترد طهران في أبريل/نيسان الماضي بإطلاق حوالي 300 صاروخ وطائرة دون طيار على الجانب الإسرائيلي، تم اعتراض معظمها من قبل القوات الأميركية الموجودة بالمنطقة.

ووفقا لمسؤولين أميركيين، فقد ردت إسرائيل بعد أسبوع، وضربت أهدافا خارج مدينة أصفهان الإيرانية برد أصغر بكثير ومحسوب، من هنا أبرز الإعلام الأميركي ما قاله مسؤول إسرائيلي لوكالة رويترز، إن إسرائيل ليس لها أي علاقة بحادثة مقتل الرئيس الإيراني.

وقال تريتا بارسي، الخبير الإيراني في معهد كوينسي بواشنطن، إنه “في حين أنه لن تُذرف الدموع في العاصمة واشنطن على رئيسي، فإن عدم الاستقرار في إيران يأتي في وقت سيئ، وهو ما قد يجعل منع التصعيد أكثر صعوبة”.

لا تغير خارجيا

وقال الباحث بهنام بن طالبو، وهو الخبير بالشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، القريبة في توجهاتها من الحكومة اليمينية في إسرائيل، إن الآثار السياسية لوفاة رئيسي كبيرة محليا، ولكنها أقل من ذلك من حيث السياسة الخارجية، التي “كانت ولا تزال وستبقى ثورية، ومناهضة للوضع الراهن، وتستهدف أميركا وإسرائيل وجميع قوى الوضع الراهن في المنطقة”.

كما أشار بن طالبو إلى أنه -وعلى الصعيد المحلي- تعني وفاة رئيسي أن “القائمة القصيرة لخلافة المرشد الأعلى أصبحت أقصر”، حيث إن رئيسي كان مرشحا بارزا كخليفة للمرشد الأعلى علي خامنئي، باعتبار أنه الأكثر تأهيلا بحكم الخبرة البيروقراطية التي كان يمتلكها، كما أنه كان الأقرب أيديولوجيا لخامنئي.

كما أبرز بن طالبو دور وزير الخارجية الراحل حسين أمير عبد اللهيان، الذي عمل كوجه إيران للعالم، وقاد “محاولة الجمهورية الإسلامية التظاهر بالاهتمام بعقد اتفاق نووي جديد”، مع الاستمرار في توسيع برنامجها النووي، كما قادت جهوده لإصلاح العلاقات مع المملكة العربية السعودية في العام الماضي لدرء تطبيع الرياض المحتمل مع إسرائيل.

سخرية وتحذير

من ناحية أخرى، وخلال كلمة لها أمام الكنيست الإسرائيلي، انتقدت ليز ستيفانيك، ثالث أهم نائب جمهوري في مجلس النواب، إدارة الرئيس الأميركي بايدن بسبب ما وصفته “تخفيف العقوبات على إيران، ودفع فدية قدرها 6 مليارات دولار إلى الدولة الرائدة في العالم الراعية للإرهاب، أو التردد والاختباء بينما يقاتل أصدقاؤنا من أجل حياتهم”، وقالت “لا عذر، عليكم التوقف بصورة كاملة”.

كما سخر الدبلوماسي السابق في عدة إدارات أميركية، آرون ديفيد ميلر، وهو الخبير حاليا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، من مقتل رئيسي في تحطم طائرة مروحية، وعدم العثور على طائرة الرئيس لما يقرب من نصف يوم، وغرد على منصة “إكس” متسائلا “كيف نفسر حقيقة أن قوة إقليمية على أعتاب تطوير أسلحة نووية لا يمكنها تحديد موقع طائرة هليكوبتر تم إسقاطها وعلى متنها رئيسها ووزير خارجيتها، دون مساعدة خارجية، بعد نصف يوم من تحطمها”.

في حين حذر ريتشارد غولدبرغ، المسؤول السابق بإدارة دونالد ترامب، والخبير حاليا بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، من مغبة إظهار إدارة بايدن أي تعاطف، وغرد على منصة إكس “يجب ألا تكون هناك كلمة تعاطف من أي عضو في إدارة بايدن على مقتل رئيسي، إذا مات قاتل جماعي في الولايات المتحدة، فلن يصدر أحد بيانات تعاطف، وسيصدرون بيانات دعم للضحايا، هذا بالضبط ما يجب أن نفعله الآن”.

كما انتقد كريم سادجابور، الخبير بالشأن الإيراني بمؤسسة كارنيغي، النظام الإيراني، وذكر أن الحادثة “تقول الكثير عن أولويات جمهورية إيران الإسلامية، التي تنفق مئات المليارات على تطوير برامج نووية وصاروخية وطائرات دون طيار محلية، لكن رئيس النظام ووزير خارجيته قتلا في تحطم طائرة هليكوبتر أميركية، من طراز بيل، صنعت في عام 1979”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *