موسكو – أكد رئيس جمهورية دونيتسك، دينيس بوشيلين، أن روسيا ستواصل “العملية العسكرية الخاصة” التي تشنها في أوكرانيا، وأنه لا توجد أوهام لديهم بشأن إمكانية حل الصراع سياسيا.
وأضاف بوشيلين في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، أن ما وصفها بتجربة التعامل مع الجانب الأوكراني كشفت عن “عجز السلطات الرسمية في كييف عن إجراء اتفاقيات، وعدم تمتعها بقرار مستقل، واعتمادها المطلق على الدول الغربية”.
كما أكد أن روسيا كانت منفتحة دائما على الحوار البنّاء مع أوكرانيا، لكن السلطات القائمة هناك تفضّل مصالحها الشخصية على مصالح الدولة والمواطنين، حسب تعبيره.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
-
كيف تقيمون الأوضاع الحالية في جمهورية دونيتسك، وما توقعاتكم لمستقبل العملية العسكرية الخاصة التي تقوم بها روسيا هذا العام؟ هل ستستمر، أم أن الأمل ما يزال قائما بالتوصل إلى حل سياسي؟
لا يزال الوضع صعبا، إذ يقوم الجانب الأوكراني يوميا بإطلاق نيران عشوائية من الأسلحة ذات العيار الثقيل على الأحياء السكنية. يتعرض المدنيون، ومن بينهم نساء وشيوخ وأطفال، للمعاناة، ويتم تسجيل المزيد والمزيد من الدمار والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية. ينطبق هذا على كل من مناطق ومدن الخطوط الأمامية والخلفية كذلك.
يهاجم العدو بشكل ساخر ومتعمّد العاملين في شركات المرافق العامة والمجال الطبي، الذين يخرجون لمساعدة الجرحى نتيجة القصف. وهذا انتهاك لجميع القواعد القانونية الدولية للحرب.
على سبيل المثال، تم إطلاق النار في مدينة غورلوفكا مؤخرا على كهربائيين كانوا يقومون بأعمال صيانة، وقتلت على إثر ذلك مهندسة كهرباء وأصيب 3 رجال.
كما تعرض أفراد الطوارئ الطبية الذين وصلوا لإجلاء الجرحى لهجمة إضافية، بإسقاط قذيفة من طائرة بدون طيار بدقة على سيارة الإسعاف، وأسفر ذلك عن مقتل المسعف وإصابة 3 من أفراد الفريق. العدو كان يعرف أنه يستهدفهم.. هذه قسوة لا حدود لها.
ومع ذلك، العملية العسكرية الخاصة مستمرة. رئيسنا فلاديمير بوتين قال مرارا وتكرارا إن جميع أهداف العملية الخاصة سيتم تحقيقها، وإن التحرير الكامل لجمهورية دونيتسك داخل حدودها الإدارية هو أحد المهام الرئيسية.
نحن بحاجة إلى تنفيذ عملية تجريد كامل للسلاح من أوكرانيا والقضاء على النزعات النازية فيها، لأن هذين الشرطين يمكن أن يضمنا الأمن لسكان روسيا.
أما بالنسبة لإمكانية حل الصراع سياسيا فلا أوهام لدينا في هذا الشأن. لقد تعاملنا مع الجانب الأوكراني لسنوات عديدة، ونحن نعلم، أكثر من أي شخص آخر، عن عجز كييف الرسمية الكامل عن إجراء اتفاقيات، وعدم تمتعها بقرار مستقل واعتمادها المطلق، بما في ذلك ماليا، على الدول الغربية.
إن القرار السياسي يتطلب إرادة سياسية، وهذه ليست متوفر حاليا في أوكرانيا.
-
في العموم، هل الحل السياسي ممكن في ظل الحكومة الحالية في كييف أم أنه يتطلب تغيير الحكومة؟
لقد وقع فولوديمير زيلينسكي مرسوما في عام 2022 ينص على استحالة إجراء مفاوضات مع الرئيس الروسي. ومؤخرا وصف الروس علنا بأنهم “حثالة بشرية”، أليس هذا مظهرا من مظاهر النازية الجديدة؟ مثل هذا التهجّم من قبل الرئيس الأوكراني لا يؤدي بأي حال من الأحوال إلى الدبلوماسية.
أما روسيا، فكانت منفتحة دائما على الحوار البنّاء، ولكن من المؤسف أن السلطات الأوكرانية تفضّل مصالحها الشخصية على مصالح الدولة ومواطنيها.
هل تستفيد أوكرانيا من التغيير الكامل للنظام ووصول عدد كاف من الزعماء المستقلين إلى السلطة والذين يلبون الاحتياجات الأساسية للمجتمع؟ ربما. لكن لهذا تحتاج البلاد إلى كيانها المستقل، وهذا أمر صعب للغاية في ظل الظروف الحالية المتمثلة في الافتقار التام للاستقلال.
-
هل تعتقد أن الولايات المتحدة منشغلة بالصراع في قطاع غزة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية توسع حدوده الجغرافية، ما من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا؟
لقد أدى الصراع في قطاع غزة بالفعل إلى إعادة توجيه وسائل الإعلام وتقليص المساعدات المالية. ولكن لا ينبغي للمرء أن يتوهّم أنه مع تحويل الولايات المتحدة اهتمامها نحو إسرائيل، فإن الوضع فيما يتعلق بإمداد كييف بالأسلحة أو الموارد المالية سوف يتوقف.
والغرب سيؤثر على الأوضاع وسيحاول بكل قوته إطالة أمد الصراع. وبالتالي، فإن الأموال اللازمة لتمويل الحرب ضد روسيا، التي تم إشعالها ودعمها لفترة طويلة، سيتم البحث عنها بأي وسيلة.
نرى بالفعل أن عبء إمدادات أوكرانيا يتم تحويله بشكل متزايد إلى أوروبا. وهذا على الرغم من أن سكان الاتحاد الأوروبي يحتجون بشكل متزايد على إنفاق الميزانية لصالح أوكرانيا وعلى تجاهل مشاكلهم تماما. ففي نهاية المطاف، يتم تمويل الحملة العسكرية في أوكرانيا في الأساس من جيوب الأوروبيين البسطاء.
ومن الأمثلة الصارخة على ذلك إضراب عمال النقل والمزارعين في ألمانيا. نظام النقل بأكمله في البلاد مشلول، لكن المستشار الألماني يفضل عدم حل القضايا الداخلية، بل دعوة دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى زيادة الإنفاق على المساعدة لأوكرانيا، على غرار ما تفعله ألمانيا.
ليس من الصعب تخمين ما قد تؤدي إليه مثل هذه السياسات المحلية، فكلما طال أمد التمويل لأوكرانيا، أصبحت حياة الأوروبيين أكثر صعوبة.
-
من وجهة نظرك، ما أسباب ما وُصف بفشل “الهجوم المضاد” الأوكراني وما عواقبه على المسار اللاحق للعمليات العسكرية؟
بصرف النظر عن نوعية الأسلحة، بما فيها تلك الأكثر قوة، فإن نتيجة الحرب تتحدد من خلال كيفية تصرف القيادة بجنودها: بكفاءة أو بعناية، وهل تحمي الأفراد، أم أنها لا تأخذ في الاعتبار الخسائر.
وبحسب التصريح الأخير للوتسينكو (وزير الداخلية الأوكراني السابق)، فقد خسرت أوكرانيا 500 ألف شخص خلال العملية العسكرية الخاصة.
لقد سمع الجميع بالهجمات “اللحمية” المتعددة التي قامت بها الحكومة والقيادة الأوكرانيتان عبر إلقاء الجنود على محاور مختلفة: أرتيموفسك، وسوليدار، ومارينكا، وأفديفكا، وما إلى ذلك.
ويشهد السجناء الأوكرانيون الذين استسلموا بشكل طوعي لجنودنا، على التعامل الوحشي تجاههم من جانب قادتهم. وأن الموجات التي لا حصر لها من التعبئة العامة، عندما يتم القبض على الرجال في الشوارع لتحميلهم السلاح، هي أحد الشواهد على ذلك.
وليس من الصعب حساب عواقب الفشل؛ فالجيش الذي يعاني من معنويات هابطة يصبح غير قادر على القتال حتى في ظل وجود الصواريخ الغربية.
تحفيز المقاتلين مهم جدا. إن القوات الأوكرانية تقاتل من أجل مصالح الآخرين، وليس من أجل الوطن والناس. أما الجيش الروسي فيقاتل من أجل الشعب وضد اضطهاد الروس وحقوقهم في اللغة الأم وممارسة تقاليده وقيمه. إن القناعة الداخلية، والشعور بالصواب، وفهم الجانب الذي تقف فيه العدالة، هو العنصر الأكثر أهمية لتحقيق النتائج على الجبهة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدور الحاسم تلعبه الإجراءات الحرفية لقيادتنا، أي القوات الروسية، التي تتمتع بأكبر مجموعة من المعرفة والمهارات، وهي في الواقع الجيش الرائد في العالم من حيث التدريب والخبرة القتالية.
-
بدأت أوكرانيا بتكثيف القصف على مناطق مختلفة من دونباس، بما في ذلك دونيتسك. وطال مؤخرا مدينة بيلغورود ومناطق أخرى من روسيا. ما الخطوات التي تم اتخاذها أو التي ينبغي اتخاذها لمنع تكرار مثل هذه الهجمات أو الحد منها؟
قلت مرارا وتكرارا إنه من الممكن الحد من قصف الإرهابيين الأوكرانيين للأراضي الروسية أو وقفه تماما بطريقة واحدة فقط، وهي دفع العدو بعيدا عن حدودنا بحيث تختفي إمكانية الوصول إلى مناطقنا المأهولة بأي سلاح بعيد المدى.
وبطبيعة الحال، تقوم القوات الروسية باستطلاع متعمق لتضاريس العدو لتحديد نقاط إطلاق النار وتحركات المعدات العسكرية، ويعمل الدفاع الجوي بنشاط، وتجري حرب مضادة للبطاريات، وأكثر من ذلك بكثير. لكن المسافة القصوى للعدو هي وحدها القادرة على تصحيح الوضع تماما من خلال قصف أراضينا.
وفي هذا الصدد، لا يسعني إلا أن أشير إلى بطولة سكان دونباس. وعلى الرغم من القصف المستمر للعدو، فإن أبناء وطني يعملون، ولم يغادروا مناطقهم الأم. إن هذا الصمود والثقة في الدفاع عن جيشنا يشكلان أيضا دعما كبيرا للمقاتلين على الخطوط الأمامية، وفي مثل هذه الوحدة تكمن قوة روسيا.