غزة- تشجع أسر فلسطينية نازحة في مدينة رفح (أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر) أطفالها على حضور حلقات دينية لتعلم القرآن الكريم، والاستماع إلى مواعظ تعلي من قيم الصبر والأخلاق، وتعلمهم أركان الإسلام والإيمان.
في مشهد مهيب يحتشد أطفال ذكورا وإناثا داخل خيمة مقامة بساحة مدرسة في حي الجنينة بمدينة رفح تؤوي نازحين -أغلبيتهم من شمال القطاع- يتلون القرآن الكريم ويتعلمون الفرائض والسنن، ويتفاعلون مع دروس دينية لدعاة شباب تطوعوا للقيام بجولات على مراكز الإيواء المنتشرة في المدينة، بهدف بث الطمأنينة في نفوس النازحين -خاصة الأطفال- في ظل حرب إسرائيلية شرسة ومتصاعدة في شهرها الرابع على التوالي.
خيمة فاضت بمن فيها من أطفال، ولم يجد كثير منهم متسعا لهم داخلها واضطروا إلى الوقوف أمامها وحولها متفاعلين مع الشيخين الشابين محمود ماضي وعلاء الشيخ عيد اللذين يحرصان على خلق أجواء من الفكاهة ومنح الجوائز التحفيزية، لتشجيع الأطفال وربطهم بهذه “الخيمة الدعوية”.
زرع قيمة الصبر
وفي موعظته أمام حشد كبير من الأطفال ركز الشيخ علاء على قيمة الصبر في حياة الإنسان المسلم، مستشهدا بمواقف من السيرة النبوية، ويقول للجزيرة نت “الدين هو بوابة الصبر على الابتلاءات، وما نمر به الآن من مآسٍ وآلام نتيجة الحرب والحصار يستدعي من كل منا التقرب إلى الله بالصلاة والصبر والدعاء”.
ويضيف الشيخ محمود للجزيرة نت أن “هدف هذه المبادرة بث الطمأنينة في نفوس مئات آلاف النازحين -وبينهم أعداد كبيرة من الأطفال- ممن أجبرتهم الحرب الإسرائيلية على النزوح وهجر منازلهم واللجوء إلى مدينة رفح”.
ويتكفل الشيخ محمود بتعليم الأطفال التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم، وتشجيعهم على حفظه والمداومة على قراءته، فضلا عن سرد حكايات من التاريخ الإسلامي تتناول محطات مشرقة للصحابة والتابعين تساهم في تعزيز صبر وصمود هؤلاء الأطفال وتدعمهم نفسيا في ظل ما يعايشونه يوميا من جرائم قتل وتدمير يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
معين وبديل للأطفال
بدوره، يقول الطفل أنس أبو شنب (12 عاما) للجزيرة نت إنه ينتظر بفارغ الصبر موعد حضور الشيخين محمود وعلاء إلى الخيمة، ليتعلم منهما أحكام القرآن الكريم وتلاوته، ويستمع إلى المواعظ الدينية وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته.
نزح أنس مع أفراد أسرته مرات عدة من منزلهم في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة إلى شارع الجلاء بالمدينة، قبل أن يضطروا للنزوح إلى مدينة خان يونس في جنوب القطاع ومنها إلى مدينة رفح بعدما اشتدت حدة الجرائم الإسرائيلية مع توغل جيش الاحتلال برا.
وأصيب أنس بشظايا صاروخ إسرائيلي في بطنه وساقه عندما تصادف وجوده في موقع استهدفته طائرة حربية إسرائيلية بمدينة خان يونس، وعن ذلك يقول للجزيرة نت إنه ينسى الحرب وأوجاعها عندما يتعلم القرآن ويستمع إلى المواعظ الدينية.
وقتل جيش الاحتلال منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من 22 ألف فلسطيني، بينهم 9730 طفلا، فيما وصلت نسبة الأطفال المفقودين إلى 70% من بين نحو 7 آلاف مفقود، فضلا عن جرح عشرات الآلاف منهم وتشريد مئات آلاف آخرين.