بيروت- ارتفعت وتيرة الاشتباكات العنيفة بين عناصر حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي على أطراف القرى والبلدات الجنوبية المحاذية للحدود الدولية، بعدما شنّت إسرائيل سلسلة غارات جوية ضمن سياسة “الأرض المحروقة”، مجبرة السكان على إخلائها.
وينقسم الجنوب اللبناني إلى 3 قطاعات رئيسة تشهد جميعها معارك عسكرية ومحاولات تقدم إسرائيلية، كالتالي:
محاور المعارك
- القطاع الغربي: يمتد من الساحل في الناقورة حتى راميا، ويشمل قرى: يارين، والضهيرة، ومروحين، وعلما الشعب. ويُعرف هذا المحور، وخاصة راميا، بكونه دائم السخونة.
- القطاع الأوسط: يبدأ من عيتا الشعب ويمتد إلى عيترون، ويضم قرى: عيتا الشعب، ورميش، ويارون، وعيترون إلى بنت جبيل. ويشهد اشتباكات مستمرة ومحاولات خرق.
- القطاع الشرقي: يمتد من ميس الجبل إلى شبعا، ويشمل قرى: حولا، ومركبا، والعديسة، وكفركلا، ومرجعيون، وكفرشوبا، وشبعا. هنا تتركز الجهود الرئيسة للهجوم الإسرائيلي، حيث تقود “الفرقة 98” هجماتها باتجاه مركبا ورب ثلاثين، وصولا إلى منطقة الليطاني.
وفي كل قطاع، يحاول جيش الاحتلال التقدم؛ ففي الغربي تتركز المحاولات حول محور راميا-عيتا الشعب (عيتا الشعب في القطاع الأوسط لكن هناك محاولات تقدم بينهما). وفي الأوسط، يدور التقدم على محور بين مارون الراس ويارون، بينما يشهد الشرقي -المحور الأساسي- قتالا حاسما على مركبا ورب ثلاثين والطيبة والعديسة.
ووفقا لما يعلنه جيش الاحتلال، فإنه يسعى إلى تحويل الحافة الأمامية إلى أرض محروقة بهدف إبعاد عناصر حزب الله وتدمير البنى التحتية والأنفاق ومراكز المراقبة كمقدمة لإقامة منطقة عازلة، وقد يكتفي بالسيطرة عليها بالنار من خلال التمركز في المرتفعات المشرفة عليها.
بالمقابل، يعتمد الحزب على تكتيك الدفاع المرن واللامركزي، بحيث ينسحب تكتيكيا ثم ينصب الكمائن والألغام، ويقوم بعنصري المباغتة والمهاجمة دون أن تكون هناك حاجة لنقل عناصره من محور إلى آخر، وهذا ما كبّد جيش الاحتلال خسائر بشرية ومادية كبيرة أجبرته على التراجع مرارا وعدم القدرة على البقاء طويلا في أي منطقة يتوغل فيها.
عمليات محدودة
يوضح الخبير العسكري حسن جوني -للجزيرة نت- أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ عملياته البرية قبل 10 أيام، والتي وُصفت بأنها عملية برية محدودة ومركزة، وأنه في البداية نشر 4 فرق عسكرية قبل تعزيزها بخامسة.
وحسب جوني، بدأ جيش الاحتلال عمليات استطلاع بالنار لكشف مواقع حزب الله على الحدود، لكن هذه المحاولات فشلت بعدما فوجئ بمدى جهوزية الحزب وقوة تمركزه الدفاعي، مما أسفر عن إصابات مباشرة في وحدات الاستطلاع بالنار ووقوع قتلى وجرحى نتيجة الكمائن.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال طور عملياته وبدأ يعمل على تكتيكه باتجاه احتلال مرتفعات حاكمة ومسيطرة وقريبة من الحدود، تكشف المسالك والطرقات، لتأمين عبور وتدفق التشكيلات الرئيسية للهجوم.
وأكد الخبير العسكري أن ما يحدث في القطاع الشرقي يتعلق بتمركز الفرقة 98 التي تنتشر في محيط العديسة ورب ثلاثين وكفركلا ومركبا. وبيّن أن هذه الفرقة تلعب دورا رئيسا في العمليات لأنها الأقوى، ولأن هذا المحور هو الأقصر للوصول إلى نهر الليطاني.
لكنه لفت إلى أن الطريق إلى الليطاني يمر عبر عقبة كبيرة وهي وادي الحجير الذي كانت له تجارب سابقة مريرة على الإسرائيليين. وأكد أن العمليات الإسرائيلية تركز على احتلال التلال المرتفعة المشرفة على الوادي.
وبرأيه، فإن جيش الاحتلال قد لا يدخل الوادي مباشرة، بل يسعى إلى السيطرة عليه من خلال احتلال التلال المرتفعة التي تشرف على نهر الليطاني بهدف التحكم بالمنطقة من خلال السيطرة بالنار.
ورأى أن هذا هو الاختراق الأساسي الذي تسعى إليه إسرائيل في القطاع الشرقي، بينما تبقى الاتجاهات الأخرى ذات أهمية ثانوية، أي استعمال أسلحة غير مباشرة أكثر من الالتحام واستخدام المدفعية والطائرات والقصف من البحرية الإسرائيلية بعد إشراكها أكثر من الالتحام، ولذلك تسمع أصوات القذائف أكثر من الاشتباكات بالأسلحة.
مقاومة شرسة
وفي ما يخص القطاع الغربي، أشار الخبير جوني إلى أن جيش الاحتلال يواجه مقاومة شرسة من حزب الله، تدفعه إلى تبنّي تكتيكات تعتمد على التنقل السريع وتغيير مسارات الهجوم.
وأوضح أن هذا يحدث في مناطق مثل عيتا الشعب حيث تتحرك قوات الاحتلال الإسرائيلية بين ميس الجبل وبليدا لتشتيت جهود الحزب الدفاعية وإرباكه، بينما تعتمد -في مناطق مثل عيتا الشعب وراميا- أكثر على القصف غير المباشر باستخدام الطائرات والمدفعية والقصف البحري، بدلا من الاشتباك المباشر.
وفي القطاع الأوسط، أشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال، بعد أيام من العمليات، طوّر تكتيكاته للقيام باختراقات تهدف إلى احتلال المرتفعات القريبة من الحدود التي تتيح السيطرة على الطرق والمسالك، بغية تأمين عبور القوات الرئيسية وتدفقها للهجوم.
من جهة أخرى، أكد أن حزب الله يعتمد على مناورة ذكية تقوم على “تكتيك الدفاع المرن واللامركزي”، حيث يبقى ممسكا بخطوط الدفاع الأمامية، بمعنى أن كل مسلك يتقدم إليه جيش الاحتلال الإسرائيلي له من يدافع عنه، ولا يحتاج إلى نقل قواته بين المحاور، وعلى كل مسلك ومحور هناك نقاط دفاع متمركزة ومهيّأة ومسيطرة على الأرض، وربما مربوطة بأنفاق.
وتعتمد مناورة الحزب -حسب جوني- على النسفيات أكثر من النسفيات والأفخاخ التي يتم اتباعها مباشرة بعد تفجيرها بعمليات اقتحام وإجهاز، وهذا التكتيك الذي اتبعه وظهر في المرحلة السابقة، بالإضافة إلى الاستهداف المتكرر لكل النقاط التي يتمركز فيها سواء خلف الحدود أو التي يستطيع التمركز فيها بعد الدخول إلى التخوم أو القرى المحاذية للشريط الحدودي.
وبرأيه، فإن العملية البرية الأساسية بعنوانها العريض لم تحقق شيئا ولا يعتقد أنها بدأت أصلا بالمعنى الواسع، وهناك عمليات تقوم بها قوات خاصة إسرائيلية، وأحدثت طلائع الفرقة 98 فرقا محدودا ولكنها كلها على التخوم الحدودية ولا تتعدى مئات الأمتار.