واشنطن- قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية والتي يعتبرها كثيرون الأهم على مدى التاريخ الأميركي لما يمثله المرشحان الرئيسيان الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس، من قيم ومبادئ متناقضة في أحيان كثيرة تعكس الاستقطاب الحاد الذي يعاني منه المجتمع الأميركي، مع تناقضات صارخة في رؤيتهما لمستقبل البلاد والعالم أيضا.
ودفع هذا الاستقطاب إلى تمسك غالبية الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين بمرشح حزبهم بصورة أصبح معها التنبؤ المبكر بهوية الرئيس القادم -بما تعكسه استطلاعات الرئيس المتتالية- من المستحيلات.
ولإلقاء الضوء على الساحة الانتخابية، حاورت الجزيرة نت خبيرة السياسة الأميركية بجامعة ولاية أريزونا الأستاذة كيم فريدكين.
حصلت فريدكين على درجة الدكتوراه من جامعة ميشيغان، ولها كتب عدة منها “فهم تأثير الحملات السلبية في سباقات مجلس الشيوخ الأميركي” الصادر عن دار جامعة أكسفورد للنشر، و”مشهد الحملات الانتخابية لمجلس الشيوخ” الصادر عن دار جامعة كولومبيا للنشر.
وفيما يلي نص الحوار:
-
كيف يؤثر الاستقطاب المتزايد في السياسة الأميركية على الانتخابات الرئاسية لعام 2024؟
أعتقد أنه بسبب زيادة الاستقطاب بصورة كبيرة للغاية، لم يعد هناك الكثير من الناخبين الأميركيين من الوسطيين والمعتدلين، بل يتجه الكثيرون من الحزبين إلى أقصى الحدود. وهؤلاء الناخبون هم المتطرفون الذين يستمعون إلى الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي التي تؤكد معتقداتهم، وهو ما يقلل من احتمال تغيير وجهات نظرهم حول المرشحين.
ويجعل الاستقطاب الحملات أكثر استقرارا، أي آراء الناخبين أصحاب المواقف والقرار الثابت، ولكنه يجعل نتيجة الانتخابات غامضة لأن قلة قليلة من الناخبين ممن هم أقل اطلاعا واهتماما بالسياسة، وليس لديهم ولاء لأي من الحزبين، هم من يحددونها في النهاية.
-
مع توقع رفع دعاوى قضائية عدة من قبل المرشحين احتجاجا على نتيجة الانتخابات أو طريقة فرزها في عدد من الولايات، متى تتوقعين موعد النتيجة النهائية؟
أعتقد أننا سنعرف نتيجة الانتخابات في غضون أسبوع. لكن نتيجة الدعاوى القضائية المختلفة ستستغرق على الأرجح بضعة أسابيع أخرى.
ومع ذلك، نظرا لأن التزوير في الانتخابات غير مرجح -بالنظر إلى الضمانات التي تبنتها المقاطعات والدوائر بعد تجارب انتخابات 2020 والتشكيك في نزاهتها ونتائجها- فمن غير المرجح أن تنجح الدعاوى القضائية من أي من الحزبين السياسيين.
-
بالنظر لاستطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة من جهات متنوعة، في بعضها يتقدم ترامب، وأحيانا أخرى هاريس، كيف تفسرين ذلك؟
أعتقد أن إجراء الاستطلاعات ومصداقيتها أصبح صعبا هذه الأيام، لأن المقابلات عبر الهاتف النقال قد لا تمثل الناخبين الأصغر سنا، وغالبا ما يكون من الصعب الحصول على عينة تمثيلية موضوعية من خلال استطلاعات الإنترنت، حيث إنها تهمل في أغلب الأحيان تمثيل الأقليات بنسب موضوعية.
-
هناك تقارير كثيرة تشير إلى ارتفاع نسب دعم الناخبين الشباب والسود ومن أصل إسباني لترامب، بما تفسرين ذلك؟
أعتقد أن النقطة الأهم هي الفجوة بين الجنسين أكثر منها بين الناخبين صغار السن. ويبدو أن ترامب يولد دعما بين الشباب أكثر من الشابات، وتولد هاريس دعما بين الشابات أكثر من الشباب، وكلاهما بهوامش كبيرة.
بعض هؤلاء الشباب الذين يدعمون ترامب أكثر من هاريس يكونون من الأقليات. ويشعرون أنه يتحدث إليهم وسيمثلهم. أعتقد أيضا أن التحيز لجنس المرشح قد يلعب دورا هنا، فصغار السن لا يريدون التصويت لمرشح من الجنس الآخر.
-
لماذا تعاني كامالا هاريس وتفشل في الحصول على المزيد من الدعم بين الناخبين الذكور البيض؟
لا أعرف السبب تحديدا، لكنني أعلم أن الصور النمطية للجنس والعرق قد تفسّر تقييم الناس للمرشحين، حيث يقوم الأشخاص الذين يحملون صورا نمطية للجنس والعرق بتقييم ترامب أعلى من هاريس، والذين لا يهتمون لهذه الصور النمطية يقيّمون هاريس بشكل أكثر إيجابية.
-
متى تتخلى واشنطن عن طريقة المجمع الانتخابي وتقوم مثل بقية دول العالم الديمقراطي بانتخابات عامة للرئيس يفوز فيها الحاصل على أعلى الأصوات؟
الطريقة الوحيدة لتجاوز نظام المجمع الانتخابي هي تعديل الدستور. وهي عملية ليست بالهينة نظرا لطبيعة التوازنات السياسية وتعقيداتها في المجتمع الأميركي.
وللقيام بذلك، سيحتاج الديمقراطيون (الذين يؤيدون بصورة كبيرة تغيير النظام الحالي) إلى أغلبية كبيرة في مجلسي الشيوخ والنواب، وهو ما يبدو غير مرجح في أي دورة انتخابية في المستقبل القريب.
-
لماذا لا يلعب مرشحو الأحزاب الأخرى دورا أكثر أهمية في الانتخابات الرئاسية؟
السبب يرجع لطبيعة أن المرشح الفائز يأخذ كل أصوات الولاية. ولا يشجع النظام في الولايات المتحدة -مقارنة بأنظمة التمثيل النسبي في البلدان الأخرى- مرشحي الأحزاب الأخرى على الظهور بصورة تعكس أهميتهم.
-
هل الولايات المتحدة مستعدة لرئيسة وقائدة أعلى لقواتها المسلحة؟
أعتقد ذلك، وسنرى إذا كنا سننتهي إلى هذه النتيجة. وبالنظر للعديد من المؤشرات والمقاييس الموضوعية، تعد كامالا هاريس مؤهلة تأهيلا عاليا ولديها المواصفات والمتطلبات لتكون رئيسة ناجحة. في حين لدى ترامب سلبيات عدة، بما فيها قيادة تمرّد ضد نتيجة انتخابات 2020، وإدانته بارتكاب جرائم مالية واعتداءات جنسية.
وربما يكون السبب وراء اقتراب نتائج الاستطلاعات -بالإضافة إلى الاستقطاب- هو أن نسبة كبيرة من الناخبين ليسوا مستعدين أو راغبين بعد في وصول سيدة للبيت الأبيض.
-
هل تتوقعين أن نشهد بعض أعمال العنف السياسي خلال انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وبعدها؟
لا أرى ذلك كشيء حتمي. ترامب لم يروج كثيرا للشكوك حول نزاهة الانتخابات في الأشهر والأسابيع الأخيرة، بل يحث الناخبين على الاقتراع المبكر، وباستخدام بطاقات الاقتراع البريدي. ويقول إنه لم ير أي دليل على وجود مشاكل حتى الآن. لذا، فهو لا يهيئ أنصاره للتشكيك في الانتخابات بقدر ما كان عليه الحال قبل 4 سنوات.
-
ما توقعاتك العامة لخريطة انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب؟
سيكون من الصعب جدا على الديمقراطيين الحفاظ على سيطرتهم على مجلس الشيوخ، لأن لديهم مقاعد مهددة أكثر من الجمهوريين، ويحتاجون الدفاع عنها في هذه الدورة الانتخابية. لذا، أتوقع أن يسيطر الجمهوريون عليه بفارق مقعد أو مقعدين، علما أن هناك انتخابات لثلث مقاعد هذا المجلس (34 مقعدا) يشغل الديمقراطيون منها حاليا 24 مقعدا.
في حين قد يذهب مجلس النواب في الاتجاه الآخر مع حصول الديمقراطيين على تقدم طفيف في المقاعد. لكن النتائج والاستطلاعات متقاربة للغاية سواء لانتخابات الرئاسة أو الكونغرس، وكل الاحتمالات مفتوحة في أي من الاتجاهين.