خبراء: مقاطع فيديو الجنود الإسرائيليين أدلة على انتهاكات القانون الدولي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

استعرض تقرير لصحيفة واشنطن بوست استنتاجات لتحليل أكثر من 120 صورة ومقطعا مصورا على مدى 14 شهرا من حرب إسرائيل على غزة، سجل معظمها جنود بأنفسهم، تظهر تدمير المباني المدنية والاحتفال بذلك، والسخرية من الفلسطينيين، والدعوة إلى استيطان غزة.

وكشفت الصور والمقاطع المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تدميرا واسعا شمل المباني، بما فيها المنازل والمدارس، بالإضافة إلى نهب الممتلكات وإشعال الحرائق في البيوت، كما وجدت الصحيفة صورا لجنود إسرائيليين يدعون لإبادة الفلسطينيين وتهجيرهم بجانب جثث شهداء، والتوعد بالانتقام من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأشرف على إنتاج التقرير التحليلي مديرة مكتب واشنطن بوست في برلين لوفداي موريس، ومراسلي المقاطع المصورة من فريق الأدلة الجنائية سارة كحلان وجوناثان باران، ومراسلة الصحيفة في لندن لويزا لوفلوك.

وقال الخبراء القانونيون الذين راجعوا مقاطع الفيديو التي جمعتها الصحيفة إن الجنود بفعلتهم هذه يسجلون أدلة على انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني.

وحاول الجيش الإسرائيلي الحد من انتشار هذه المواد بسبب المخاوف من تأثيرها على التحقيقات الدولية، خصوصا أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلا أن الجنود الإسرائيليين استمروا في نشر آلاف الصور والفيديوهات التي توثق أعمالهم في الحرب.

وفي حين رفض العديد من الجنود التعليق على الفيديوهات أو لم يردوا على طلبات الصحيفة بالتعليق، دافع العديدون عن أفعالهم وقالوا إنه ليس هناك خطأ فيما فعلوه.

وبرر شمعون زوكيرمان، أحد الجنود الذين نشروا فيديوهات تفجير مبان مدنية في غزة، هذه الأفعال “الانتقامية والشرسة” بأنها تهدف إلى رفع معنويات المجتمع الإسرائيلي وشفي غليله، وقال إنه رغم أن الجيش طلب منه التوقف عن نشر المقاطع إلا أنه غير نادم البتة على ما فعله، وفق التقرير.

وقد أعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها من أن هذه العمليات قد ترقى إلى جرائم حرب، وقالت إحدى المنظمات: “إن الاستهداف الواسع للبنية التحتية والمدنيين يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي”.

“كل شيء سيحترق”

أعرب قلة من الجنود الإسرائيليين عن قلقهم من “التشدد الديني” و”الرغبة في الانتقام” السائدة في الجيش خلال العمليات العسكرية في غزة، بجانب تلقيهم أوامر واضحة بحرق منازل الفلسطينيين، وأخبر بعضهم الصحيفة عن عدم فهمهم الغرض العسكري من تدمير المنازل في غزة.

وقال يوفال غرين، وهو مسعف عسكري يبلغ من العمر 26 عاما كان في خان يونس لمدة شهرين، إن الجنود أُمروا بحرق المنازل عند مغادرتها، وعندما سأل قائده عن الهدف من ذلك، قيل له إنه لمنع وقوع المعدات العسكرية التي تُركت خلفهم في أيدي العدو، وأعرب غرين عن رفضه لهذه الأوامر، وغادر بعدها.

وتحدث جندي آخر يبلغ من العمر 22 عاما للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من بطش السلطات الإسرائيلية، وأكد أن حرق المنازل كان سياسة ممنهجة “منذ بداية الحرب”.

وقال إن الجنود أيدوا حرق أي منزل يحمل علامات دعم حماس، وعلق على ذلك بأن “حماس هي القوة الرئيسة في غزة، ومعظم المنازل بها علم حماس أو صورة لهنية”، وأما بالمنازل التي بها صور لياسر عرفات، فكان للجنود “الخيار” بحرقها، وهو ما فعلوه.

وأضرمت وحدة الجندي المجهول النار فيما لا يقل عن 20 منزلا خلال فترة خدمته التي استمرت 5 أشهر، و”كانوا يستمتعون بفعل ذلك”، وفق الجندي الذي أضاف: “عندما تقضي وقتا طويلا هناك، تتوقف عن التفكير بالفلسطينيين الذين يعيشون في هذا المنزل أو بمن سيعيشون فيه في المستقبل”.

رغبة بالانتقام

وأشار التقرير إلى أن الكثير من أعمال الجنود مدفوع برغبة انتقامية، وعبر أحد الجنود عن ذلك بقوله: “نريد الانتقام منهم”، وقال آخر، في إشارة لمعارف له قتلوا في الحرب، وهو يصور الدمار في غزة: “استمروا في مراقبتنا من الأعلى، وسننتقم نحن من الأسفل”.

كما أظهر التقرير عدم تفرقة الجنود بين المدنيين والمقاتلين، ما عده خبراء خرقا واضحا للقانون الدولي، وقال أحد الجنود: “بالنسبة لنا، كان كل شخص هناك عدوا، سواء كان يحمل سلاحا أم لا، لم يهمنا ذلك”، وأضاف: “نحن نهدم غزة”.

وصاحب هذه الممارسات مقاطع مصورة استفزازية، إذ أظهرت صور ومقاطع فيديو تحققت منها الصحيفة استخدام الجنود منازل النازحين مواقعا للتخييم، وتخريبهم الممتلكات، بل والتقاط صور لهم وهم يحملون ملابس داخلية نسائية مسروقة من البيوت.

وكان الجنود يسخرون من الدمار الشامل في القطاع في بعض المقاطع، حسب التقرير، وأظهر أحدها بعض الجنود وهم يطرقون أبواب المنازل أو يضغطون على أجراسها، ثم يلتفتون إلى الكاميرا ليسألوا “أين الجميع؟”، قبل أن تُظهر الكاميرا المنزل وقد دُمر بالكامل.

في مقطع آخر، ظهر جندي وهو يرفع لافتة لإعلان خاص بمركز حلاقة قرب تل أبيب، بجانب جثث فلسطينيين ممددة على الطريق، على أنغام أغنية عبرية تحمل دعوات للانتقام.

وبعد أن انتقدت الحادثة مجموعة حقوقية إسرائيلية، نشر صاحب المحل الإسرائيلي إعلانا على إنستغرام قال فيه: “لجنودنا الأعزاء، خصم 20% على خدمات المتجر بالكامل!”.

رؤية سياسية.. “غزو، طرد، واستيطان”

من جهة أخرى، برزت دعوات متزايدة للاستيطان كحل للصراع، وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: “الغزو، الطرد، والاستيطان هو الحل.” وأخبر الصحيفة أن: “أفضل حل بالنسبة لي هو الاستيطان، هذا يؤلمهم أكثر. النصر الحقيقي هو أن يعرفوا أنه في كل مرة يفعلون بها شيئا خطيرا، سنأخذ المزيد من أرضهم، فالمزيد من أرضهم، حتى يفهموا”.

ورغم دعوات دولية لوقف إطلاق النار، وفق التقرير، يبدو أن التصعيد مستمر، وقال مسؤول إسرائيلي: “في النهاية، جمهوري المستهدف هو مواطنو إسرائيل، وأنا أعرف ما يمنح مواطنينا القوة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *