خبراء إسرائيليون: خيارات تل أبيب بعد هدنة غزة رهينة بيد السنوار

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- بدت الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية الإسرائيلية بعد انتهاء الهدنة المؤقتة رهينة لدى رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار الذي أبدى استعداده لتمديد وقف إطلاق النار.

يأتي ذلك في وقت تصر فيه قيادة الجيش الإسرائيلي على استئناف الحرب على القطاع وتوسيع التوغل البري في الجنوب، لتفكيك قدرة حماس العسكرية وتحرير المحتجزين.

كما تأتي هذه الخيارات وسط تحديات داخلية تواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ظل تصاعد ضغوط عائلات المحتجزين لمواصلة عملية تبادل الأسرى التي تتحقق بوقف إطلاق النار، إلى جانب تعالي الدعوات في أوروبا وأميركا لتكون هذه الهدنة منطلقا لوقف الحرب والتوجه نحو مبادرة سياسية.

نتنياهو خلال جولته التفقدية للجنود في غزة من دون مرافقة رئيس الأركان أو أعضاء كابينت الحرب (الأناضول)

صدمة جماعية

يعي نتنياهو ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي أن الوعي السائد بين الجمهور الإسرائيلي بشأن استمرار الحرب على غزة هو نتيجة للصدمة الجماعية التي حدثت جراء معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- على مستوطنات “غلاف غزة”، وبلدات إسرائيلية بالجنوب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ورجّح تقدير موقف صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” التابع لجامعة تل أبيب أن حالة الحرب مع غزة قد تستمر لفترة طويلة، وربما لأشهر عديدة، وبدرجات متفاوتة من الشدة، وذلك حسب الظروف، وقد تحدث أعطال جسيمة وصعود وهبوط في الإنجازات والأضرار.

وشكلت معركة “طوفان الأقصى” شعورا بالتهديد الوجودي، ومن ثم شكلت إجماعا واسعا على أن إسرائيل تخوض حربا فُرضت عليها، وهذا هو أساس التأييد الشعبي الواسع للغاية لأهداف الحرب وللجيش الإسرائيلي.

بيد أن الحرب الطويلة إذا توسعت إلى جبهات إضافية أو أصبحت معقدة، حسب معهد الأبحاث الإسرائيلي، ستشكل تحديا كبيرا لقدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود، مما قد يقوض الالتفاف الجماهيري ويؤدي إلى تآكل محتمل للدعم الشعبي للمجهود الحربي.

وستكون لذلك أيضا، وفق الباحثين في معهد أبحاث الأمن القومي مائير ألران وأرئيل هايمان، آثار على المزاج الوطني للإسرائيليين، الذي سيتأثر بحجم الخسائر في صفوف الجنود وباستعادة أكبر عدد من المحتجزين الإسرائيليين.

وأكد الباحثان أن أصداء الصدمة الجماعية التي حدثت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ستكون ثانوية كلما طال أمد الحرب، وستكون الإنجازات العسكرية على الأرض هي المعيار للحفاظ على الدعم الشعبي لاستمرار الحرب على غزة، والعكس صحيح في حالة الخسائر وعدم تحقيق أهدافها.

فخ وضغوطات

ويرى مراسل شؤون الجيش والأمن في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشع أن مراوغة حماس مع إسرائيل خلال الهدنة ومراحل صفقة التبادل تعكس الفخ الذي نصبه السنوار للجيش المتوغل في القطاع، وسط ضغوطات الشارع الإسرائيلي لتحرير جميع المحتجزين.

وأوضح أن خيار المستوى السياسي والجيش في إسرائيل بقبول الهدنة ووقف إطلاق النار المؤقت مقابل عودة عدد محدود من المختطفين لا يحسّن قوة الردع الإسرائيلية، إذ يأتي بالضبط بعد أن تعافى الجيش الإسرائيلي من الضربة التي تعرض لها خلال “طوفان الأقصى”.

ويعتقد أن إصرار القيادة العسكرية على استئناف الحرب على القطاع وتوسيعها يعكس الفهم المتزايد في قيادة هيئة الأركان بأن التوغل البري كان يجب أن يتجه نحو عمق رفح وإحكام الحصار على حماس هناك، لإطلاق سراح جميع المحتجزين في صفقة واحدة، والتهديد بتحويل غزة إلى مخيم كبير للاجئين.

من جهته، يرى الباحث في الشؤون الأمنية والشرق الأوسط في جامعة تل أبيب إيال زيسر أن خيارات المستوى السياسي هي قبول خطة المستوى العسكري واستمرار القتال والمعارك البرية نحو الجنوب، “وذلك إذا ما أرادت إسرائيل تحقيق أي إنجاز يفضي إلى تقويض حكم حماس بالقطاع عسكريا وسياسيا”.

وأوضح زيسر -في مقال له بصحيفة “إسرائيل اليوم”- أن هاليفي والمتحدثين باسم الحكومة صرحوا ووعدوا بأن الجيش الإسرائيلي سيستمر أيضا في القتال والمعارك البرية في جنوب غزة عند انتهاء الهدنة، وأنه عندما يحدث ذلك سيتم القضاء على قدرة حماس على العمل كقوة عسكرية منظمة، كما أن أنظمة حكمها التي تسيطر بها على القطاع ستنهار.

ولكن في ظل الضغوطات الدولية لتمديد الهدنة وإتمام مراحل جديدة من صفقة التبادل، يقول زيسر إن المخاوف تتزايد من احتمال تعليق قرار استمرار المعارك البرية وإمكانية الحسم.

ولفت إلى أن البعض يرى في الحرب على غزة “حرب استقلال ووجود” لتحديد مصير إسرائيل ومستقبلها في الشرق الأوسط على مدى 75 عاما مقبلة.

سيناريوهات

ولهذا السبب بالتحديد، يقول الباحث في الشؤون الأمنية والشرق الأوسط إنه “يُحظر على الجيش الإسرائيلي وقف النار والانسحاب من غزة قبل الحسم وتحقيق أهداف الحرب، فالحسم في غزة وحده هو الذي سيضمن الأمن لإسرائيل وسيعيدها إلى طريق المُلك الذي كانت عليه مساء السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.

وعن الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية الإسرائيلية، تقول محللة الشؤون السياسية في صحيفة “إسرائيل اليوم” سريت أفتيان كوهين إن التأخير لمدة يوم واحد في إعادة المحتجزين من الدفعة الثانية أظهر أن “إسرائيل القوية ذات السيادة المستقلة رهينة في أيدي يحيى السنوار”.

وتضيف كوهين أنه “رغم الضربات القاسية التي تلقتها حماس في ساحة المعركة، فقد تمكنت من التوصل إلى صفقة وفق معاييرها، وأصبحت إسرائيل وقيادتها السياسية مضطرة إلى الموافقة على كل مطلب إضافي حتى لا تضيع فرصة العودة الآمنة للأطفال والنساء، وأصبح تحديد سير الحرب منوطا ببقاء محتجزين لدى حماس وبقرار السنوار”.

وأمام تعقيدات سيناريوهات وخيارات تمديد الهدنة أو استئناف جولات القتال وتحديات ملف المحتجزين، تقول كوهين إن “إسرائيل تواجه الضغوطات الدولية الداعية إلى وقف الحرب”.

وأوضحت المحللة السياسية أن الجيش الإسرائيلي شكل “خلية الشرعية” -التي مقرها في وزارة الأمن في تل أبيب- وتتمثل مهمتها في رصد معدل الشرعية الدولية لإسرائيل بالحرب على غزة.

ورأت أنه مع بدء الهدنة المؤقتة وإتمام صفقة التبادل، فإن هذه الشرعية تفقد بشكل متدرج الاهتمام بملف المحتجزين الإسرائيليين، ويزداد اهتمامها بالدمار الشامل على قطاع غزة، وسط تعالي الأصوات الداعية إلى إنهاء الحرب في ظل التعاطف العظيم مع الفلسطينيين.

وقالت إنه مع غياب أي أفق سياسي لحكومة نتنياهو يتعلق بمستقبل غزة بعد الحرب و”من سيملأ الفراغ فيها غداة حماس”، فإن المجتمع الدولي -ومن ضمنهم أصدقاء إسرائيل في أوروبا وأميركا- يريدون استئناف مفاوضات حل الدولتين. وبذلك، تقول كوهين، “سيكتمل انتصار حماس التي لن تتفكك ولن تختفي بعد أن تضع الحرب أوزارها”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *