شمال سوريا- حملت عملية إتلاف نحو 200 ألف حبة “كبتاغون” -في محفل عام وحضور فعاليات دينية واجتماعية وسياسية في محافظة السويداء جنوبي سوريا- رسالة مفادها أن المجتمع المحلي يرفض ظاهرة تهريب المخدرات محليا وخارجيا، وسط دعوات لدعم الجهود الأهلية، في ظل غياب أي دور للنظام السوري المتهم الرئيسي بالضلوع في عمليات التهريب.
وجاءت عملية الإتلاف على يد حركة “رجال الكرامة” التي باتت تمتلك حضوراً مهماً في المشهد العسكري والمحلي بالسويداء التي تشهد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد نظام الأسد منذ نحو 7 أشهر، بعد أن اكتشفت شحنة الحبوب المخدرة ضمن شاحنة كان من المقرر نقلها إلى الأردن.
ومؤخرا، تنامت حركة تهريب المخدرات نحو الأردن عبر الجنوب السوري، وتحولت محافظتا السويداء ودرعا إلى بوابات عبور غير شرعية للعديد من مهربي المخدرات، حيث أعلنت عمّان خلال الأيام القليلة الفائتة عن إحباطها عدة عمليات تهريب مخدرات قادمة من سوريا، وقتل عدد من المهربين.
دوريات للمراقبة
وفي الجانب السوري، شهدت قرى في محافظة السويداء، قرب الحدود مع الأردن، مبادرات أهلية لمكافحة تهريب المخدرات، بما في ذلك رصد الطرق المشبوهة المستخدمة في عمليات التهريب.
وقالت مصادر محلية في السويداء إن بعض الشبان في بلدة ملح، التي تعرضت لأكثر من غارة جوية أردنية خلال الأسابيع الماضية، بدؤوا تشكيل دوريات لمراقبة الطرق.
وفي بلدة خربة عواد، حذر الأهالي -في بيان- من أن أي شخص يعمل في تهريب المخدرات، أو يخل بأمن الحدود مع الأردن، سيكون “عرضة للعقوبة القاسية، مهما كانت صفته” مؤكدين أن دورياتهم سوف تنتشر على مداخل ومخارج القرية.
كما توافق الأهالي في ذيبين على “تشكيل مجموعة لمكافحة ظاهرة التهريب عبر أراضي القرية وتسيير دوريات على مدار الساعة” محذرين من أن المتورطين ومن يتعاون معهم “سيكونون أهدافاً مشروعة”.
ويقول أبو تيمور المتحدث باسم حركة “رجال الكرامة” -التي تقود مبادرات مكافحة المخدرات الأهلية- إن آلية العمل تقوم على ملاحقة المروجين والموزعين وكبار تجار المواد المُخدرة المُختلفة، عبر تشكيل دوريات مداهمة وحواجز تفتيش قدر الإمكان، للحد من تصنيع هذه المواد أو نقلها عبر السويداء.
ويضيف أبو تيمور -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الجهود المحلية في السويداء بحاجة لدعم معنوي وغطاء عربي إقليمي، فضلاً عن الدعم اللوجستي على عدة مستويات، لمواجهة شبكات التهريب.
ونفى أبو تيمور أن تكون أي جهة عربية أو إقليمية قد تواصلت مع “رجال الكرامة” لأجل تنسيق جهود مكافحة تهريب المخدرات انطلاقاً من الجنوب السوري نحو الأراضي الأردنية.
لكن قدرة الفصائل المحلية لمحاربة التهريب محدودة، وفق مدير شبكة السويداء 24 الإخبارية الصحفي ريان معروف، مؤكداً أنها لا تستطيع حسم ملف المخدرات بل محاربته إلى حد معين، كونه يدار من قبل أنظمة ودول.
وقال معروف -في حديث للجزيرة نت- إن المجموعات المحلية في السويداء طلبت من الأردن تسليم أسماء المطلوبين من تجار ومروجي المخدرات، تجنيباً لعمليات القصف وسقوط ضحايا من المدنيين.
التهريب مستمر
وبعد ساعات من تأسيس “خلية اتصال” مشتركة بين عمان ودمشق وبغداد وبيروت، عقب اجتماع على مستوى وزراء الداخلية، يوم السبت، بالعاصمة الأردنية، أعلن الجيش الأردني مقتل 5 مهربين وإصابة 4 آخرين، أثناء إحباط محاولة تهريب مخدرات من سوريا.
وتشير الدلائل والوقائع على الأرض إلى أن عمليات التهريب مستمرة، ولا تمنعها عمليات تنسيق أمني، في وقت تشير تقارير إلى أن النظام السوري بات يتحصل على مبالغ مالية ضخمة من تجارة المخدرات، حيث أكد معهد “نيو لاينز” الأميركي أن النظام السوري يستخدم هذه التجارة وسيلة للبقاء سياسياً واقتصادياً إثر العقوبات المفروضة عليه.
ويؤكد الباحث والأكاديمي جمال الشوفي أن بيان حركة “رجال الكرامة” الذي دعا إلى التعاون معها في مكافحة المخدرات جنوبي سوريا، جاء لإدراكها أن الأجهزة الأمنية السورية لا تعمل على إيقاف تهريب المخدرات، بل تسهل عملهم كما أثبتتها وقائع 2022.
وأشار الشوفي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن من مصلحة الشعبين الأردني والسوري في المنطقة إيقاف مروجي المخدرات ومهربيها، سواء في سوريا أو الأردن.
وحذر من أن مروجي المخدرات يستغلون الفوضى العامة والبطالة وفقدان فرص العمل لدى جيل الشباب، وبالنتيجة يستخدمونهم لهدم التماسك المجتمعي الأهلي في السويداء من جهة، كما يستخدمون بعضهم كمهربين في عصابات الاتجار بالمخدرات.