واشنطن- يُطلق على الذين ولدوا على مدار 15 عاما بين عامي 1997 و2012 “الجيل زد” (Generation Z). وتتراوح أعمار أبنائه حاليا بين 13 و28 عاما، وهم طلاب المدارس الثانوية والجامعات والمتخرجون حديثا. وهم الأكثر نشاطا بين 170 مليون أميركي، كما أنهم أكثرهم تمسكا بتطبيق “تيك توك”.
وبعد توقف لأقل من يوم في الولايات المتحدة، عاد التطبيق للعمل بعد تصريح الرئيس المنتخب دونالد ترامب بأنه سيسمح بإعادة خدمته داخل البلاد بعد تأديته اليمين في وقت لاحق من اليوم الاثنين. وأضاف أنه سيتخذ إجراءات تنفيذية للسماح لتيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة مؤقتا.
وشارك الكثير من أبناء جيل زد في انتخاب ترامب، وتحدث ترامب نفسه عن كيفية مساعدة تيك توك له في الوصول إلى الناخبين الأصغر سنا وأولئك الذين يبتعدون عن وسائل الإعلام الرئيسية. ويأمل مؤثرو هذا الجيل إلغاء الحظر بصورة كاملة ودائمة.
دعم إسرائيل يتراجع
على مدار عقود حافظ الشعب الأميركي على تأييده الواسع لإسرائيل، لكن هذا التأييد بدأ في التراجع في السنوات الماضية، وارتفعت -مقابل ذلك- نسبة الدعم للحقوق الفلسطينية بين الشباب الأميركي، لا سيما طلبة الجامعات.
ولم تعد شعارات “حق إسرائيل في الوجود”، و”ضرب الإرهابيين”، و”معاداة السامية” تسيطر على فهم هذا الجيل للصراع المتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحلّت بدلا منها شعارات “الإبادة الجماعية” و”الفصل العنصري”، و”سرقة الأراضي”، و”التطهير العرقي” في أوساط جيل زد.
ولم يعد هذه الجيل يحصل على معلوماته والأخبار العامة من وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف المطبوعة والشبكات الإخبارية مثل شبكتي “فوكس” و”سي إن إن”، وغيرهما. وأصبحت تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الأول للأخبار وجاءت تيك توك على رأس هذه التطبيقات بين هذا الجيل.
في أبريل/نيسان الماضي، وقّع الرئيس الأميركي المغادر جو بايدن على قانون يحظر التطبيق على خلفية علاقته والشركة المالكة له بالحكومة الصينية والحزب الشيوعي الحاكم هناك.
واعتبرت إدارة بايدن أن ذلك يمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي، حيث تجمع الشركة كميات كبيرة من البيانات عن المواطنين الأميركيين، ويمكن أن ينتهي ذلك في أيدي الحكومة الصينية. كما أن خوارزميات التطبيق يمكن أن تتلاعب بها بكين، وهو ما يمنحها نفوذا سياسيا واسعا في الولايات المتحدة.
لكن العديد من المستخدمين على المنصة يعتقدون أن هذا ليس هو المبرر الحقيقي، وأن عدم التحكم في خوارزميات التطبيق بما يسمح بنشر المواد المؤيدة للفلسطينيين والفاضحة لإسرائيل، ولجرائمها في قطاع غزة، هو الدافع الفعلي لبدء خطوات حظر التطبيق داخل الولايات المتحدة.
اتهامات سياسية
ومنذ بدء طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اتهمت المنظمات اليهودية الأميركية، وعدد كبير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، تطبيق تيك توك بنشر وجهات نظر معادية لإسرائيل و”للسامية”.
بيد أن عددا من المشرعين رفضوا ذلك، واتهم السيناتور ماركو روبيو، المرشح لمنصب وزير الخارجية في إدارة ترامب، الصين بنشر مواد دعائية مؤيدة للصين ومضرة بالديمقراطية الأميركية، وأن تيك توك يستخدَم “للتقليل من إرهاب حركة حماس” على حد وصفهم.
كمال كتب النائب الجمهوري من ولاية ويسكونسن مايك غالاغر، مقالا يجادل فيه بأن تطبيق تيك توك “يغسل أدمغة شبابنا ضد بلادنا وضد حلفائنا بنشر دعاية مؤيدة لحماس”.
في حين ربط السيناتور الجمهوري ميت رومني مباشرة بين دعمه لحظر تيك توك، والمحتوى المؤيد للفلسطينيين على المنصة.
وقال في منتدى معهد آسبن بالصيف الماضي “يتساءل البعض عن سبب وجود مثل هذا الدعم الساحق لإغلاق تيك توك؛ عدد الإشارات إلى الفلسطينيين أعلى بكثير على تيك توك مقارنة بتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى”.
وفي حديث للجزيرة نت، قال أحد طلاب المدارس الثانوية في واشنطن، إن “الدول الديكتاتورية غير الديمقراطية هي التي تحظر التطبيقات التكنولوجية، والمواقع الإلكترونية، تحت ستار تهديدات الأمن القومي. الأمر في حالة تيك توك يرتبط بحرية التعبير في الأساس، وبمحاولة الحكومة تحديد ما ينبغي لنا مشاهدته وما لا ينبغي مشاهدته”.
يدافع عن نفسه
واتهم بعض المشرعين تيك توك بالتحيز المتعمد في الخوارزمية الخاصة به لصالح تفضيل المحتوى المؤيد للفلسطينيين “كجزء من أجندة معادية لإسرائيل”. وينفي تيك توك مرارا وتكرارا تأييده لأجندة معادية لإسرائيل، حيث اجتمعت إدارة التطبيق مع مؤثرين وممثلي منظمات يهودية أميركية لطمأنتهم بأن المنصة ليست متحيزة.
وترد المنصة بالقول إن مقاطع الفيديو التي تحمل علامة التصنيف (الوسم) “standwithIsrael” (قفوا مع إسرائيل) تلقت موادها مشاهدات أكثر من تلك التي تم وضع علامة عليها “freepalestine” (الحرية لفلسطين)، مما يشير إلى عدم تحيّز تيك توك تجاه المحتوى المؤيد لإسرائيل.
كما تعرض تيك توك لاتهامات بتشجيعه “معاداة السامية” مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. واشتكى مؤثرون يهود من تفشي “معاداة السامية” في التعليقات التي تغمر حساباتهم.
ويرد تيك توك بعدم صحة الاتهام، وأن خوارزمياته ترسل المزيد من المواد للمستخدمين طبقا لنوع المحتوى الذي يبدو أنهم مهتمون به دون تدخل منهم.
ويتعرض موقع “إكس” ومالكه الملياردير إيلون ماسك لاتهامات مشابهة، إلا أن الكونغرس لم يتدخل لسن تشريع بحظر التطبيق أو يطالب ببيعه.
ويعتبر الكثير من شباب جيل زد أن التضييق على تطبيق تيك توك ما هو إلا محاولة للحد من حرية التعبير عن فلسطين ومنع انتقاد إسرائيل، في محاولة لاستمرار التحكم في طريقة التفكير الأميركية فيما يختص بالقضية الفلسطينية، ودعم إسرائيل بلا شروط.
وقال طالب جامعي للجزيرة نت، إنه “وبالنظر إلى أن العديد من الصور والفيديوهات التي تعكس ما يحدث في قطاع غزة تنتشر من خلال تطبيق تيك توك وتجد طريقها لتطبيقات أخرى مثل إنستغرام، ويوتيوب، وإكس. فمن غير المرجح أن يؤدي حظر تيك توك إلى تغيير الوصول إلى المعلومات حول حقيقة ما يحدث في قطاع غزة، وهو ما يعني فشل جهود الضغط على الشباب الأميركي للحد من تعاطفه مع الحقوق الفلسطينية”.