عين الحلوة- بحذر شديد وخطوة تتلوها أخرى، رافقنا انتشار القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة عند مداخل مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد إخلائها من المسلحين، بيسر ومن دون إشكالات أمنية أو عسكرية وكان كل شيء مهيأ لإتمام هذه الخطوة بهدوء ونجاح.
ويعد الانسحاب من المدارس في مخيم عين الحلوة ثالث بنود اتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه برعاية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وكانت الاتصالات واللقاءات بين القوى والفصائل الفلسطينية وأطراف لبنانية استمرت حتى ساعات فجر الجمعة، لخلق الظروف الملائمة لإنجاح العملية وتذليل بعض العقبات التي سبقتها وإزالة المخاوف لدى الطرفين.
وكان حجم الدمار في منطقة الطوارئ صادما، أما داخل المدارس فالصورة أسوأ والخراب عم كل شيء وأصيبت الفصول الدراسية بقذائف صاروخية وبعثرت الكتب والقرطاسية وسقطت الأدوات التعليمية أرضا مخلفة فوضى كبيرة، ولكنها ليست أكبر مما أصاب العام الدراسي الجديد من إرباك وفوضى وضبابية.
ورغم التهدئة والأجواء الإيجابية وتبريد الاحتدام بين المتقاتلين بهذه الخطوة، فإن الوضع على الأرض لا يشي بأن الطرفين المتقاتلين مستعدان للتخلي عن مواقعهما أو سحب المسلحين والتحصينات من الشوارع، والأنكى من كل ذلك أن هناك صاعقا قد يفجر التسوية ويعيد سيرة الاشتباكات الأولى، وهو تسليم مجموعة “الشباب المسلم” المطلوبين الثمانية المتهمين باغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في مدينة صيدا، اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه يوم 30 يوليو/تموز الماض، الذي كان سببا مباشرا لاندلاع جولتي الاشتباكات.
تصريح خاص لهيثم الشعبي عقب استلام القوة الأمنية المشتركة لمدارس الأونروا في مخيم #عين_الحلوة pic.twitter.com/4Tw4IXoYf3
— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) September 29, 2023
هذا ما قاله المسؤول العسكري للشباب المسلم في عين الحلوة هيثم الشعبي أثناء عملية إنتشار القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في مدارس الاونروا pic.twitter.com/UFwVYYrzVk
— صيدا أون لاين (@SaidaOnline_com) September 29, 2023
وجاء تصريح المسؤول العسكري لتجمع “الشباب المسلم” في عين الحلوة هيثم الشعبي ليفتح الباب على آفاق مجهولة، إذ قال للإعلاميين -الذين رافقوا انتشار القوة المشتركة وانسحاب المسلحين من المدارس- إن “المشتبه بهم الذين تثبت عليهم تهمة القتل سنتخذ إجراء بحقهم”، بمعنى آخر أن “الشباب المسلم” لن يسلم أيا من المشتبه بهم لأجهزة الدولة اللبنانية للتحقيق معهم واتخاذ المقتضى القانوني بحقهم.
وأضاف أن “الخطوة التالية تتضمن إزالة الدشم والشوادر والسواتر”، واعدا بأنهم “لن يكونوا حجر عثرة بأي قرار أو اتفاق”.
وكان أمين سر حركة فتح في صيدا ماهر شبايطة قال -في مقابلة سابقة مع الجزيرة نت- إنهم “يضعون أنفسهم ضمن العمل الفلسطيني المشترك، وفيها اتفقنا على تعزيز القوة الأمنية المشتركة ونشرها في الأحياء التي شهدت الاشتباكات وعند مداخل المدارس التي ينسحب منها المسلحون”.
وأضاف “بعد الانسحاب من المدارس، يتبقى بند جلب القتلى إلى الدولة اللبنانية، وعندما ينفذ هذا البند يسحب صاعق التفجير ويعود الاستقرار والحياة الطبيعية إلى المخيم، ثم ندعو الناس والنازحين للعودة إلى المخيم الذي يجب أن يكون الحاضنة لشعبنا حتى تتحقق العودة لفلسطين”.
وختم بقوله “نحن تنظيم فلسطيني نتبع الدولة الفلسطينية، ولكن الطرف الآخر يتصرف حسب الأجندات المرسومة لهم، والأوامر التي تأتيهم بالهاتف، فهؤلاء غير منضبطين، قرارنا فلسطيني وقرارهم ليس بأيديهم، بل بأيدي الإرهاب الدولي”.
بدوره، لفت الكاتب المختص بالشؤون الفلسطينية محمد دهشة إلى أن “مخيم عين الحلوة تجاوز قطوعا أمنيا خطيرا، بعدما نجحت (القوة الأمنية المشتركة) الفلسطينية بالانتشار عند مداخل المدارس بعد إخلائها من المسلحين بسلاسة ودون ضربة كف”.
وأضاف أنه “جرت عملية الإخلاء بالتزامن، ولم يشبها أي معوقات بخلاف ما كان يتوقع البعض، وذلك بعدما مهدت الاتصالات واللقاءات -التي استمرت حتى ساعات الفجر الأولى- الظروف الملائمة لإنجاح العملية وتذليل بعض العقبات التي سبقتها وإزالة المخاوف لدى الطرفين”.
وخلص إلى أن “هذه الخطوة تعتبر ذات دلالة عسكرية ومؤشرا على التهدئة بعد نحو شهرين على التوتر الذي ساد المخيم منذ اندلاع الاشتباكات، كما أنها خطوة مهمة كونها تأتي استكمالا لمسار انتشار القوة الأمنية في منطقتي (الرأس الأحمر- الطيرة) وعند مفرق بستان القدس، ولكونها تمهد الطريق لاستكمال باقي الخطوات ومنها الانتشار في حي (حطين)، ودعوة العائلات النازحة للعودة إلى منازلها وعودة الحياة إلى طبيعتها في المخيم، لتبقى الخطوة الأساس في كيفية التعامل مع المشتبه بهم في جريمة اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي”.
يشار إلى أن جولات الاقتتال اندلعت منذ 30 يوليو/تموز الماضي، وأسفرت عن سقوط 28 قتيلا وأكثر من 225 جريحا ونزوح آلاف العائلات من المخيم.