واشنطن – يشكل تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن على أن دعم بلاده لإسرائيل “صلب كالصخر” و”راسخ”، نمطا اعتياديا من خطاب الرؤساء الأميركيين تجاه إسرائيل. وقال بايدن إن “الولايات المتحدة تقف بجانب إسرائيل، ولن نخفق أبدا في مساندتها”.
من جانبه، كرر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن التزام بلاده بدعم إسرائيل، وقال إن الجيش الأميركي سيضمن حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.
وأقامت إسرائيل تعاونا ثنائيا وثيقا مع الولايات المتحدة في عديد من المجالات، على رأسها التعاون العسكري الذي أصبح ركنا أساسيا من علاقات الدولتين. ويُلزم القانون الأميركي السلطة التنفيذية اتخاذ إجراءات معينة للحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل على كل جيرانها، وتسريع المساعدات ومبيعات الأسلحة إلى إسرائيل بطرق مختلفة.
وتُلزم مذكرة تفاهم للمساعدات العسكرية الثنائية مدتها 10 سنوات -تم توقيعها في عام 2016- الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بمبلغ 3.3 مليارات دولار من التمويل العسكري الأجنبي، إضافة لإنفاق 500 مليون دولار سنويا على برامج الدفاع الصاروخي المشتركة من السنة المالية 2019 إلى السنة المالية 2028. وتشير مذكرة التفاهم إلى إمكانية تقديم مساعدات تكميلية في حالات الطوارئ مثل الحروب.
وفي هذا التقرير تحاول الجزيرة نت الإجابة عن أبرز التساؤلات بشأن الدعم الأميركي السنوي العسكري لإسرائيل ونوعيته.
-
هل تتلقى إسرائيل معاملة أميركية خاصة في ما يتعلق بالمساعدات العسكرية؟ ولماذا؟
نعم، إسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية، وقدمت الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، بالتعاون مع مجلسي الكونغرس، المساعدات لإسرائيل دون رفض شعبي يذكر.
وترى النخبة السياسية الأميركية أن مساعدة إسرائيل تخدم مصالح أميركا في الشرق الأوسط، خاصة في ظل الدعم الداخلي القوي لإسرائيل، ولضرورة الحفاظ على أمنها.
ويعود تاريخ بدء دعم واشنطن لإسرائيل منذ لحظة تأسيسها عام 1948، وتدعي واشنطن أن الأهداف الإستراتيجية المشتركة والالتزام المتبادل بالقيم الديمقراطية تدعم هذا الطرح.
-
ما حجم المساعدات العسكرية التي تلقتها إسرائيل حتى الآن من الولايات المتحدة؟
حتى عام 2023، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ما قيمته 158.8 مليار دولار من المساعدات المختلفة (تصل إلى 260 مليار دولار عند إدخال معدل التضخم طبقا لبيانات خدمة أبحاث الكونغرس).
وتنقسم المساعدات الأميركية التي قُدمت لإسرائيل على النحو التالي:
- مساعدات عسكرية: 114.4 مليار دولار.
- مساعدات اقتصادية: 34.4 مليار دولار.
- مساعدات برامج الصواريخ: 10 مليارات دولار.
- الإجمالي = 158.8 مليار دولار.
وتأتي المساعدات الأميركية لإسرائيل تقريبا في شكل منح لشراء أسلحة. وتتلقى إسرائيل 3.3 مليارات دولار سنويا من برامج التمويل العسكري الأجنبي. كما أنها تتلقى 500 مليون دولار للبحث والتطوير ونشر أنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة المضادة للصواريخ تعود بالنفع الكامل تقريبا على الاحتياجات العسكرية الإسرائيلية. وفي عام 2021 بلغت نسبة المساعدات المقدمة لإسرائيل نسبة 59% من إجمالي ما تقدمه الولايات المتحدة من مساعدات عسكرية تحت برنامج التمويل العسكري الخارجي، وتبلع نسبة بقية دول العالم 41% من إجمالي المساعدات الأميركية.
-
كيف تظهر المعاملة التفضيلية الأميركية لإسرائيل في موضوع شراء الأسلحة؟
لم يسبق أن تعرض موضوع تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل لانتقادات واسعة، بل على العكس، يبادر الكونغرس بعرض أفكار تقديم أحدث الأسلحة الأميركية لإسرائيل (مجانا حيث تدفع ثمنها من برامج المساعدات العسكرية).
وكانت إسرائيل أولى دول العالم التي تحصل على تشغيل طائرات “إف-35” (F-35)، التي تمثل الجيل الخامس من أقوى الطائرات المقاتلة تقدما على الإطلاق. وحتى الآن، اشترت إسرائيل 50 طائرة من هذا النوع، وذلك بتمويل من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، وبالفعل وصل إلى إسرائيل 36 مقاتلة منها حتى الآن.
-
هل تتبع واشنطن أي سياسات أخرى لدعم إسرائيل عسكريا؟
نعم، فقد تبنى الكونغرس عدة تشريعات تضمن استمرار التفوق العسكري الإسرائيلي على الجيوش العربية مجتمعة، ممثلا في قانون التفوق العسكري النوعي. وقد مثّل تقديم أحدث أنواع الأسلحة -التي تنتجها التكنولوجيا العسكرية الأميركية لإسرائيل- أولى طرق هذه الإستراتيجية.
ومن ناحية أخرى، ولضمان التفوق العسكري الإسرائيلي، شرع الكونغرس قوانين تضمن التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، ولا يمرر الكونغرس أي صفقة عسكرية إلى دول المنطقة من دون مراجعتها بدقة.
وفي حالات كثيرة، تعوض الولايات المتحدة إسرائيل بمزيد من صفقات السلاح إذا أقدمت واشنطن على بيع أسلحة متطورة لدول عربية. وقد عرقل الكونغرس في كثير من الحالات منح رخص تصدير أسلحة متطورة إلى الدول العربية الحليفة. ومن أشهر تلك الحالات محاولة الكونغرس عرقلة صفقة طائرات أواكس للسعودية في ثمانينيات القرن الماضي، مما دفع بالرئيس الجمهوري رونالد ريغان لمواجهة طويلة مع الكونغرس، رغم سيطرة حزبه على أغلبية المجلسين.
-
هل تغيرت نظرة الكونغرس بشأن تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل حيال السنوات الأخيرة؟
لا، وذلك على الرغم من بدء بعض أعضاء الكونغرس في مناقشة المنطق من وراء منح إسرائيل “شيك على بياض” في ما يتعلق بالأسلحة الأميركية، خاصة تجاه تلك الأسلحة التي يستخدم بعضها ضد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، وهو ما يمثل انتهاكا للقوانين الأميركية.
وعلى سبيل المثال، قدمت النائبة بيتي ماكولوم مشروع قانون في 15 أبريل/نيسان 2021، بمشاركة 17 عضوا، لضمان عدم استخدام إسرائيل المساعدات الأميركية ضد الأطفال الفلسطينيين، أو في عمليات التهجير القسري للفلسطينيين من خلال هدم المنازل وعمليات الإخلاء، والضم غير القانوني للأراضي الفلسطينية.
وردا على ذلك، أصدر النائب تيد دويتش رسالة في 22 أبريل/نيسان، وقعها أكثر من 300 عضو، عارض فيها “خفض التمويل أو إضافة شروط على المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل”.
-
ما الاتفاقيات التي تحكم تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل؟
منذ عام 1999، وضعت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في مذكرات تفاهم بين البلدين. وتشمل هذه التخصصات -مدتها 10 سنوات- وعودا بتقديم طلبات بالمساعدات ضمن مقترح الميزانية السنوية التي يقدمها الرئيس، ولا يزال يتعين على الكونغرس أن يخصص المبالغ الفعلية للمساعدة سنويا. ومن الناحية العملية، يلتزم الكونغرس بطلبات ميزانية الرئيس دون تغييرات.
تم التوقيع على مذكرة التفاهم الأخيرة عام 2016، وتعهدت بتقديم 33 مليار دولار في صندوق التمويل العسكري، و5 مليارات دولار لتمويل الدفاع الصاروخي خلال الفترة (2019 – 2028).
هذا رغم كون إسرائيل نفسها أصبحت أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم، إذ قامت ببيع ما يقارب من 11 مليار دولار من الأسلحة عام 2020.
-
ألا تعرقل القوانين الأميركية تصدير الأسلحة لإسرائيل؟
القانون الأميركي واضح، يجب على جميع البلدان التي تتلقى مساعدات أميركية أن تفي بمعايير احترام حقوق الإنسان، والدول التي تنتهك هذه المعايير عرضة للعقوبات وغير مؤهلة للحصول على المساعدات العسكرية الأميركية. وينظم قانون المساعدة الخارجية (P.L. 87-195) جميع أشكال المساعدات الأميركية للدول الأجنبية.
وينص على أنه لا يجوز تقديم أي مساعدة إلى بلد “ينخرط في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا”.
ينظم قانون مراقبة تصدير الأسلحة (P.L. 90-629) المساعدات العسكرية الأميركية والمبيعات إلى البلدان الأجنبية. وينص على أن الولايات المتحدة يمكن أن تزود الدول الأجنبية بالأسلحة “فقط من أجل الأمن الداخلي، ومن أجل الدفاع المشروع عن النفس”.
وهناك قانون ليهي، الذي يلزم وزارتي الخارجية والدفاع بفحص الوحدات العسكرية الفردية والأفراد، قبل أن يكونوا مؤهلين لتلقي المعدات أو التدريبات الأميركية.
وتنص نسخة وزارة الخارجية من القانون على أنه لا يمكن تقديم أي شكل من أشكال المساعدة “لأي وحدة من قوات الأمن” ترتكب “انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان”. كما تنص نسخة وزارة الدفاع على أنه لا يمكن تقديم أي تدريب أو معدات لوحدة عسكرية “ارتكبت انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان”. لكن لا تتعرض إسرائيل لأي من هذه القيود.
-
هل تفرض واشنطن أي شروط على المساعدات المقدمة لإسرائيل؟
فرضت واشنطن شروطا على بعض الدول مثل مصر في ما يتعلق بتلقيها قنابل وقذائف المواد الانشطارية. على سبيل المثال، في ميزانية العام الجاري، تم حجب ملايين الدولارات من إجمالي الـ1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، حتى تشهد وزارة الخارجية الأميركية أن القاهرة “تتخذ خطوات مستدامة وفعالة” لتعزيز حقوق الإنسان.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، لا تنطبق شروط إضافية، ولا يتم الالتزام بالقوانين العامة لحقوق الإنسان على نحو شبه كامل. وعلاوة على ذلك، فإن تدفق الأسلحة إلى إسرائيل أقل شفافية بكثير من تدفقها إلى بلدان أخرى، مما يجعل تنفيذ هذه القوانين أكثر صعوبة.
كما أن إسرائيل هي البلد الوحيد في العالم الذي لا تملك الولايات المتحدة آليات تعقب لتحديد الأسلحة التي تذهب إلى وحدات عسكرية محددة. هذا التعتيم يجعل من المستحيل تقريبا على وزارتي الخارجية والدفاع تنفيذ متطلبات فحص قانون ليهي بشكل صحيح.