بلال العيسي استشهد وهو يحاول إبقاء أفراد عائلته أحياء

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

بلال العيسي مشجع كرة متعصب وأب لطفلين، كان من بين الضحايا الذين أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم بالقرب من مجزرة قافلة المساعدات الأخيرة التي استشهد فيها 112 فلسطينيا وأصيب 800 آخرون، بينما سُمّيت بـ”مجزرة الطحين” شمالي قطاع غزة.

وذكر تقرير صحيفة الغارديان -اليوم السبت- أن العيسي، البالغ من العمر 28 عاما، استُشهد في تلك المجزرة وهو يحاول إيجاد طعام لعائلته.

ونبّه التقرير، الذي أعدته أسيل موسى في غزة وإيما غراهام هاريسون في القدس، إلى أن العيسي ذاق لوعة الألم الرهيب لعجزه عن إطعام أحب الناس إليه، وزادت وطأة الألم كل يوم؛ لأنه لم يتمكن من العثور على اللبن لطفلتيه، ليان التي عمرها 5 سنوات وميلا التي لم تتجاوز عامين، أو الخبز لوالده.

لذلك عندما سمع بشحنة نادرة من المساعدات الغذائية قد تصل إلى شمال القطاع في الساعات الأولى من يوم الخميس الماضي، شق طريقه إلى شارع الرشيد المواجه للبحر مع شقيقين، حسب ما قال ابن عمهما معتز العيسى لصحيفة الغارديان عبر الهاتف من ألمانيا. ولحق بلال، الذي كان سريع الدعابة، بمئات الأشخاص المجتمعين حول نيران صغيرة لتدفئتهم من البرد القارس في انتظار وصول شاحنات الطعام.

تفريق الحشود
وكان من بين الحضور -أيضا- شكري فليفل، مصور ومخرج سينمائي عمره 21 عاما، الذي أضاف أنه شاهد القوات الإسرائيلية وهي تطلق النار على أشخاص ينتظرون شاحنات المساعدات في المكان نفسه قبل بضعة أيام فقط.

وروى فليفل أنه في حوالي الساعة الرابعة والنصف صباحا، في عتمة ما قبل الفجر، رأى دبابتين إسرائيليتين تسيران في شارع الرشيد تطلقان النار في الهواء لتفريق الحشود. وبعد دقائق معدودة سمع صوت الشاحنات، “وعرف الناس أن الطحين المتوقع وصل أخيرا”.

وأثناء اندفاعهم نحو الشاحنات، لاحظ ظهور دبابة إسرائيلية أخرى شمالا، وبعد لحظات أطلقت الدبابة النار وتعرض الحشد -كذلك- لهجوم من الجنوب.

وتابع فليفل أنه بعد الهجوم الأوليّ انسحبت الدبابتان جنوبا، لكنهما واصلتا مهاجمة الحشد الجائع. وقال “لقد استخدموا قنابل الصوت وأطلقوا النار بشكل عشوائي ومن مسافة بعيدة باتجاه المواطنين، الذين كانوا في طريقهم نحو شاحنات المساعدات. ورأيت الناس يسقطون بجانبي، بعضهم أصيب وبعضهم استشهد بالفعل”. وتفاجأ أنه لم يُصب بأذي عندما انتهى إطلاق النار، حيث ألقى بنفسه بين مصطبتين خرسانيتين. وقال فليفل إن بعض الناس سُحقوا في الحادث لكن بعد أن تعرض الحشد للهجوم الإسرائيلي.

مخلص لعائلته
ويروي معتز من ألمانيا أن بلالا انفصل عن إخوته في الهرج الذي اندلع بعد أن أصابت الرصاصات الأولى الحشد، حيث سارع الجميع للاختباء. وعندما تراجع إطلاق النار بحث إخوته عنه بشكل محموم فوجدوه ينزف بغزارة من جرح في رقبته بسبب رصاصة أصابته. وظل واعيا خلال الرحلة البطيئة حتى وصل إلى المستشفى عبر الشوارع المدمرة، لكنه توفي بعد ذلك في مستشفى الشفاء.

وتابع التقرير أن إخوة بلال ووالده أحسوا بحزن وذنب كبير “لأنهم لم يمنعوه من الخروج بحثا عن الطعام”، كما قال معتز، الذي أضاف أن “بعض إخوته فروا إلى الجنوب، وكان أحدهم طبيب عظام وصدمات، الذي شعر لو أنه كان هناك لتمكن من مساعدته”

وأضاف أن بلالا كان قد فقد أمه بسبب مرض السرطان قبل 3 سنوات، وفاة تقول العائلة إن القيود الإسرائيلية على الواردات الطبية، أو على المرضى الذين يغادرون غزة للعلاج، عجّلت بوفاتها.

وقال ابن عمه إن بلالا بقي في غزة لرعاية والده الذي رفض مغادرة منزله حتى عندما أمرت القوات الإسرائيلية بالإخلاء. وكان مخلصا دائما لعائلته، وقد استشهد وهو يحاول إبقاءهم أحياء.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *