رام الله- بعد تجاوزه كل الخطوط الحمراء من قصف واقتحام للمستشفيات في قطاع غزة، قام جيش الاحتلال بنقل السيناريو نفسه، ولكن بدرجة أقل، إلى المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية، وبشكل خاص في محافظتي جنين وطولكرم.
فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول تعرض مستشفى جنين الحكومي للحصار الإسرائيلي 3 مرات، وتخلل الحصار توقيف وتفتيش مركبات الإسعاف والتدقيق في هويات الجرحى.
ما جرى لمستشفى جنين الحكومي تكرر مع مستشفيات ابن سينا التخصصي والأمل والشفاء للولادة وجميعها في جنين، إضافة إلى مستشفى طولكرم الحكومي ومستشفى هوغو تشافيز في بلدة ترمسعيا شرقي رام الله، وفق بيان لوزارة الصحة الفلسطينية.
حصار وإعاقة
ما يجري يعتبره الفلسطينيون تصعيدا واستنساخا تدريجيا للانتهاكات المستمرة بحق المستشفيات في قطاع غزة وطواقمها ومرضاها والنازحين فيها.
يقول مدير مستشفى جنين الحكومي الدكتور وسام بكر للجزيرة نت إن “مستشفى جنين تعرض للحصار 3 مرات في آخر 3 اجتياحات للمدينة ومخيمها في الأسابيع الأخيرة، موضحا أن الحصار كان يستمر من بداية كل اقتحام إلى حين انسحاب قوات الاحتلال”.
وأضاف أن الحصار كان يتخلله تفتيش لسيارات الإسعاف والتدقيق في هويات الجرحى، وبالتالي منع أو إعاقة وصول المصابين “وفي ذلك تأثير في تلقيهم الخدمة الطبية في الوقت المناسب لتكون النتيجة استشهادهم أو اعتقالهم”.
ولفت مدير مستشفى جنين إلى تحول المستشفى خلال بعض الاقتحامات إلى ملجأ للنازحين من المخيم “عادة إذا تم اجتياح المخيم يأتي نازحون إلى المستشفى، وإذا حوصر لا يستطيعون الوصول”.
ودعا بكر المجتمع الدولي ومنظماته ذات العلاقة “إلى التدخل لتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بحماية المستشفيات وعدم حصارها وتعريضها للخطر، وتأمين الوصول إليها وضمان حرية الحركة لمركبات الإسعاف”.
لا خطوط حمراء
بدوره قال مدير مستشفى طولكرم الحكومي الدكتور أمين خضر إن جيش الاحتلال اقتحم مدينة طولكرم في 13 و14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وضرب حصارا على مخيمها، ونشر آلياته العسكرية في محيط المستشفى بما في ذلك مدخله الرئيسي.
وأضاف أن جنود الاحتلال كانوا يوقفون سيارات الإسعاف، ويخضعونها للتفتيش، ويدققون في هويات طاقمها والمصابين فيها “بل وصل الأمر إلى حد اعتقال جريح من سيارة الإسعاف”.
وفي حادثة أخرى، أشار إلى إطلاق قنابل غازية على تجمع لمواطنين كانوا في ساحة المستشفى دون أي سبب “مما تسبب بحالات اختناق بين مرضى قسم الطوارئ ومرضى أقسام غسيل الكلى والثلاسيميا وأمراض الدم”.
ووفق مدير المستشفى، وبناء على ما يجري في غزة والاعتداء على نحو صارخ على المستشفيات وما يجري في جنين، “لم يعد لدى الاحتلال خطوط حمراء، والمستشفيات لم تعد مكانا يمنع الاعتداء عليه”.
لا نناشد أحدا
في سياق متصل، يقول نقيب الأطباء الفلسطينيين شوقي صبحة، إن اعتداءات الاحتلال على مستشفيات غزة “تتكرر بنفس السيناريو في الضفة الغربية من حصار ومنع دخول المرضى واستهداف سيارات الإسعاف”.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن “ما يجري مبرمج ومخطط لمهاجمة القطاع الصحي في فلسطين ودفعه للانهيار، الاحتلال لا يريد حتى للمصابين والمرضى أن يبقوا على قيد الحياة، يريدون أن يعدموا الجميع، ومن لا يعدم يموت متأثرا بجراحه أو مرضه”.
وهاجم نقيب الأطباء المنظمات الدولية التي لا يتوقع أن تساعد على الضغط لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وأضاف “لا أريد أن أناشد أحدا، لا الصليب الأحمر، ولا منظمات حقوق الإنسان، ولا منظمة الصحة العالمية، جميعها أكذوبة كبيرة، أموال طائلة صرفت على هكذا مؤسسات وجمعيات وورشات عمل ودورات، وللأـسف لا يوجد لها أي دور”.
وقال إن أكثر ما يخشاه الفلسطينيون في الأيام القادمة “تهور الاحتلال بغطاء أميركي ودولي وتكرار مأساة غزة في الضفة”.
وإضافة إلى ما سبق ذكره، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان الاثنين، إن “إغلاق الحواجز وانعدام السلامة والقيود على الحركة والهجمات على المرافق الصحية والعاملين فيها تجعل حركة سيارات الإسعاف صعبة، وتقيد حركة العاملين في مجال الرعاية الصحية، ووصول المرضى إلى الرعاية الأولية والمستشفيات بين مدن الضفة الغربية والقدس”.
وقالت إن “الشركاء الذين يديرون عيادات متنقلة يتعذر عليهم الوصول إلى أجزاء من المنطقة (ج) الخاضعة لسيطرة إسرائيلية، مما يترك السكان دون إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية”.
وفي أحدث بيان لوزارة الصحة، فإن 9 مستشفيات فقط من أصل 35 في قطاع غزة تعمل بشكل جزئي، بينما توقفت 26 مستشفى عن العمل كليا، مع استمرار حصار وقصف المستشفى الإندونيسي والعودة شمالي قطاع غزة، مشيرة إلى استشهاد 205 من الكوادر الطبية، وإصابة 220.