بسبب القصف الإسرائيلي.. لاجئون سوريون بلبنان يواجهون مصيرا مجهولا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

جنوب لبنان- في واد خال من البشر ولا توجد فيه أبسط مقومات العيش الكريم تعيش أم حيّان، وهي واحدة من اللاجئين السوريين القاطنين في جنوب لبنان الذين دفعهم العدوان الإسرائيلي المتكرر على جنوب لبنان للنزوح مجددا إلى الداخل اللبناني.

في غرفة واحدة تقطن هذه السيدة مع أطفالها الأربعة، حيث نزحت من منطقة الشريط الحدودي جنوب لبنان إلى بلدة الباروك قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان، وتصف تلك الغرفة “بالخرابة” حيث لا توجد بها حتى دورة مياه.

وتؤكد أم حيّان في حديث للجزيرة نت أنها بقيت لمدة 20 يوما في الجنوب، ولم ترغب أبدأ بالخروج من منزلها، لكن مع اشتداد القصف الإسرائيلي شعر أبناؤها بالذعر، فاضطرت للهروب نحو منطقة أكثر أمانا، فلجأت إلى الباروك حيث سكنت في هذه الغرفة بانتظار أن يجد زوجها عملا ليؤمّن مسكنا لائقا لهم.

الغرفة التي تقطنها اللاجئة أم حيّان في بلدة الباروك (الجزيرة)

غياب الدعم

حال أم حيّان مثل حال آلاف العائلات السورية التي لم تجد أي مأوى أو مركز تلجأ إليه، لا من مؤسسات الدولة اللبنانية التي بالكاد تلبي حاجات النازحين اللبنانيين، ولا من المنظمات الدولية الراعية للاجئين السوريين في لبنان، والتي غابت أجهزتها عن السمع غيابا تاما.

فالأوضاع الأمنية في جنوب لبنان دفعت آلاف اللبنانيين المقيمين في تلك المنطقة إلى ترك منازلهم والنزوح باتجاه الداخل، حيث لجؤوا إلى مراكز الإيواء التي تجهزت لاستقبالهم، أما النسبة الأكبر منهما فوجدوا في منازل أقربائهم أو أصدقائهم ملجأ لهم إلى حين انتهاء الأزمة.

مناف العويشي -وهو لاجئ سوري في جنوب لبنان- هرب مع عائلته المؤلفة من 5 أطفال من المنطقة الحدودية نحو مدينة صيدا، ويقول للجزيرة نت “لم أعرف في البداية أين علي أن أذهب، فليس لدي أقارب في لبنان، ساقتني قدماي إلى مدينة صيدا حيث التقيت صدفة بشاب سوري، واستقبلني مع أسرتي في منزله، ونحن الآن نعيش عنده”.

العويشي -الذي كان يعمل في مجال البناء قبل اندلاع الأزمة- هو اليوم عاطل عن العمل، وعاجز عن تأمين قوت أطفاله، فالرجل الذي استضافه يؤمّن له متطلباته وحاجياته ولم يقصر معه، وفق ما يؤكده شخصيا.

أما عن المساعدات والإغاثة فيقول اللاجئ العويشي “كنا نتقاضى من منظمة الغوث التابعة للأمم المتحدة مخصصات مالية شهرية عبر البطاقات المصرفية، لكن منذ أكثر من شهر لم نتقاضَ فلسا واحدا، ولا نعرف السبب، ولم يتصلوا بنا ليقفوا على وضعنا المأساوي الذي نعيشه”.

صورة اللاجئ مناف العويشي (خاص الجزيرة نت)
اللاجئ السوري مناف العويشي عاجز عن تأمين قوت أطفاله (الجزيرة)

العودة لسوريا

لم يفلح الكثير من اللاجئين السوريين في إيجاد من يؤويهم في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه منطقة الجنوب اللبناني، فلا أقارب لهم هنا ولا أصدقاء، فكان خيار العودة إلى وطنهم الأم سوريا أفضل الخيارات بالنسبة لهم على الرغم من الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلادهم.

زياد موسى وعائلته المؤلفة من 7 أشخاص أحد هؤلاء، ويروي للجزيرة نت خطورة الأوضاع التي عاشها في الجنوب، حيث كان القصف قريبا من منزله، مما دفعهم للهروب باتجاه العاصمة بيروت، لكن الظروف المادية المتردية حالت دون تمكنهم من استئجار غرفة.

ويقول موسى “ليس لدينا أحد نلجأ إليه في لبنان، وأوضاعنا الاقتصادية صعبة للغاية، رأينا أن القرار الأنسب هو العودة إلى سوريا، فهناك يوجد لدينا سقف يؤوينا، فعدنا إلى منزلنا في دير الزور”.

لا يخفي موسى شوقه إلى منزله في الجنوب اللبناني الذي ترك فيه أغراضه وأمتعته، لكن هذه العودة تتطلب تكاليف مادية، ويأمل أن يتمكن من تأمين فرصة عمل في سوريا لتعيله في هذه الظروف الصعبة، وربما جمع تكاليف العودة إلى لبنان، حسب قوله.

البقاء رغم القصف

بعض العائلات السورية اللاجئة إلى الجنوب اللبناني -والتي لم تسعفها أوضاعها الاقتصادية المعدمة بالخروج من منازلها- بقيت حيث هي رغم كل القصف والجنون الإسرائيلي.

محمود سمير نازح سوري يقطن في ميس الجبل الحدودية، وهو أب لـ5 أطفال، تحدث للجزيرة نت عن أوضاعه المادية الصعبة التي يعيشها، فهو عاطل عن العمل منذ أكثر من شهر.

يقول سمير “ليس بحوزتي ثمن رغيف خبز، زوجتي طبخت القليل من الأرز كوجبة غداء لنا، أوضاعي صعبة جدا، سألت عن مراكز للجوء في المنطقة ولم أجد أيا منها، وعدت وسألت عن فرصة عمل لعلي أوفر بدل إيجار غرفة في المناطق الداخلية كالنبطية أو صيدا لكني لم أوفق، لذلك وجدت أنه ليس لدي إلا منزلي يؤويني مع أسرتي فما باليد حيلة”.

ولم يخرج حافظ المحمد (أب لـ5 أطفال) أيضا من منزله في منطقة الشريط الحدودي، ويؤكد للجزيرة نت أنه منذ اندلاع الأزمة توقف معمل الحجارة الذي كان يعمل فيه عن العمل، وأصبح بلا عمل، أي بلا دخل يعيله في هذه الأزمة، وهو عاجز عن علاج ابنه المريض، وبما أنه ليس لديه أحد من الأقارب في لبنان ليلجأ إليه فإنه فضل أن يبقى حيث هو مع زوجته وأولاده في منزله الواقع على مقربة من الحدود اللبنانية الفلسطينية.

ويصف المحمد الوضع حوله بالخطير جدا، ويقول “حالي كحال اللبنانيين الذين صمدوا في بيوتهم في المنقطة الحدودية، فمنذ شهر ملتزمون في منازلنا بسبب القصف، ووضعنا الاقتصادي يرثى له، ونأمل أن تساعدنا الجمعيات المحلية والدولية”.

أوضاع مأساوية وصعبة للغاية يعيشها اللاجئون السوريون في الجنوب اللبناني، فالدولة اللبنانية عاجزة، والمنظمات الدولية والجمعيات صمّت آذانها عن سماع صوتهم، مما جعل هذه العائلات السورية تعيش موجة نزوح جديدة تحمل معها معاناة جديدة تضاف إلى سجل معاناتها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *