غزة- “صوتكم وصلنا، شكرا لكم من قلوبنا”، هذه واحدة من بين عبارات شكر كثيرة كتبها نازحون على جدران خيامهم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة يعبرون فيها عن امتنانهم لطلبة الجامعات الأميركية والأوروبية المنتفضين منذ أيام عدة تضامنا مع الغزيين، ورفضا للحرب الإسرائيلية على القطاع.
وباهتمام كبير يتابع نازحون في مدينة رفح حركات الاحتجاج الواسعة في الجامعات الأميركية والتي امتدت إلى جامعات أوروبية، ويمنّون أنفسهم أن تنجح بالضغط على أنظمتها للتدخل ووقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ومنع إسرائيل من تنفيذ مخططها باجتياح هذه المدينة التي تؤوي أكثر من مليون نازح.
وفي أحد معسكرات الخيام غرب مدينة رفح لم يجد نازحون من شمال القطاع سوى قماش خيامهم وسيلة لإيصال صوتهم إلى الطلبة المحتجين حول العالم، خاصة في الجامعات الأميركية.
ويقول تفكير حمد (44 عاما) -وهو أحد رواد هذه المبادرة- للجزيرة نت “كل حر ينتصر لنا يستحق أن نقول له شكرا، وصوت طلبة الجامعات في الغرب وصلنا ومنحنا الأمل، فهل سنسمع صوت الطلبة في جامعاتنا العربية والإسلامية؟”.
تحية من الخيمة
درس تفكير السياسة في الجامعة، ويدرك قيمة وتأثير حركات التضامن، خاصة في أوساط طلبة الجامعات، والتي غيرت مسار أحداث عالمية، ويتابع باهتمام كبير اتساع رقعة الفعاليات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، والتي اندلعت شرارتها في جامعة كولومبيا الأميركية وانتشرت في جامعات أخرى على مستوى الولايات المتحدة، قبل أن تمتد إلى جامعات أوروبية.
عندما اندلعت الحرب الإسرائيلية على غزة عقب هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي كان تفكير برفقة والدته في رحلة علاج لها في مصر، وأصر على العودة إلى غزة، وبذل في سبيل ذلك جهودا كبيرة حتى عاد إليها في اليوم الـ50 للحرب، وهو يعلم أنه لن يعود إلى بلدته بيت حانون في أقصى شمال القطاع.
وبعد أن نزحت أسرته إلى مخيم النصيرات في وسط القطاع مع بداية الحرب نزح تفكير بأسرته مرة أخرى إلى مدينة رفح على الحدود مع مصر، ويأمل أن يكون نزوحهم الثالث “عودة إلى الديار في بلدة بيت حانون” أقصى شمال القطاع.
ولا يطيل تفكير بالرد على السؤال الذي يتكرر عليه كثيرا “لماذا عدت إلى غزة والبعض يسعى لمغادرتها؟”، ويجيب بسؤال استنكاري “كيف نطلب من العالم أن يتضامن معنا قبل أن نتضامن مع أنفسنا أولا ونسند بعضنا بعضا؟”.
ويقول “لأننا على حق ولأن الصور التي تخرج من غزة مؤلمة وجرائم الإبادة غير مسبوقة بحق البشر والشجر والحجر تحرك الطلبة في العالم، وحراكهم في أعرق الجامعات سيكون له أثر كبير بالضغط على أنظمتهم من أجل مواقف أكثر جدية لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية ضد غزة”.
ومن خيمته في رفح إلى الخيام المنتشرة في ساحات الجامعات الغربية، يقول تفكير “كنازحين مشردين في رفح المهددة بالاجتياح البري نرسل للطلبة الأحرار التحية، ونبادلهم التضامن وندين ما تعرضوا له من تنكيل واعتقال، ونشد على أياديهم لمواصلة نضالهم الإنساني لوقف الحرب ومنع اجتياح رفح”.
رسائل من غزة
بدوره، يشعر محمد حمد (43 عاما) -وهو نازح من بلدة بيت حانون ومجاور لتفكير في خيمته- ببارقة أمل من تنامي وانتشار حركات الاحتجاج والتضامن في الجامعات الغربية، ويتمنى أن يلتحق طلبة الجامعات في الدول العربية والإسلامية بركب زملائهم في جامعات الولايات المتحدة وأوروبا، لتشكيل قوى ضغط كبيرة على الأنظمة من أجل إجبار الاحتلال على وقف عدوانه.
ويبدي محمد قدرا كبيرا من الوعي، ويقول للجزيرة نت “طلبة الجامعات هم الذين يشكلون الرأي العام في أي مجتمع، وقد يكون لحراكهم في الولايات المتحدة تأثير كبير ويضغطون على البيت الأبيض من أجل وقف الحرب عشية الاستعداد للانتخابات الأميركية المقبلة”.
بدورها، قالت النازحة الأربعينية صفية معروف للجزيرة نت “شكرا لكل واحد بيدعمنا وبيساندنا”، وكتبت على جبين طفلتها منة (عامان) كلمة “كولومبيا” تقديرا منها لحراك الطلبة في الولايات المتحدة الذي انطلق من هذه الجامعة.
وبعثت صفية رسالة مكثفة إلى الطلبة المنتفضين حول العالم “استمروا واضغطوا لحماية دماء أطفالنا”، ومنهم طفلها نبيل (3 أعوام) الذي يدور بين الخيام حاملا قطعة كرتونية كُتب عليها باللغة الإنجليزية “شكرا طلبة جامعة كولومبيا، أنا أحبكم”.