بعد أشهر من الجدل الشديد، سنت الدانمارك مؤخرا قانونا يحظر “المعاملة المهينة للكتابات ذات الأهمية الدينية الكبيرة لمجتمع ديني معترف به” وبالتالي أصبح تمزيق أو حرق أو تدنيس النصوص مثل القرآن الكريم علنا يعاقب عليه بغرامة أو السجن لمدة تصل إلى عامين.
ولفت كاتب المقال آلان غابون، أستاذ الدراسات الفرنسية بجامعة فرجينيا ويسليان الأميركية، إلى أن النقاش حول القانون الجديد كان قد تجاوز بالفعل حدود الدانمارك وأصبح دوليا، واكتسب زخما بدول مثل السويد، ويذكرنا بأنه رغم تقديم القانون المقترح في كثير من الأحيان على أنه يتعارض مع القيم الليبرالية التقليدية بأوروبا، مثل حرية التعبير، إلا أنه لم يكن جديدا ولا استثناء.
وأشار في مقاله بموقع “ميدل إيست آي” إلى أن الدانمارك هي الأحدث التي تنضم إلى مجموعة من 10 من دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها النمسا وبولندا وبلجيكا واليونان وفنلندا وألمانيا وإيطاليا وإستونيا ورومانيا، التي فرضت أساليب حظر مختلفة على تدنيس النصوص الدينية.
إدانات شديدة
وأضاف أنه بسبب الإدانات الشديدة من الدول الإسلامية وحكوماتها لتكرار حوادث حرق القرآن في دول أوروبية، لم تستطع الدانمارك الوقوف مكتوفة الأيدي بينما يزرع المحرضون بذور الفتنة ويعرضون الأمة للخطر، سواء في الداخل او الخارج.
وعلى هذا اضطرت الحكومة إلى محاولة إيجاد توازن دقيق بين التزامها الحقيقي بحرية التعبير، وبين أمنها القومي ومصالحها الدولية، والتي يبدو أنها كانت المحرك الأساسي للقانون، قبل الاعتبارات المتعلقة بالحساسيات الدينية للمسلمين.
وأردف كاتب المقال أن الحظر، بالرغم من ذلك، لا يشير إلى موقف قوي دفاعا عن الإسلام والمسلمين، أو حتى احتراما لهذا المجتمع. كما أنه لا يدرج نفسه في سياسة ضد كراهية المسلمين. وتابع أن الحكومة تخشى ببساطة من الانتقام ورد الفعل، وسط مخاوف بشأن أمنها الداخلي وسياستها الخارجية.
ويرى الكاتب أنه بدلاً من مكافحة التعصب ضد المسلمين وكراهية الإسلام، فإن هذا القانون قد يؤدي إلى نتائج عكسية في العديد من النواحي، وربما يلحق الضرر بالمسلمين أنفسهم.
حضارتنا الغربية
فمن خلال تقييد حرية التعبير، بما في ذلك التعبير عن الكراهية للأديان أو الاستياء منها -للتمييز عن الكراهية ضد الناس، حيث من المفترض أن تحمي القوانين الناس ولكن ليس الأديان أو الأيديولوجيات أو النصوص- يمكن أن يغذي ذلك خطاب المنتمين إلى اليمين المتطرف، الذين يزعمون دائما أن الإسلام لا يتوافق بطبيعته مع قيم مجتمعاتهم الديمقراطية التعددية، وأن المسلمين لا يعترفون بهذه المبادئ وبالتالي لا ينتمون إلى “حضارتنا الغربية”.
وبدلاً من مواجهة المتطرفين اليمينيين المعادين للإسلام، يمكن للقانون أن يخدمهم في الواقع من خلال التأكيد على روايتهم في “عدم التوافق بين الإسلام والغرب”.
بل قد يأتي بنتائج عكسية على حريات المسلمين في التعبير والدين، بالنظر إلى أن قدرا كبيرا من تعبيرهم الديني قد حُظر تحت ذرائع مختلفة، من بينها الحفاظ على النظام العام، وهو ما استُشهد به في هذا الحظر.
وكثيراً ما تكون مثل هذه التدابير بمثابة سيف ذي حدين. وأخيرا، يرى بعض المسلمين أن القرآن نفسه لا يدعو إلى تحريم التجديف، ولكنه بدلا من ذلك يدعو إلى الكرامة والصبر والمرونة في مواجهة: الشدائد والإذلال والإهانات.
وختم المقال بأنه بعد أن أُقر القانون الآن، نستطيع رصد التأثيرات التي سيخلفها في الدانمارك وفي بقية أنحاء العالم الغربي، وما إذا كان سيساعد في نهاية المطاف على تحسين العلاقات بين المسلمين وأولئك الذين يكرهون الإسلام.