الكويت ـ مع اقتراب موعد إجراء انتخابات مجلس الأمة الكويتي في 4 أبريل/نيسان المقبل، يكثف المرشحون لخوض غمار هذه الانتخابات جهودهم باستغلال الأجواء الرمضانية في التسويق لأنفسهم وعرض برامجهم الانتخابية للناخبين من خلال إقامة الغبقات الرمضانية، وهي موروث شعبي اجتماعي في الكويت.
وتعوّد أهل الكويت على إقامة الغبقات في ليالي شهر رمضان المبارك منذ القدم، إذ إنها تعد نوعا من التواصل الاجتماعي عبر الزيارات بين أطياف المجتمع وبين الأهل والأقارب.
والغبقة من العادات العريقة التي تميز ليالي الشهر الكريم لدى الشعب الكويتي، وكانت عبارة عن وليمة تقام بعد صلاة التراويح للأهل والجيران الذين يذهبون للتهنئة بمناسبة الشهر الفـضيل، ومائدتها تتضمن أنواعا متعددة من المأكولات البسيطة والخفيفة، إضافة إلى بعض الحلويات الشعبية، بينما تتنوع مشاريبها بين القهوة العربية والشاي والعصائر وغيرها.
مقرات انتخابية
ومع تزامن شهر رمضان المبارك وانتخابات مجلس الأمة لجأ العديد من المرشحين للإعلان عن إقامة الغبقات في مقراتهم الانتخابية، ومحاولة التأثير من خلالها على آراء الناخبين واستمالتهم، وإيصال ما يريدون من رسائل، فهي فرصة كبيرة يمكن استغلالها من خلال عرض برامجهم الانتخابية أمام شريحة كبيرة من الجماهير المؤيدة أو المحايدة أو تلك التي لم تحسم أمرها في التصويت.
ومع اختيار الحكومة الكويتية لموعد الانتخابات، وضيق الوقت بين صدور مرسوم دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة في 3 مارس/آذار الجاري، وموعد إقامة الانتخابات في 4 أبريل/نيسان المقبل، فقد لجأ المرشحون إلى استغلال هذه الاحتفالية الاجتماعية في طرح برامجهم من خلال ندواتهم الانتخابية التي أعلنوا عنها.
ويرى المحلل السياسي فيصل الشريفي، أن حضور الغبقات الرمضانية من قبل الناخبين يحمل في طياته غايتين أساسيتين، الأولى: مجاملة اجتماعية، والثانية: دعم للمرشح خاصة أن كل المدعوين يعرفون سلفا، بأنه سيكون هناك على هامش هذه الاحتفالية ندوة للمرشح.
لن تكون كافية
يضيف الشريفي في حديث للجزيرة نت أن المرشح قد تكون له فرصة بإثبات قبوله الشعبي عبر الحضور الكبير من المواطنين للغبقة، لكنه يدرك أيضا أنها وحدها لن تكون كافية، لذلك ما زال النمط التقليدي في كسب ثقة الناخبين يعتمد على الزيارات الاجتماعية لدواوينهم ومجالسهم الخاصة، فضلا عن لجوء المرشحين إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسائلهم وشرح برنامجهم الانتخابي وتقديم الوعود بتحقيق المطلوب.
وترى أستاذة علم الاتصال والإعلام الرقمي في جامعة الكويت بشاير الصانع أن توقيت الانتخابات ومصادفته مع شهر رمضان المبارك، جعل من “الغبقات” والمناسبات الاجتماعية، فرصة ذهبية للمرشحين من أجل التواصل الاجتماعي المباشر مع الناخبين ومحاولة إظهار حفاوة استقبالهم لهم طمعا وتحفيزا للناخبين بالتصويت لهم من خلال محاولة ربط وترسيخ صور الترابط الاجتماعي في ذهنية الناخب مع المرشح، بعيدا عن صورة السياسي الذي يطمح في الوصول إلى مقاعد المجلس.
وأضافت بشاير الصانع في حديث للجزيرة نت أن الكثير من الناخبين حسموا أمرهم، لكن تبقى هناك فئة ممن خاب ظنهم في بعض المرشحين خلال الانتخابات السابقة، فيبحثون عن التغيير نحو الأفضل، لذلك فرصة المرشح في استمالة هؤلاء تبقى واردة خاصة مع ذكاء المرشح الذي قد يلجأ لدغدغة مشاعر الناخبين اجتماعيا بكرم الضيافة وتقديم الوعود بالتواصل الاجتماعي وانطباع المعرفة الشخصية.
وتوضح بشاير أن مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحملات، تلعب دورا كبيرا في الدعاية الانتخابية للمرشحين، فهي تسمح بالوصول السهل والسريع إلى المعلومات، وتقديم هذه الندوات للناخبين عبر متابعة حسابات المرشحين والاطلاع على تاريخ وتحديثات مواقفهم السياسية.
يذكر أن معظم المرشحين لعضوية مجلس الأمة الكويتي، قد أعلنوا عن إقامة الندوات في مقراتهم الانتخابية من خلال تنظيمهم للغبقات في ليالي شهر رمضان المبارك، الذي يفرض على المرشحين والناخبين اختيار الأوقات المناسبة بشكل يتواءم مع التزامات الناس بأوقات العبادات والدوام والقيام بالواجبات الاجتماعية، مع الالتزام بالعادات والتقاليد المتبعة.