الساروت.. الحاضر الغائب في ذاكرة الثورة السورية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

منذ بدء عملية ردع العدوان في شمال سوريا، ضجت منصات التواصل الاجتماعي بذكر المنشد الراحل عبد الباسط الساروت، المعروف بـ”بلبل الثورة وحارسها”، والذي قُتل دفاعا عنها عام 2019 خلال اشتباكات مع قوات النظام السوري في إدلب.

وعند السيطرة على كل منطقة، كان ذكره أول ما يخطر ببال كل السوريين، معبرين عن حزنهم لغيابه عن “فرحة التحرير”، ومتمنين له الرحمة ومنزلة الشهداء في الجنة، على حد قولهم.

الساروت التحق بركب الثورة السورية منذ بدأت في مارس/آذار 2011، وبات أحد أيقوناتها.

وترك عبد الباسط حينها نادي الكرامة، حيث لعب حارسا لمرمى فئة الناشئين، وخرج في المظاهرات والاعتصامات بمدينته حمص.

عُرف بحبه للأهازيج والهتافات والأناشيد الثورية، وقاد المظاهرات في حيي البياضة والخالدية، رغم صغر سنه، فقد كان يبلغ 19 عاما.

وظهر محمولا على الأكتاف، محفزا المتظاهرين، فأطلق عليه لقب “منشد الثورة”.

ولجرأته وشجاعته كشف عن وجهه مبكرا في الأشهر الأولى للثورة، في حين كان كثير من المتظاهرين يتجنبون الكشف عن وجوههم خوفا من الملاحقات الأمنية.

وتداول المدونون خلال الأيام الماضية، وصية الساروت للسوريين “بأن يسجدوا لله شكرا عند تحرير مدينة حمص من حكم بشار الأسد وحكومته.

ونفذ الرفاق وصية الساروت بالسجود عن مدخل حمص، وأكدوا من خلال فيديوهات نشروها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تنفيذ الوصية.

وفي مقطع مؤثر، زار أحد المقربين من “الساروت” قبره ليخبره بأن ما تنبأ به من تحرير حمص قد أصبح حقيقة قائلا: “يا عبد الباسط يا أبو جعفر يا حارس الثورة، أبشرك حمص حرة ولبست الثوب الأخضر، دخلوها الشباب ساجدين أخذوا بوصيتك ولم يخونوا دمك ودم الشهداء”.

 

وبث الإعلامي موسى العمر مقطع فيديو عبر حسابه في “إكس”، قال إنه قد خبّأه لحين إعلان تحرير حمص، ويظهر فيه الراحل ينشد متعهدا بتحرير المدينة، ودون عليه: “هذا تسجيل خاص للشهيد الرمز عبد الباسط الساروت ابن حمص البار كنت أخفيه حتى فرحة تحرير حمص.. كم نفتقدك”.

في حين كرم ناشطون المقاتل برفع أناشيد -كان يرددها بصوته إبان الاحتجاجات- في شوارع دمشق بعد إعلان سقوط الأسد.

ونشر صانع المحتوى راتب يبرودي مقطع فيديو لاحتفال سوريين في دمشق على أنغام أنشودة عبد الباسط الساروت بعد إعلان سقوط الأسد وعلق عليه: “عبد الباسط في نصف دمشق، الله يرحمك يا بُلبل الثورة ستبقى في قلوبنا ما حيينا”.

وكان الساروت أول من يُبشر بتحرير المناطق على مواقع التواصل وبعد إعلان إدارة العمليات.

وقال الناشط مضر في حسابه بعد تحرير حمص مترحما ومبشرا الساروت بدخول رفاقه إلى حمص: “الله يرحمك ويتقبلك يا عبد الباسط الساروت، حمص حرة يا ساروتنا ورجعوا الشباب فاتحين يا ريتك معنا”.

 وأعاد المدون فهد العتيبي نشر عبارة الساروت التي قال فيها “هاي الثورة ثورة شعب ما لها حل إلا النصر”.

وردت فاطمة عبد الحميد على ذلك بالقول: الثورة انتصرت يا عبد الباسط.

وأرعبت شعبية الساروت المتزايدة أجهزة الأمن السورية، فلاحقوه محاولين كسرها وتفريق الجموع من حوله عبر بث شائعة وصفته بـ”الإرهابي السلفي”.

وخرج الساروت نافيا التهمة في تسجيل مصور، مؤكدا رفضه للطائفية.

كما عرض النظام السوري عليه تسوية أمنية تتضمن زيارة دمشق والقصر الجمهوري، والظهور على قناة موالية للنظام وتأييده له، مقابل استعادة مكانته كلاعب في المنتخب السوري، لكنه رفض العرض.

وبسبب رفضه، أصبح عبد الباسط على قائمة المطلوبين للنظام، واتهم بالإرهاب.

وفي أواخر عام 2011، اقتحم الجيش السوري حي البياضة بحثا عنه.

وتمكن الساروت من الهرب مع عائلته، لكن قوات النظام قتلت شقيقه الوليد وعددا من أقاربه وأصدقائه، ودمرت بيت عائلته.

ورصد النظام مكافأة لمن يقتل أو يعتقل منشد الثورة، لكنه استمر في قيادة المظاهرات والاعتصامات، مرددا الأناشيد التي اشتهر بها مثل “جنة يا وطنا” و”حانن للحرية”.

ومع بداية عام 2012، تحولت الثورة إلى العسكرة نتيجة القتل والاستهداف، وفقد النظام السيطرة على أحياء من حمص. وأسس الساروت كتيبة “شهداء البياضة” للدفاع عن حيه، وضمت الكتيبة عددا من إخوته وأقربائه وأبناء حيه.

شهد المقاتل حصار حمص، وأصيب مرات عدة، هجّره النظام إلى الشمال وبقي على الجبهات إلى أن أصيب وقتل في الثامن من يونيو/حزيران 2019.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *