الحصاد الدموي.. أوريان 21: شركات السلاح تحصد أرباح حرب الإبادة في غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

شركات الأسلحة الخاصة جزء جوهري من البنية التحتية لحرب الإبادة، وفي حرب غزة التي تدور رحاها بوتيرة عالية منذ أكثر من شهر، تجد العديد من الشركات الإسرائيلية والأميركية أرباحها تتضاعف بسرعة، كما تجد فرصة مجانية للترويج لأحدث تقنياتها.

بهذه المقدمة افتتح موقع “أوريان 21” مقالا للكاتب مجد كيال، حاول فيه أن يبرز العلاقة بين الحرب الدائرة في غزة وشركات السلاح الأميركية والإسرائيلية، مشيرا إلى الرابطة القوية بين المساهمين في هذه الشركات والجيوش والحكومات الغربية، التي أصبح لها مستشارون يزودونها كل مرة بأسلحة إجرامية جديدة أكثر تطورا.

انطلق الكاتب من إعلانات ممولة في بعض الصحف الإسرائيلية، تشجع الأفراد على الاستثمار في شركات الأسلحة، مثل مقال بعنوان “أنظمة الدفاع المتقدمة هذه التي جهزتها إسرائيل والولايات المتحدة بأنفسهما”، الذي يشير إلى احتمال تمديد الحرب وتوسعها، داعيا إلى اغتنام فرصة الاستثمار في شركات الأسلحة.

ومن جانبه خاطب جيسون أيكن، نائب رئيس شركة جنرال دايناميكس المستثمرين قائلا “إذا نظرنا إلى الأسواق التي يمكن أن تتاح لنا نتيجة للهجوم الإسرائيلي، فمن الواضح تماما أن قطاع المدفعية هو في وضع أفضل”، ومنذ بداية الحرب، ارتفعت أسهم الشركة التي تزود إسرائيل بقذائف المدفعية بنسبة 9.72%.

من المصنع إلى البيت الأبيض

ومع أن شركة لوكهيد مارتن، ظلت تسلم طائرات F-16 وF-35 وصواريخ هيلفاير ومعدات أخرى إلى إسرائيل منذ عقود، فإن أسهمها ارتفعت بنسبة 10.65% بين بداية الحرب و30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحصل رئيسها التنفيذي جيم تايكليت على ما لا يقل عن 66 مليون دولار على مدى العامين الماضيين؛ لأنه عضو مجلس إدارة مجلس العلاقات الخارجية، وهو أحد مراكز الأبحاث التي كان لها التأثير الأكبر في القرارات السياسية والعسكرية للبيت الأبيض منذ بداية القرن العشرين.

وذكر الكاتب بأن الخط المباشر من مصانع الأسلحة لا يتوقف عند البيت الأبيض، مشيرا إلى أن شركة بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الاستثمار، استثمرت أكثر من 13 مليار دولار في الشركات الثلاث المذكورة أعلاه، ومليارات أخرى في شركات أخرى تصنع أسلحة محظورة دوليا، مثل الفسفور الأبيض الذي يستخدم في الحرب الحالية بغزة والقنابل العنقودية، كما أن مدير مركز أبحاث شركة بلاك روك هو توماس دونيلون، زوج كاثرين راسل، المديرة العامة لمنظمة يونيسيف التي كان من واجبها العمل لحماية 4600 طفل قُتلوا حتى الآن في غزة.

ومع أن مؤشر بورصة تل أبيب انخفض بنسبة 9% منذ بداية العدوان وحتى 30 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، فإن الشركات العسكرية الإسرائيلية تسجل زيادات غير مسبوقة، مما يعني أن الحرب تجري في سياق اقتصادي ديناميكي للغاية.

أما الشركات الأميركية المدرجة في بورصة تل أبيب، فقد ارتفعت أسهمها بسبب المجازر وارتفعت أسهم عدد منها بصورة كبيرة مثل “ثيرد آي” بنسبة 83.73%، وشركة “أيرودوم غروب” لصناعة الطائرات المسيرة، وشركات أخرى متخصصة في صناعة الدروع الباليستية الخفيفة أو في تسويق المكونات الإلكترونية للصواريخ الموجهة والمعدات العسكرية.

مختوم بالدم

وفي هذا السياق، أشار الكاتب إلى أن حرب غزة فتحت منذ اليوم الأول، ميدان اختبار لأحدث المنتجات العسكرية الإسرائيلية والأميركية التي يجب تقديم “دليل على فعاليتها على الأرض”، وهذا الإثبات هو دعاية أهم بكثير من كل التجارب والاستعراضات التي تقدّمها الشركات لمندوبي الدول؛ لأن دم الناس هو ختم الضمان الوحيد للأسلحة بالنسبة لهذه الشركات.

وبعد أيام قليلة من بدء الحرب على قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي وشركة “إلبيت” عن أول استخدام عملي لقذائف الهاون “آيرون ستينغ”، وهي قذيفة “ذكية” عيار 120 مليمتر مزودة بالليزر ونظام تحديد المواقع العالمي، وهذا ما تناقلته مئات وسائل الإعلام الأجنبية خلال ساعات قليلة دون تشكيك في المعلومات ولا تحقق منها، مما شكل ترويجا مجانيا لشركة باعت للتو عشرات الآلاف من القذائف لوزارة الأمن الإسرائيلية بنحو 967 مليون يورو.

واهتمت وسائل الإعلام -أيضا- ببدء تشغيل دبابات باراك الجديدة، التي تنتمي إلى “الجيل الجديد” من ميركافا، وهي -حسب الصحفيين المدعوّين لمرافقة الجنود في اختباراتهم- آلات مجهزة بنظام دفاعي متطور، مع أجهزة استشعار بصرية وحرارية، وذكاء اصطناعي، كما أعلنت الصحافة الإسرائيلية عن وصول مركبات إيتان الجديدة لنقل الجنود المجهزة بنظام “القبضة الحديدية”، وهو نظام دفاعي جديد من نوع “إلبيت” الذي يسمح باعتراض عدد كبير من الصواريخ المضادة للدبابات تلقائيا.

وفي هذا الشغب الدعائي، رأينا في الأيام الأولى للحرب –كما يقول الكاتب- مقطعا يُظهر الشعاع الحديدي، وهو نظام ليزر مضاد للصواريخ لا يزال في مرحلة التطوير والتجريب، ولكن الصور التي أظهرت “إسقاط صاروخ فلسطيني” بالليزر جاءت في الواقع من لعبة الفيديو الشهيرة “أرما 3” (Arma3) ذات الرسومات المتطورة.

العجب المطلق

ومع أن هذه الكمية الكبيرة من الأسلحة الجديدة، تكلف إسرائيل مليارات الدولارات، فإن حكومة تل أبيب تفضل إخفاء تكلفتها المالية الباهظة خوفا من انخفاض التصنيف الائتماني للدولة، لكن المؤكد الذي لا يمكن إخفاؤه، هو أن هذه المليارات لا تضيع؛ لأنها تعود إلى جيوب داعمي الحرب، أما بالنسبة لنا –كما يقول مجد كيال- فهذا يعني جثثا بالآلاف، رجالا ونساء، وشيوخا وأطفالا، أحلاما وأفراحا مدفونة في مقابر جماعية.

ومع بدء العمليات البرية واعتراف إسرائيل بالخسائر، بدأت الحقيقة تنكشف، ففي مستهل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اعترفت إسرائيل بأن المقاومة دمرت مدرعة “نمر” وأن غالبية جنودها قتلوا، وذلك بعد سنوات طويلة من تطوير المركبة والعديد من المقالات الصحفية التي تمجدها وتعلن عنها، لتتساءل الصحافة الإسرائيلية “كان من المفترض أنها ناقلة الجند المتقدمة التي ينتظرها الجيش منذ عقود، فأين الخلل؟”.

نحن نعرف الإجابة عن هذا السؤال وكذلك الشعب –كما يختم الكاتب- وهي أن كل سلاح يقدم على أنه أعجوبة العجائب أو جوهرة التقنية المستقبلية، إنما يستخدم لجعل الأسطورة أكثر إثارة للخوف، ولزرع الرعب بين السكان الذين ليس لديهم دفاع ولإحداث رعب أكبر بين السكان، لتعزيز شبح الإمبريالية في أذهان المضطهدين، ولتجميع المكاسب الضخمة الناتجة عن إستراتيجيات العدوان والاستعمار في العالم، ولكن المظلومين سيقاومون حتى ينجحوا في إسقاط الأسطورة، مهما كان حجمها ونوعيتها الفنية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *