أزال العديد من المتظاهرين في عدة جامعات مخيمات التضامن مع قطاع غزة بعد أن وافقت هذه الجامعات على النظر في سحب الاستثمارات من إسرائيل.
وذكر تقرير للجزيرة أن احتجاجات طلابية اندلعت في جامعات بمختلف أنحاء العالم خلال الأسابيع الأخيرة، قام بها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المؤيدون للفلسطينيين والرافضون للعدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني.
وفي جامعة تلو الأخرى، يطالب المحتجون إدارات جامعاتهم بقطع أي روابط مالية وأكاديمية مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، بما في ذلك سحب الاستثمارات من الشركات التي لها علاقات بالاحتلال الإسرائيلي.
وأدت الاحتجاجات إلى ردود مختلفة، فقد ألغت جامعة كولومبيا الاثنين الماضي حفل التخرج الرئيسي، وقام العديد من الجامعات باستدعاء الشرطة ووكالات إنفاذ القانون الأخرى إلى الحرم الجامعي. وفي الولايات المتحدة وحدها، اعتقل أكثر من 2000 طالب.
وانتشرت أيضا الاحتجاجات وحملات القمع داخل الجامعات إلى مناطق أخرى من العالم من كندا إلى أستراليا، وفي العديد من الدول الأوروبية. ويوم الاثنين الماضي، أقام طلاب جامعتي أكسفورد وكامبريدج في بريطانيا مخيمات احتجاج أيضا.
ومع ذلك، وحتى مع استمرار التوتر في العديد من الجامعات، تمكن الطلاب والإداريون في بعض الجامعات من التفاوض على اتفاقيات استجابت لبعض مطالب المتظاهرين.
وتساءل تقرير الجزيرة: كيف تمكنت هذه الجامعات إذن من إدارة الاحتجاجات؟ وما الصفقات التي أبرمها الطلاب والإداريون في هذه الحالات؟ وما التنازلات التي قدّمها المحتجون والجامعات؟
ولفت التقرير إلى أن الاتفاقيات التي ساعدت في تهدئة التوترات تمحورت في معظمها حول بعض المواضيع المشتركة.
فقد وافقت بعض الجامعات على سحب استثماراتها من الشركات التي لها علاقات بإسرائيل، في حين قالت جامعات أخرى إنها ستدرس المطالب وسترفعها إلى الهيئات المسؤولة عن الإشراف على استثماراتها.
وفي حالات، وافقت الجامعات على مطالب بالكشف عن استثماراتها دون الالتزام بسحبها. ووافقت أخرى، بما في ذلك جامعات تنازلت أيضا للمطالب المتعلقة بسحب الاستثمارات، على الاستثمار في إنشاء مراكز جديدة أو تعيين هيئة تدريس جديدة، في محاولة لخلق وعي أكبر حول فلسطين.
وفي المقابل، وافق الطلاب في هذه الجامعات على حل مخيمات احتجاجهم. وفي بعض الحالات، اختارت الجامعات عدم اتخاذ أي إجراء لفض المخيمات كما حدث في جامعة ويسليان في ولاية كونيتيكت وجامعة كاليفورنيا.
الجامعات التي وافقت على مطالب محددة
أبرمت جامعة نورث ويسترن، ومقرها إلينوي، اتفاقا مع طلابها المحتجين يوم 29 أبريل/نيسان الماضي على إزالة معظم الخيام، لكنها سمحت لهم بمواصلة احتجاجهم حتى الأول من يونيو/حزيران القادم. ووعدت الجامعة بتزويد الطلاب بطرق للتعامل مع لجنة الاستثمار التابعة لمجلس الأمناء، بما في ذلك إعادة تشكيل لجنة استشارية بشأن مسؤولية الاستثمار.
ويمكن أن تنظر اللجنة الاستشارية في مقترحات سحب الاستثمارات المقدمة من أعضاء الجامعة. ووافقت المؤسسة على الكشف عن استثماراتها من خلال أموال الوقف الخاصة بها إلى “أصحاب المصلحة الداخليين”، الذين يشملون الطلاب الحاليين وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والأمناء. كما وافقت جامعة نورث ويسترن أيضا على تغطية تكاليف التعليم لخمسة طلاب جامعيين فلسطينيين.
ووافقت جامعة براون في رود آيلاند يوم 30 أبريل/نيسان الماضي على أن تصوت المؤسسة، وهي أعلى هيئة إدارية في براون، على سحب الاستثمارات من الشركات التابعة لإسرائيل. وفي المقابل، أخلى الطلاب المخيمات القائمة منذ 24 أبريل/نيسان الماضي. وفي 30 من الشهر نفسه، وافق الطلاب والإداريون في كلية إيفرغرين ستيت في واشنطن على ميثاق. وأزال الطلاب معسكرهم لمدة أسبوع.
وقد أنشأت الجامعة فرق عمل لتقييم سياسات الاستثمار وإمكانية سحب الاستثمارات. وفي الأول من مايو/أيار الجاري، أعلنت جامعة مينيسوتا عن تسوية وعدت بموجبها بتزويد المحتجين بمعلومات عن الشركات العامة التي استثمرت فيها. ومع ذلك، أوضحت الجامعة أن اتفاقيات عدم الإفصاح تمنعها من الكشف عن معلومات حول الشركات الخاصة التي تستثمر فيها.
وأضافت أن الإدارة أوصت قسم شرطة الجامعة بتجنب اعتقال الطلاب المتظاهرين. ومع ذلك، قالت الجامعة إنها لن تمنع أصحاب العمل من حضور معارض التوظيف لأنها لا “تدعم تقييد الفرص الوظيفية للطلاب”. وكان الطلاب يطالبون بعدم دعوة الشركات التي لها علاقات بإسرائيل.
وتوصل الطلاب المتظاهرون من جامعة روتجرز في نيوجيرسي إلى اتفاق مع الإدارة في الثاني من مايو/أيار الحالي، وافقت بموجبه الجامعة على إنشاء مركز ثقافي عربي وتعيين موظفين ومدرسين لديهم معرفة بالمجتمعات الفلسطينية، إلى جانب تسمية فلسطين والفلسطينيين وغزة في الاتصالات المستقبلية، كما وافقت على العمل مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين لدعم 10 طلاب فلسطينيين نازحين لإكمال تعليمهم في جامعة روتجرز.
ووعدت الجامعة بعدم تعرض أي طلاب أو موظفين أو أعضاء هيئة تدريس مشاركين في المعسكر الاحتجاجي للانتقام. كما أن طلب الطلاب بسحب الاستثمارات قيد المراجعة.
وتوصلت جامعة غولدسميث بالمملكة المتحدة إلى اتفاق في الثالث من مايو/أيار الحالي بعد أن أقام الطلاب معسكرات في مكتبة الجامعة. ووافقت الجامعة على سياسة استثمار أخلاقية جديدة. وستتاح للمجموعة الطلابية المحتجة فرصة تقديم “أدلتها على تواطؤ غولدسميث مع إسرائيل” إلى اللجنة المالية بالمؤسسة.
كما وافقت غولدسميث على تسمية إحدى قاعات المحاضرات التابعة لقسم الإعلام باسم شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة التي قتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء قيامها بمهمة صحفية في الضفة الغربية. وستجري المؤسسة أيضا مراجعة لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة “آي أتش آر إيه” (IHRA) لمعاداة السامية، وهو تعريف وصفه النقاد بأنه واسع جدا لدرجة أنه يمنع بشكل فعال معظم الانتقادات الموجهة لإسرائيل.
وأصدرت جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد “يو سي آر” (UCR) بيانا في الثالث من مايو/أيار الحالي، يفيد بأنه تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء المخيمات سلميا. وأعلنت الجامعة أنها ستنشر عدة تفاصيل عن استثماراتها على الإنترنت. كما أوقفت كلية إدارة الأعمال في الجامعة العديد من البرامج العالمية، بما في ذلك تلك الموجودة في إسرائيل.
ويريد الطلاب أيضا أن تحظر الجامعة بيع حمص صبرا -وهي علامة تجارية للحمص المعبأ مملوكة لشركة بيبسيكو ومجموعة شتراوس ومقرها إسرائيل- داخل الحرم الجامعي. وقالت الجامعة إنها ستراجع الطلب.
كما شهدت جامعة تومسون ريفرز “تي آر يو” (TRU) في كولومبيا البريطانية بكندا اتفاقا يوم السبت الموافق الرابع من مايو/أيار الحالي بعد المفاوضات، مما جعلها أول مؤسسة كندية تشهد اتفاقا.
ووافقت إدارة “تي آر يو” على الكشف عن استثماراتها في غضون 30 يوما من تقديم الطلاب طلب حرية المعلومات “إف أو آي” (FOI). وقال أحد الطلاب في “تي آر يو” للجزيرة إنهم قدموا الطلب بالفعل. وبمجرد أن تكشف “تي آر يو” عن استثماراتها، سيعدّ الطلاب مقترحا لسحب الاستثمارات.
الجامعات الأخرى
أعلنت جامعة كولومبيا الاثنين الماضي أنه ستكون هناك احتفالات أصغر على مستوى الكليات خلال هذا الأسبوع والأسبوع الذي يليه، بدلاً من حفل افتتاح كبير.
وفي يوم الاثنين أيضا، قاوم الطلاب المتظاهرون المؤيدون لفلسطين في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا “إم آي تي” (MIT) الموعد النهائي للجامعة لإخلاء المخيم. وجاء ذلك بعد أن وجّه رئيس الكلية خطابا تحذيريا للطلاب أكد فيه أنه سيتم إيقافهم عن الدراسة إذا لم يتفرقوا طوعا.
وأصدرت سلطات جامعة هارفارد رسالة مماثلة للطلاب يوم الاثنين الماضي، قائلة إن الطلاب الذين يواصلون الاعتصام في معسكر الاحتجاج “سيحالون إلى إجازة قسرية من كلياتهم”.
ويحتج الطلاب في أكثر من 100 جامعة في جميع أنحاء أميركا. ويحتج نظراؤهم في ما لا يقل عن 20 جامعة خارج الولايات المتحدة.
ردود الفعل على الصفقات
وبينما رحب بعض الطلاب ومن يدعمونهم بالانفراجات مع مسؤولي الجامعة، انتقد آخرون الصفقات باعتبارها ناقصة من مثل صفقة جامعة نورث ويسترن.
ومباشرة بعد الصفقة، قال طالبان فلسطينيان في الجامعة إنهما فخوران بـ”الحصول على مقعد على طاولة لم نحصل عليه من قبل”، حسبما ذكرت صحيفة ديلي نورث ويسترن التي يديرها الطلاب. وعلى نحو مماثل، احتفل الطلاب المحتجون في جامعة براون بالاتفاق بعد تفكيك معسكر الاحتجاج.
وذكرت صحيفة ديلي نورث ويسترن أن بعض الطلاب أصيبوا بخيبة أمل لأن الصفقة لم تتضمن سحب الاستثمارات.
ومن ناحية أخرى، اتهم منتقدو الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين الجامعات أيضا بالتراجع تحت الضغط من أجل التوصل إلى الاتفاقيات.
وفي الأول من مايو/أيار الجاري، رفع اثنان من طلاب الدراسات العليا وطالب جامعي في السنة الأولى بجامعة نورث ويسترن دعوى قضائية ضد المؤسسة بحدوث خرق للعقد، قائلين إن الجامعة انتهكت قواعدها الخاصة من خلال السماح بالمخيمات. وانتقدت الدعوى أيضا الاتفاق الذي سمح للطلاب المتظاهرين بالبقاء في الحرم الجامعي حتى الأول من يونيو/حزيران المقبل.