الإعدام لمطلقي الألعاب النارية.. ماذا يحدث بالقدس منذ طوفان الأقصى؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة – في حي عين اللوزة وحارة مراغة، ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، تغيرت ملامح الأهالي، وتجهمت بعد ليلة مظلمة طويلة، بدأت بالمواجهات العنيفة، وانتهت بارتقاء شابين تُركا ينزفان حتى الموت، وتم احتجاز جثمانيهما في الثلاجات.

ليس بالأمر الغريب اندلاع المواجهات في بلدة سلوان، خاصة في كل من حي بئر أيوب وعين اللوزة وبطن الهوى بالقدس، لكن الجديد هو سلوك الشرطة الإسرائيلية تجاه الشبان، والمتمثل باليد الخفيفة على الزناد.

بدأت المواجهات الليلية كالعادة باستهداف البؤر الاستيطانية والقوات المقتحمة للحي بالألعاب النارية، وكان يقابل ذلك عادة بإلقاء القنابل الصوتية والغازية والرصاص المطاطي أحيانا، لكن الألعاب النارية ليلة الثلاثاء/الأربعاء وقبل وبعد ذلك قوبلت بالرصاص الحي الذي أعدمت الشرطة من خلاله الشابين عبد الرحمن فرج، وعلي عبيسان العباسي.

المفرقعات كالمتفجرات

سبق هذا الإعدام اعتبار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يوم 21 فبراير/شباط الماضي الألعاب النارية في القدس كـ”المواد المتفجرة” بادعاء أن استخدامها يتم بشكل غير قانوني عندما تُطلق باتجاه أفراد الشرطة.

جاء هذا وفقا لاجتماع عقده بن غفير آنذاك، وتمخض عنه أن كل من يُضبط بحوزته ألعابا نارية من المقدسيين سيُعتقل وتُقدم ضده لائحة اتهام خطيرة، لكن ما حصل أن أفراد الشرطة أعدموا الشابين أمس الأربعاء بعد إعلانه السبت الماضي “حالة طوارئ مدنية” في البلاد.

حمزة فرج، شقيق الشهيد عبد الرحمن فرج روى للجزيرة نت تفاصيل الليلة المرعبة في سلوان قائلا إن عبد الرحمن اتجه إلى البقالة ليشتري بعض الحاجيات لمنزل ذويه، وفي هذه الأثناء اندلعت مواجهات عنيفة أصيب خلالها شقيقه.

“انقطعت أخباره لـ4 ساعات.. رفضت تصديق خبر إصابته، وانطلقت لأبحث عنه في مركز تحقيق المسكوبية فلم أجده، وهناك تعرضنا للضرب والاعتداء، ثم ترددت على المستشفيات لعله يُعالج في أحدها.. لكن دون إجابات، وبعدها تلقيت اتصال تعزية باستشهاده”.

يضيف حمزة أن شهود عيان أكدوا إصابة شقيقه برصاصة في ساقه، وخلال محاولته الهروب رفقة صديقه علي العباسي المصاب أيضا، تعمدت الشرطة إطلاق رصاصة إضافية تجاه كل منهما، فأصابت عبد الرحمن في الرقبة وعلي في الرأس.

تُرك الشابان ينزفان لأكثر من ساعة ونصف مُنعت خلالها طواقم الإسعاف والسكان من الاقتراب منهما، وبعد التأكد من وفاتهما تولت الشرطة مهمة نقلهما واحتجاز جثمانيهما ليرتفع عدد الجثامين المقدسية المحتجزة إلى 27، منذ عام 2001.

في منزل الشاب علي العباسي، قال أقاربه للجزيرة نت إن المحامي أكد لهم عدم توفر معلومات يمكنه أن يطمئنهم من خلالها عن موعد تسليم الجثمان، في ظل أن ما يجري في غزة يفرض نفسه على ساحة القدس والضفة الغربية.

حارة مراغة بحي سلوان حيث ينتشر الاحتلال في محيط منزل الشهيد عبد الرحمن فرج (الجزيرة)

جرائم حرب وعقاب جماعي

وفي نظرة حقوقية قانونية، قال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية رامي صالح للجزيرة نت إن ما تقوم به سلطات الاحتلال بأجهزتها المختلفة من أفراد شرطة وقوّات حرس الحدود وجنود جيش الاحتلال وحرس المستوطنين “هو إعدام خارج نطاق القانون”.

وتابع صالح “هم يمارسون وحشيّتهم من خلال القتل بدم بارد للشبّان الفلسطينيين الذين يقومون باستخدام الألعاب النارية، تعبيرا عن رفضهم للحرب على قطاع غزّة”.

وأضاف الحقوقي أن الإعدام خارج نِطاق القانون “يُعد من جرائم الحرب”، مبينا أن المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكد أهمية حماية المدنيين وقت الحرب، وكذلك الأمر البروتوكول الإضافي الأول الملحق بالاتفاقية.

ووفق صالح، فإن سياسة القتل بدم بارد أخذت الضوء الأخضر بشكل مباشر من القيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل، اللتين سعيتا إلى تشريع قوانين تُجيز قتل الفلسطينيين لإضفاء الشرعية على هذه الانتهاكات، رغم تعارضها مع القانون الدولي.

“وبالتالي فإنه من الضروري محاسبة ومُحاكمة القادة الإسرائيليين على الجرائم التي يقومون بها”، وفق تعبير صالح.

‎⁨5-رامي صالح مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان(الجزيرة نت)⁩.JPG
رامي صالح: الاحتلال بأجهزته المختلفة يقوم بإعدامات خارج نطاق القانون (الجزيرة)

وعن مظاهر عسكرة مدينة القدس منذ انطلاق “طوفان الأقصى” السبت الماضي، وتعمُد التنكيل بالمقدسيين خاصة في البلدة القديمة، أكد الحقوقي المقدسي أن ذلك يندرج في إطار سياسة العِقاب الجماعي التي تتعارض مع المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.

وذكر أن هذه المادة من الاتفاقية أكدت عدم مشروعية معاقبة أي شخص على جريمة لم يرتكبها هو شخصيا، إضافة إلى أنها تحظر العقوبات الجماعية، ومنها تدابير الترهيب والإرهاب.

ومع استمرار التنكيل بالمقدسيين، وتعمد تفتيشهم بشكل مهين وضربهم، بل اعتقالهم أحيانا، فإن حالة من منع التجول باتت سائدة في كثير من أحياء القدس، خاصة تلك التي تتداخل مع المستوطنات. ويعيش المقدسيون تصاعد خطاب الانتقام على إثر الكشف عن مزيد من القتلى الإسرائيليين في معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل فجر يوم السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *