احتجاجات متصاعدة ضد نتنياهو ومؤشرات صدام بين الإسرائيليين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- على وقع اتساع الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي ضد حكومة بنيامين نتنياهو، والمطالبة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، والتي تتناغم مع الأصوات التي تتعالى وتطالب بإسقاط حكومة اليمين وإجراء انتخابات مبكرة، تشكلت ملامح خطاب عنيف بالمجتمع الإسرائيلي، انعكس في المظاهرة بالقدس ضد نتنياهو وتخطي الحواجز الشرطية واقتحام منزله.

هذا المشهد الذي حذر من تكراره رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” رونين بار، يحمل في طياته دلالات مستقبل الاحتجاجات، وما تحمله من رسائل ومضامين خلافية، تشير إلى حتمية اتساع دائرة الصدام والمواجهة مع الشرطة الإسرائيلية، وكذلك إلى تطورات قد تفضي لمواجهة وأعمال عنف بين الإسرائيليين أنفسهم، وسط الانقسامات بين مؤيد ومعارض لسياسات حكومة نتنياهو بكل ما يتعلق بالحرب على غزة.

واكتسبت ظاهرة العنف الجامح من قبل الشرطة الإسرائيلية ضد المتظاهرين اليهود زخما غير مسبوق خلال ولاية وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي عمد خلال الحرب على غزة إلى تسييس جهاز الشرطة وتوظيفه لأجندة الحكومة وأيديولوجية اليمين المتطرف.

وشهدت الأيام الأخيرة مجموعة من الظواهر التي توضح التفكك المؤسساتي لدور الشرطة بحفظ القانون وضمان حق التظاهر والاحتجاج، وذلك عبر اعتقال أفراد من أهالي المختطفين، والعنف ضدهم، ومواقف الازدراء المهينة من جانب المسؤولين الحكوميين تجاه أهالي المختطفين، والمعارضة والجمهور الإسرائيلي المناهض لحكومة نتنياهو وسياساتها المتعلقة بسير الحرب وتبادل الأسرى.

عائلات المحتجزين الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو في قيسارية (أسوشيتد برس)

تفكك المجتمع

تقول عضو الكنيست عن حزب العمل نعمى لزيمي، التي تقرر إخضاعها للتحقيق بشبهة التحريض على أفراد الشرطة الإسرائيلية خلال الاحتجاجات قبالة منزل نتنياهو في القدس، إن “هذا التفكك لم يتوقف عند الشرطة، بل طال قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي”، في مؤشر لعمق الشرخ والانقسام المجتمعي.

وأوضحت لزيمي في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية عقب قرار فتح تحقيق ضدها “أينما تقف عائلات المختطفين للاحتجاج والمطالبة بإعادة أبنائها من الأسر، تتلقى الشتائم والبصاق من جمهور إسرائيلي غاضب، يرد على الحملة المروعة ضدهم، والتي تأتي من مكتب نتنياهو، حيث تم تحديد أهالي المختطفين كمشكلة يجب محاربتها”.

وحيال ذلك، تعتقد البرلمانية الإسرائيلية المحسوبة على اليسار الصهيوني، أنه “لا مفر من معارضة واسعة النطاق للحكومة وقادتها، فأولئك الذين قرروا تحويل إسرائيل إلى دكتاتورية وجلبوا أكبر كارثة عليها منذ قيامها، ثم تخلوا عن المختطفين، يجب أن يرحلوا الآن”.

وفي مواجهة مسيرة الفاشية وتراجع الديمقراطية وتفكك المجتمع، تقول لزيمي “لابد من صوت واضح لا هوادة فيه، لن نتوقف عن الاحتجاج والانتقاد، إن محاولات التخويف لن تردع شعب إسرائيل، الحكومة في حالة هستيرية، ويجب استمرار النضال والاحتجاج حتى إسقاطها”.

نزع شرعية

مع المنحى التصاعدي للاحتجاجات التي ينضم إليها جمهور إسرائيلي واسع ومن مختلف القطاعات، يعتقد محلل الشؤون القضائية في القناة الـ13 الإسرائيلية الصحفي باروخ قرا، أن “جهات بالمؤسسة الإسرائيلية والحكومة تسعى لنزع الشرعية عن الاحتجاجات، تحت ذريعة أنها ذات مضامين عنيفة وتتسبب بالفوضى والإخلال بالنظام العام”.

ويقول “في الأيام القليلة الماضية، ومع اتساع الاحتجاجات المطالبة بتحرير المختطفين وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وعقب تجاوز بعض المتظاهرين الحواجز الشرطية قبالة منزل نتنياهو، هناك من يحاول إرباك وتخويف جمهور المحتجين بالعبارات المبتذلة والشعارات التي لا نهاية لها”.

ويضيف قرا “لذا ربما من الجدير أن نذكر ما ينبغي أن يكون بديهيا. إذا كانت التعديلات على الجهاز القضائي قد جلبت عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف، إلى شوارع إسرائيل، فإن أحداث السابع من أكتوبر سوف تجلب أعدادا أكبر بكثير إلى الشوارع”.

وحول دلالات تصعيد المظاهرات ضد نتنياهو واقتحام منزله، يرى محلل الشؤون القضائية ذلك بمثابة مؤشر على أن هذه الاحتجاجات ستتوسع، لافتا إلى أن “المزيد من أعداد الناس والغضب سيتراكم، طالما أن المختطفين يقبعون بالأسر في غزة، وبالتأكيد طالما أن نتنياهو لا يبدو أنه يفعل كل شيء لإعادتهم”.

وتساءل الصحفي الإسرائيلي “ماذا بالضبط تتوقع الحكومة الإسرائيلية وسلطات إنفاذ القانون؟ أن يجلس الجمهور الإسرائيلي بهدوء؟ أن يصدق الجمهور ببساطة رواية رئيس الوزراء أن كل شيء تحت السيطرة؟ ما الذي فعله بالضبط نتنياهو في الأشهر الأخيرة حتى يصدقه الجمهور؟”.

وعلى وقع الاحتجاجات وهذه التساؤلات، يقول محلل الشؤون القضائية “يبدو واضحا اشتداد التظاهرات، بما فيها مظاهرة الغضب قبالة منزل نتنياهو، ومن أجل وقف مسار الاحتجاج، بدأت مرة أخرى حملة نزع الشرعية عن المتظاهرين، بما في ذلك أهالي المختطفين الذين يشاركون في الاحتجاجات في صراع متأصل بين بقاء الحكومة وعودة المختطفين”.

تغيير الواقع

ذات الطرح تبناه الكاتب الإسرائيلي يائير أسولين، الذي قال إن “المصلحة الأكثر وضوحا للحكومة ونتنياهو هي أن تنفجر الاحتجاجات، وأن تصل إلى حد العنف، وأن تبرر كل ما تُعامل به، وأن يتم تأطيرها كاحتجاج من قبل الفوضويين، هؤلاء الذين يستخدمون عائلات المختطفين لتعزيز المصالح السياسية، والذين يؤيدون الفوضى”.

وأوضح أسولين في مقال له في صحيفة “هآرتس” أن “كل أولئك الذين يدفعون بالاحتجاج إلى هذه الأماكن، ويتحدثون عن حرق البلاد أو محاصرة الكنيست، وبالتأكيد أولئك الذين يمارسون العنف، يسعون إلى تقويض مبرر الاحتجاج، الأمر الذي يخدم الحكومة التي تسعى جاهدة قبل كل شيء إلى أن تجمع حولها أولئك الذين يكرهون الاحتجاجات، حتى لو كانوا يؤيدونها”.

وأكد الكاتب الإسرائيلي أن الوضع معقد والتحديات معروفة، وتساءل “كيف يمكنك إحداث التغيير دون إحداث ضجيج؟ كيف يمكنك التأثير على الخطاب العام والوعي العام دون توسيع الاحتجاجات؟” قائلا إن “أي احتجاج لا يطالب بتعجيل الانتخابات لا أهمية له، بل وخطير، لذا يجب على الجمهور الإسرائيلي أن يؤمن بفكرة تغيير الواقع عبر صناديق الاقتراع وبدون عنف”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *