اجتياح بري أم احتلال؟.. ما التالي بعد سياسة الأرض المحروقة في غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

يتباهى المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بمقطع غارة شنها جيشه على الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، التي وصفها أنها “تعمل مركزا مهما للقوة السياسية والعسكرية في التنظيم الإرهابي، وتعمل لتأهيل وتدريب وتطوير وإنتاج الوسائل القتالية”.

عندما يخرج “واجهة” جيش ليتغنى بتدمير جامعة، فهذا يعني أن تل أبيب لم تعُد تكترث لشيء إلا لتدمير غزة، عبر استخدام القوة الغاشمة وتدمير المباني وقتل المدنيين وقصف المستشفيات والمساجد، وقطع الكهرباء والماء عن المدنيين في محاولة -على ما يبدو- لتركيع القطاع وكسر صموده.

وإزاء كل هذا بات السؤال ملحا، هل هذه الخطوات تمهيد لغزو القطاع بريا وإعادة احتلاله عسكريا؟

يجيب موقع “بلومبيرغ” الإخباري الأميركي عن السؤال بأن “الإسرائيليين ومؤسسة الأمن القومي ينشدون الانتقام من الهجمات التي نفذها مسلحو حماس، التي أودت بحياة أكثر من 1000 إسرائيلي نهاية الأسبوع”.

لكن هذا الانتقام دونه عقبات، حسب الموقع الذي يشرح أن “الغزو البري سيكون معقدا بسبب الكثافة السكانية في غزة وشبكة الأنفاق تحت الأرض، والخطر الذي قد يشكله على الإسرائيليين والأميركيين وغيرهم من الرهائن”.

وفي السياق ذاته، يذهب  ليون بانيتا الذي شغل سابقا منصبي وزير الدفاع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، إلى أن “المشكلة هي أنه في الأساس يكون هناك قتال من منزل إلى منزل، بمجرد دخولك إلى غزة”.

لكن بانيتا يستدرك قائلا، إن “الثمن قد يكون باهظا، ولكنني أعتقد أن إسرائيل اتخذت القرار بسحق حماس في غزة”.

يبدو أن القرار شيء والواقع أمر آخر، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى” التي غيرت المعادلات ونشرت المفاجآت إسرائيليا، وشرق أوسطيا وعالميا.

وفي خضم ذلك، يطرح استفسار عن قدرة الاحتلال سياسيا واجتماعيا وإستراتيجيا على تحمل تداعيات هذه الحرب، ومخاطر تصاعد الصراع إلى حرب إقليمية أوسع.

يرى مسؤول أميركي -رفض الكشف عن اسمه وتحدث لموقع “بلومبيرغ”- أن “ما سيلي الغزو البري قد يشبه معركة الفلوجة في العراق في 2004، التي شهدت قتالا دمويا من شارع إلى شارع. وقد تكون المقاومة في غزة هائلة، خاصة إذا قدمت الدول المجاورة الدعم والتعزيزات”.

مؤشرات على الأرض

ولم يعلن الاحتلال بعد أنه سيرسل قوات برية إلى غزة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدد بأن “ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه لأجيال”.

وتشير التطورات والمؤشرات على الأرض، إلى أن إسرائيل تخطط لشيء كبير؛ لأن جيشها يبني قاعدة بجوار قطاع غزة لاستيعاب عشرات الآلاف من الجنود، بينما تتحرك أرتال الدبابات الإسرائيلية نحو المنطقة، كما حشدت البلاد بالفعل 300 ألف جندي احتياطي، وهو العدد الأكبر في تاريخها.

وحتى وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو أكد أن بلاده “ستعمل على شل قدرة الإرهابيين”، دون الكشف عن كثير من التفاصيل.

وما لم يقله نتنياهو ووزيره، كشفته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” بأن تل أبيب أبلغت مصر بأن الجيش الإسرائيلي يمهد لحملة برية ضد قطاع غزة تستمر لأشهر عدة.

قناعة متزايدة

ويشير موقع “بلومبيرغ” إلى أن “هناك قناعة متزايدة في إسرائيل بضرورة شن غزو بري؛ لأن الضربات الجوية لن تنجح في تدمير الأنفاق ومخزونات الأسلحة تحت الأرض وطرق التهريب، التي جعلت هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ممكنا”.

ويشرح المدير السابق لوكالة الأمن القومية الأميركية، الجنرال المتقاعد كيث ألكسندر، كيف أنهم “في مرحلة ما، سيتعين عليهم (الإسرائيليين) الدخول (بريا إلى غزة).. يمكنهم القيام بعمليات محدودة، لكن هذه منطقة كبيرة سيكون من الصعب احتلالها، وتحتاج إلى عدد كبير من عناصر الجيش للبقاء فيها”.

ومن المرجح أن يؤدي القتال من شارع إلى شارع في غزة، حيث يتجمع مليونا ساكن إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين.

وعن هذا الأمر يقول الجنرال السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ويليام آشر، إنه “كلما طال أمد الاحتلال، زاد انحسار الدعم لإسرائيل وزاد الضغط على الدول العربية من شعوبها.. من الممكن أن يتحول هذا إلى كارثة سياسية، ويضرب علاقات تل أبيب مع الدول التي تربطها بها علاقات”.

هذا كله ناهيك عن عشرات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، التي هددت بأنها مستعدة لقتل رهينة في كل مرة تقصف فيها إسرائيل منازل المدنيين في غزة دون سابق إنذار، والأهم ما مصيرهم المحتمل في أي توغل بري غير معلوم النتائج؟

احتلال غزة

وكانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أكثر وضوحا في أحد مقالاتها، إذ طالبت بشكل واضح وصريح باحتلال غزة، لأن “الصدمة الناجمة عن هجوم حماس بدأت بالتلاشي، والغرض من الإجراء الإسرائيلي لا يزال غامضا، سواء كان ذلك تحجيم القدرات العسكرية للجماعة الإرهابية، أو إسقاط نظام حماس”.

وطرحت مقاربة مختلفة وغريبة -في مقال نشر بصحيفة “تلغراف” البريطانية- دعا فيه الكاتب باستخدام “القوة المفرطة لضرب حماس”.

وتابع أنه “لا يمكن إيقاف حماس إلا بالهزيمة. وهذا يعني سحق إرادتها في المقاومة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال القضاء على المقاتلين بأعداد كبيرة وتدمير القدرة القتالية. وإذا أخفقت إسرائيل في القيام بذلك، فسيؤدي ذلك إلى صراع لا نهاية له، يموت فيه عدد أكبر من الأشخاص من كلا الجانبين”.

ومضى أن “عواقب مثل هذه النتيجة تذهب إلى ما هو أبعد من هذا الصراع المباشر. رأينا كيف أدى انسحاب الغرب المهين من أفغانستان في 2021 إلى تشجيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا بعد 6 أشهر. ونحن الآن نجازف بتشجيع جهات في الشرق الأوسط، التي لا تسعى إلى ضرب حلفائنا فحسب، بل إلى تدميرهم بشكل دائم”.

ودعوات “سحق” غزة لم تأت من كتاب أو صحف غربية فقط؛ بل من الساسة أيضا، إذ دعا السيناتور الأميركي الجمهوري، ليندسي غراهام، لـ “سحق” غزة.

وتابع موجها حديثه للقادة الإسرائيليين، “افعلوا كل ما يلزم لحماية أنفسكم.. نحن الآن في حرب دينية، وأنا أساند ⁧‫إسرائيل‬⁩”.

النووي وكرامة إسرائيل

ولم تتوقف “جوقة” الهجوم عند حد التدخل البري والإبادة الجماعية والأرض المحروقة، فللنائبة في الكنيست عن حزب الليكود الحاكم، “تالي” جوتليف، سيناريو آخر لـ “رد الكرامة لإسرائيل”.

إذ طالبت جيش الاحتلال باستخدام الحرب النووية ردا على هجمات حماس.

وتابعت “المحامية المتخصصة بحقوق الإنسان” -على حسابها في منصة “إكس”-  “أحثكم على القيام بكل شيء واستخدام أسلحة يوم القيامة بلا خوف ضد أعدائنا.. يجب أن تستخدم كل ما في ترسانتها”.

وواصلت “انفجار يهز الشرق الأوسط وحده، سيعيد لهذا البلد كرامته وقوته وأمنه.. إطلاق صواريخ قوية بلا حدود لا تترك حيا بالأرض فقط، بل تسحق غزة وتسويها بالأرض وتضربها دون رحمة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *