أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في مقابلة حصرية مع مجلة “نيوزويك” ما سماه “التحديات” الأربعة التي تواجهها إسرائيل، في حربها المستمرة ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة.
ويرى باراك -الذي كان رئيسا للوزراء بين يوليو/تموز 1999 ومارس/آذار 2001- أن ما تمر به بلاده اليوم هو أهم قضية تواجهها، محذرا من 4 تحديات يقول، إنها لا بد أن تؤثر في “عملية السيوف الحديدية” التي ينفذها الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ردا على عملية “طوفان الأقصى” غير المسبوقة التي شنتها حماس.
ومع استعداد الجيش الإسرائيلي لشن حملة برية على غزة، أوضح باراك بالتفصيل ما يتطلبه الموقف فيما يتعلق بالرهائن، والتصعيد والحكم والدعم الشعبي كي تضمن إسرائيل أن تكون حملتها العسكرية الحالية ناجحة.
التحدي الأول: أزمة الرهائن
تعتقد إسرائيل أن لدى حماس 222 رهينة، وهو ما يرى فيه باراك معضلة حقيقية، نظرا لكبر العدد أولا، ولكون ربعهم على الأقل مواطنين من بلدان أخرى، أو مزدوجي الجنسية.
ولفت باراك بهذا الخصوص إلى مدى التعقيدات التقنية لأي عملية عسكرية تستهدف تحرير الرهائن، موضحا أن أمرا كهذا “يحتاج إلى كثير من المعلومات الاستخباراتية ليكون دقيقا جدا، وذلك في ظل الوضع الحالي الخاضع لرقابة مشددة، كما أن هذه المنظمات تعلّمت على مدار العقود الماضية كيفية تنظيم عمليات الاختطاف، وكيفية توزيع المختطفين، لدرجة أن أيا منهم لا يعرف أين يوجد الآخرون”.
التحدي الثاني: اتساع الحرب
طالبت حماس العرب والمسلمين بدعم المجهود الحربي الفلسطيني ضد إسرائيل. وبالفعل، شنت حزب الله اللبناني هجمات عبر الحدود، وأعربت فصائل أخرى مما يعرف بـ”محور المقاومة” المتحالف مع إيران عن دعمها لذلك، حيث أعلنت منظمة واحدة على الأقل تطلق على نفسها اسم “المقاومة الإسلامية في العراق” مسؤوليتها عن هجمات يومية على القوات الأميركية في العراق وسوريا.
كما أعربت طهران عن دعمها القوي لحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، التي انتفضت -أيضا- في القدس والضفة الغربية.
وحتى الآن، لم تشارك هذه الجهات الفاعلة إلا في عمليات محدودة، رغم أن خطر التصعيد لا يزال قائما، بغض الطرف عما إذا كان متعمدا أو لا، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يخطط لتوغل بري في قطاع غزة للقضاء على حماس.
وقال باراك، “ليس لدينا مصلحة في توسيع الصراع إلى الشمال.. ولا أنصح حزب الله أو لبنان بالمشاركة فيه، لكن ذلك خارج عن سيطرتنا”.
وأضاف أنه يعتقد أن “هناك تأثيرا معينا للردع لوجود القوات الأميركية هنا”.
وحذّر باراك من أنه حتى لو كان الجانبان لا يريدان ذلك، فقد تفتح جبهة في الشمال نتيجة الاحتكاك والمناوشات التي تحدث كل يوم. ويمكن أن يتدهور الأمر بسهولة إلى حرب واسعة النطاق، حسب قوله.
التحدي الثالث: خلافة حماس
يرى باراك أن الشكل الذي سيبدو عليه النصر بالنسبة لإسرائيل سيظل ناقصا، حتى لو نجح الجيش الإسرائيلي في جهوده الرامية إلى تحييد حماس وشل جناحها العسكرية، وتحييد الفصائل الفلسطينية المعادية الأخرى؛ مثل: حركة الجهاد الإسلامي، وذلك ما لم يكن هناك بديل مقبول لتولي السلطة في قطاع غزة، حيث يعيش ما يقرب من 2.2 مليون.
ولهذا فإن باراك يرى أن إسرائيل التي لا تخطط للعودة لاحتلال القطاع، يجب عليها التفكير جديا فيمن ستنقل إليه حكم غزة.
واستبعد عودة السلطة الفلسطينية، إذ إنها تواجه بالفعل أزمة شرعية تاريخية، وما فتئت حماس تظهر تقدمها عليها في كل الأوساط الفلسطينية.
ويقول باراك، إنه اقترح عندما كان وزيرا للدفاع في 2008 على الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري -آنذاك- حسني مبارك إنشاء قوة عربية متعددة الجنسيات للتدخل والعمل على هزيمة حماس، في فترة من 3 إلى 6 أشهر للسماح بعودة إدارة السلطة الفلسطينية، لكنهما رفضا عرضه.
لكن باراك أشار إلى التحول الكبير الذي طرأ على الجغرافيا السياسية في المنطقة، وإلى أنه “لم يعُد هناك شيء مستحيل”، بل ربما تكون هناك محادثات حول ترتيبات معينة تتم وراء الأبواب المؤصدة.
وأضاف، “آمل أن تكون ناجحة، ولكن من المؤكد أن بعض الأفكار حول من سنكون قادرين على تمرير الشعلة إليه ستُوضّح بشكل أفضل قبل التوغل في غزة، وإلا فإن الأمر سيبدأ في الظهور مرة أخرى، كشيء لا يمكن تصوره”.
التحدي الرابع: القانون الدولي
والعائق الأخير الذي ذكره باراك هو التزام إسرائيل بالقانون الدولي، في ظل صراع متصاعد يتهم فيه الجانبان بعضهما بعضا بارتكاب جرائم حرب.
وعلّق باراك على هذه المسألة بقوله “مهما كانت جهودنا فعالة وصادقة لاتباع القانون وتحذير الجميع، والتأكد من حصولهم على فرصة حقيقية لمغادرة تلك الأجزاء من غزة التي تعدّ أهدافا يجب رصدها وضربها، فسيموت بالفعل عدد كبير من المدنيين الأبرياء”.
واتهم باراك حماس باستخدام المدنيين دروعا بشرية، وهو ما أكدت المجلة أن حماس نفته، واتهمت الجيش الإسرائيلي باستهداف سكان غزة دون تمييز.
ومع ذلك، حذر باراك من أن رد الفعل العنيف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين “قد يؤدي بسرعة كبيرة إلى تآكل شرعية موقفنا”، مما يهدد “الدعم العالمي الذي نتمتع به الآن”.
وقد سعى الجيش الإسرائيلي إلى استباق الشائعات، حسب قوله، من خلال التعامل بانتظام مع الصحفيين بشكل مباشر، خاصة فيما يتعلق بالحوادث البارزة؛ مثل: الهجوم المثير للجدل الأسبوع الماضي على المستشفى الأهلي العربي المعمداني.
لكن باراك حذر من أن حماس لديها هي الأخرى آلياتها لنشر سرديتها الخاصة بها، وهو ما ينبغي لإسرائيل أن تتصدى له بكل حزم، حسب رأيه.