تقول مجلة “إيكونوميست” البريطانية إن الشرق الأوسط يعيش فترة مخيفة حاليا، ولكن بعد الموت والجحيم قد يأتي السلام، مضيفة أن هناك إمكانية متواضعة ولكنها متزايدة لتحويل الكارثة إلى فرصة، إذ تعمل إدارة الرئيس جو بايدن جاهدة لتحقيق ذلك.
وأوضحت المجلة في تقرير طويل لها أن شخصيات أميركية بارزة تتنقل هذه الأيام بين واشنطن والعواصم الأوروبية والشرق أوسطية من أجل هدف مباشر، وهو تأمين توقف إنساني طويل في القتال في غزة، يستمر لمدة شهر أو شهرين، ويسمح بتبادل الرهائن، وهدف آخر أكثر طموحا وهو تحويل هذا التوقف إلى وقف دائم لإطلاق النار وتأمين اتفاق سلام إقليمي.
وستشمل حزمة الاتفاق الإقليمي، وفقا للتقرير، قبول إسرائيل لدولة فلسطينية، واعتراف سعودي بإسرائيل، وإصلاح فلسطيني، وإجراءات أميركية لـ”تحلية” الصفقة.
قبل رمضان وقبل الانتخابات الرئاسية
وأضاف التقرير أن واشنطن ترغب في تنفيذ الهدف الأول قبل حلول شهر رمضان المبارك في العاشر من مارس/آذار المقبل، وتحقيق الهدف الثاني قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
ويحذر أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركية من “وقت مضطرب بشكل لا يصدق” في الشرق الأوسط، قائلا: “لم نشهد وضعا خطيرا مثل الوضع الذي نواجهه الآن في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 1973 على الأقل”.
وأشار التقرير إلى أن مسؤولين أميركيين كبار يزورون المنطقة بالتتابع. فقد كان بريت ماكغورك، مستشار بايدن في الشرق الأوسط، في المنطقة الأسبوع الماضي، وكان وليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، في باريس في 28 يناير/كانون الثاني للتشاور مع شخصيات من إسرائيل ومصر وقطر وتنسيق صفقة الرهائن، ومن المتوقع أن يعود بلينكن إلى الشرق الأوسط مرة أخرى في الأيام المقبلة، ويعمل جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، على التواصل مع قادة سعوديين وقادة آخرين.
مربعات متداخلة ومفاتيح
ودعت إيكونوميست في تقريرها القراء إلى التفكير في المشكلة كمجموعة من المربعات المتداخلة: مفتاح إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو “حل الدولتين”، مع وجود دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل؛ ومفتاح حل الدولتين هو صفقة التطبيع السعودية؛ ومفتاح التطبيع السعودي هو إنهاء الحرب في غزة؛ ومفتاح إنهاء الحرب في غزة هو اتفاق الرهائن.
وقالت إن إدارة بايدن تتحدث الآن بشكل أكثر وضوحا عن الحاجة إلى التزام إسرائيلي “ذي مصداقية ولا رجعة فيه ومحدد زمنيا” بدولة فلسطينية. كما أنها تريد دفعة أولى مبكرة، وربما تريد انسحابا من بعض أراضي الضفة الغربية أو وقفا حقيقيا للمستوطنات.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا ستدرس الاعتراف بدولة فلسطينية مؤقتة قبل التوصل لاتفاق نهائي، ويقال إن بلينكن يفكر في مثل هذا الخيار.
إنشاء مجموعة اتصال
وأضافت إيكونوميست أن أميركا تدرس إنشاء “مجموعة اتصال” للضغط من أجل إصلاح السلطة الفلسطينية تشمل مصر والأردن والسعودية والإمارات وربما تركيا وقطر.
ويقول مسؤولون عرب إن الأردن يمكن أن تشرف على تدريب القطاع الأمني، في حين يمكن لدول الخليج المساعدة في الإصلاحات الإدارية. والأمل في غزة هو أنه في نهاية المطاف يمكن إعادة تدريب ما يكفي من رجال الشرطة السابقين في غزة -الذين هم حاليا يحصلون على رواتب السلطة الفلسطينية– لتولي المسؤولية، لكن العملية ستستغرق عدة أشهر.