إيكونوميست: ما مصير البشرية في حال اندلعت حرب نووية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

استعرضت مجلة “إيكونوميست” البريطانية كتابين يتناولان مخاطر الأسلحة النووية وقدرتها على إبادة الحياة على وجه الأرض.

والكتابان أحدهما من تأليف الصحفية آني جاكوبسن تحت عنوان “الحرب النووية.. سيناريو”، والآخر بعنوان “العد التنازلي” لمؤلفته سارة سكولز، وهي صحفية متخصصة في مجال العلوم.

وتتخيل جاكوبسن في روايتها إقدام كوريا الشمالية على شن هجوم نووي على الولايات المتحدة، وما سيعقبه من دوامة من التداعيات تُهلك العالم.

ووصفت المجلة الكتاب بأنه صيغ بمنهجية ووضوح، وبُني على أسس فنية وبيانات صادمة أحيانا.

وذكرت جاكوبسن في روايتها أن الأقمار الصناعية الأميركية، التي ترصد صواريخ كوريا الشمالية عند إطلاقها، تحتوي على أجهزة استشعار “قوية للغاية بحيث يمكنها رؤية عود ثقاب مشتعل من مسافة 320 كيلومترا (200 ميل).

وفي غضون 15 ثانية، تستطيع الرادارات معرفة أن الصاروخ متجه نحو الولايات المتحدة، وسيقطع المسافة في مدة تزيد قليلا على نصف ساعة للوصول إلى هدفه.

6 دقائق

وبمجرد إبلاغ الرئيس الأميركي جو بايدن بالأمر، فلن يكون أمامه سوى 6 دقائق لاتخاذ قراره. وتشرح المؤلفة السرعة التي يمكن بها إبادة دول بأكملها.

فقد تطلق غواصة روسية جاثمة قبالة الساحل الغربي لأميركا مجموعة كاملة من الصواريخ على الولايات الأميركية الـ50 دفعة واحدة خلال 80 ثانية. وحتى لو كانت هناك غواصة رابضة عن قرب -كما يشير أحد الخبراء- فلن تتمكن من إطلاق طوربيد في حينه.

وأوضحت الكاتبة أن الصواريخ التي تُطلق من مكان قريب من الساحل الأميركي تستغرق أكثر من 7 دقائق بقليل لإصابة هدفها.

وقالت إن السينما تناولت سيناريوهات الحرب النووية في عدة أفلام في الثمانينيات، قبل أن تنحسر في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي.

لكن الغزو الروسي لأوكرانيا أعادها إلى واجهة الجغرافيا السياسية والثقافة مرة أخرى. وضربت الكاتبة مثالا على ذلك بفيلم السيرة الذاتية لروبرت أوبنهايمر، “أبو القنبلة النووية”.

وتخوض جاكوبسن في تفاصيل الحرب النووية بشكل مثير للقلق أحيانا، حسب تعبير مجلة إيكونوميست. ففي السيناريو التي تتخيله، يمحو صاروخ كوري شمالي محطة الطاقة النووية شمال مدينة لوس أنجلوس من الوجود، مما يجعل الوقود المستنفد يتطاير ويتغلغل في الغبار الذري المتساقط.

وتدمر قنبلة أخرى واشنطن العاصمة، ويحترق الناس أحياءً داخل مبنى الكونغرس والبيت الأبيض بفعل العواصف النارية التي تجلبها رياح ترفع حرارة الجو إلى 660 درجة مئوية.

سوء فهم

وورد في تقرير نشره موقع الجزيرة نت في وقت سابق، أن العالم يضم ما بين 15 و18 ألف رأس حربي نووي، عدة آلاف منها يمكن أن تكون جاهزة للإطلاق ما بين 5 و15 دقيقة.

وفي سيناريو حرب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، يمكن أن يحدث سوء فهم من جانب روسيا؛ فالصواريخ الأميركية المتجهة صوب كوريا الشمالية يجب أن تطير فوق سماء روسيا بحكم الجغرافيا.

وبحسب تقرير الإيكونوميست قد لا يتمكن القادة الأميركيون من إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي. وربما تخطئ أقمار الإنذار المبكر الروسية “المتدنية المستوى” -والمعروف عنها أنها تخلط بين الغيوم وأعمدة الدخان- في رصد مئات الصواريخ القادمة، فيهاجم الروس الولايات المتحدة وتضطر الأخيرة إلى الرد.

وتحاجج المجلة البريطانية جاكوبسن فيما ذهبت إليه، إذ تعتقد إيكونوميست أن من الصعب أن تغامر كوريا الشمالية وتُقدم على انتحار “مفاجئ”، فهل يستطيع الزعماء الروس حقا وضع نهاية للعالم استنادا إلى بيانات من أجهزة استشعار معيبة؟

على أن الأمر الذي لا خلاف عليه -برأي المجلة- هو التغيير الذي ستحدثه الأسلحة النووية على العالم. ذلك أن نشر سخام ذري بكميات كبيرة في الغلاف الجوي من شأنه أن يقلل بنسبة 70% من أشعة الشمس على مدى 10 سنوات.

وستتقلص كمية الأمطار بنحو 50%. وسيعود البشر إلى ممارسة حرفتي الصيد وجمع الثمار بعد أن 10 آلاف عام من العمل في مجال الزراعة والحصاد، حسبما أفادت جاكوبسن في كتابها.

سلاح ذو حدين

وفي كتاب “العد التنازلي”، تقدم سارة سكولز لمحة عن الأشخاص الذين يعملون في مجمع المختبرات النووية الأميركية الضخم -من بينها مختبر ألاموس في ولاية نيو مكسيكو- حيث أشرف أوبنهايمر على عملية اختراع وتصنيع أول قنبلة نووية.

إن الأجزاء الأكثر إقناعا في كتابها تلك التي تستجلي فيها كيف يوفق أولئك العلماء، من أمثال أوبنهايمر، بين عملهم ومبادئهم.

ويتطرق الكتاب للفجوة بين الأجيال؛ حيث تقول المؤلفة إن الولايات المتحدة درجت -قبل عام 1992- على أن تبقي أسلحتها النووية بحالة جيدة من خلال إجراء تفجيرات في إطار تجارب نووية.

وبينما تعكف واشنطن على تصميم رأس حربي جديد، يُطلق عليه (دبليو 93) “w93″، لأول مرة منذ عقود، يشكك بعض علماء تلك الحقبة في إمكانية القيام بذلك دون إجراء تجارب عليه.

ووصفت إيكونوميست كتاب سكولز بأنه جاء متوازنا وسهل القراءة، وينقل مواقف المدافعين عن نزع السلاح النووي وأنصار الردع النووي على حد سواء.

ونقل التقرير عن براد روبرتس، مؤلف كتاب “حالة الأسلحة النووية في القرن 21″، قوله إن النووي قد يكون سلاحا ذا حدين “فإما أن يكون له مفعول تهدئة، أو تأثير كارثي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *