أثار تصريح وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران محمد مهدي إسماعيلي الأسبوع الماضي، بشأن عودة المغني نصر الله معين المقيم في لوس أنجلوس إلى إيران، ردود فعل واسعة النطاق.
وأجاب إسماعيلي، على هامش اجتماع الوفد الحكومي، على سؤال عقب كلام رئيس السلطة القضائية، قائلا “إن في إطار القواعد والضوابط، لا مشكلة في عودة الفنانين، ومن أجل إقامة حفل موسيقي، مثل أي فنان آخر، يجب اتباع العملية القانونية”.
الأبواب مفتوحة
وقال وزير السياحة عزت الله ضرغامي للصحفيين “إن البعض يثير الموضوع على أدنى مستوى عندما يتعلق الأمر بفتح الأبواب أمام الإيرانيين لدخول البلاد، ويتساءلون ماذا سيحدث لو جاؤوا؟ لن يحدث شيء، وستفتح الأبواب أمام الإيرانيين وسيدخل ملايين الإيرانيين إلى البلاد بأمان وسهولة”.
وكان قد أشار رئيس السلطة القضائية في إيران غلام حسين محسني أجئي، الثلاثاء الماضي، في اجتماع المجلس الأعلى لشؤون الإيرانيين في الخارج، إلى أن قوانين الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشمل حال جميع الإيرانيين، وقال “إن كل إيراني، بما في ذلك الإيرانيون داخل البلاد وخارجها، تحت حماية القانون”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تعلو فيه أصوات الإيرانيين المغتربين، حيث يقولون إنهم لن يعودوا خشية الاعتقال والسجن وحتى الإعدام.
وعلى مستوى الصراع بين الحكومات والتيارات، رد وزير الاتصالات السابق محمد جواد آذري جهرُمي على كلام وزير الإرشاد وكتب عبر قناته على تيلغرام أن “في الأول لا تدفعوا المواطنين داخل البلاد بسياساتكم الخاطئة إلى الهجرة، ثم تحدثوا عن استعادة أمثال الفنان معين”.
إجراءات صارمة
واعتبر أستاذ القانون في جامعة طهران محسن برهاني تصريح الوزير صحيحا من جانب واحد، وفي هذا الصدد، قال إنه وفقًا للقوانين الإيرانية، لا يمكن منع أي من المواطنين الإيرانيين من دخول البلاد، لكن اعتقال شخص في المطار، أو حظر الخروج اللاحق، أو حظر العمل، وما إلى ذلك، لا علاقة له بالحرية في الدخول.
وأضاف في تدوينة على منصة “إكس” أنه وفق المواد 500 و508 و610 و639 و745 من الدستور الإيراني، ستنتظر هذا الفنان – نصر الله معين الذي صرح الوزير بأنه يمكنه العودة – مدة سجن إجمالية تصل إلى 28 عامًا.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الغناء ليس جرما – للرجال والنساء – ولا يمكن تصنيفه جرما وفق قوانين إيران، لكن هناك فرق بين التفسير الذي أعتمده أنا وأمثالي بناء على مبدأ البراءة والتفسير الضيق للقوانين الجنائية وبين بعض الإجراءات الصارمة في نظر بعض الجهات الأمنية في رفع القضايا ومتابعتها في بعض المحاكم الخاصة، حيث أن هذه الإجراءات الصارمة هي التي قد تسبب بعض المشاكل أحيانا.
وتابع أن في التفاصيل الصعبة هناك عناوين يمكن تطبيقها على غناء فنان، على سبيل المثال، المادة 639 من قانون العقوبات الإسلامي في إيران التي أشرت لها أي تشجيع الناس للفساد والفحشاء أو تأمين أماكن لهذا الأمر، في نظرة صارمة يمكن القول بموجبها إن هذا الشخص قام بالغناء في جمع من النساء والرجال وعدد كبير من الحضور كانوا يرقصون، إذن، هذا المغني الفنان هيأ أسباب الفساد والفحشاء.
وأكد برهاني على أنه في البدء يجب حلحلة هذه التفاصيل كي لا يواجه أي من العائدين ملف قضائي عند عودته إلى البلاد.
وفي السياق، قال برهاني إنه إضافة إلى المواجهة الإجرامية، قد يواجه الفنانون الذين يعودون إلى البلد قرارات مثل منع المغادرة اللاحقة، ومنعهم من إقامة الحفلات كما مُنع الكثير من الفنانين في داخل البلد.
وختم بالقول إنه يجب إصلاح الهياكل والبنى وإلّا فإن دعوات قائمة على العواطف وبدون تأمين المتطلبات الأساسية والمسبقة غير مجدية وهي فقط تزعزع الاستقرار النفسي للفنانين والمجتمع بأكمله وتشبه مزحة أو مجاملة.
تساهل وتسامح
قسم رئيس تحرير مؤسسة الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية في طهران محمد علي صنوبري الفنانين الذين يتم الحديث عن عودتهم إلى فئتين، حيث قال إن هناك فئة من الفنانين خارج البلاد لم تكن عودتهم متاحة بسبب الأحكام القضائية أو الأعراف الاجتماعية في البلد، كما أن هناك فئة أخرى لم يُعلن قط أنهم ممنوعون من العودة ولكنهم اعتبروا أنفسهم ممنوعين بسبب توقعهم بأنهم قد يخضعوا للاعتقال عند عودتهم إلى البلد.
وتعقيبا على كلام الوزير، أكد صنوبري في حديثه للجزيرة نت أنه طالما صرح مسؤول رفيع المستوى وتحدث عن امكانية العودة للفنانين أو فنان ما فإن هذا الكلام صحيح وصادق ومن المؤكد أنه لن ينوي استدراجهم بهذه الطريقة، معتبرا الدعوة حقيقية.
وأضاف أن نظام الجمهورية الإسلامية يتعامل مع الفنانين والمشاهير بتساهل وتسامح، كما أنهم معفون من دفع الضرائب بينما أغلبهم منتقدين للحكومة وهناك عدد قليل من الفنانين حرضوا الناس للفوضى والتمرد في أحداث مهسا أميني والتعامل القضائي الذي واجهوه هو الاستدعاء والتحذير ومنعهم من الظهور على التلفزيون الرسمي وهم لم يكونوا يتعاونون مع التلفزيون الرسمي من قبل إصدار القرار، وهناك عدد قليل أيضا منعوا من مغادرة البلد بسبب قضايا مرفوعة عليهم ولم يحضروا للجواب عليها.