إهانات لواشنطن.. إسقاط المساعدات وعجز بايدن تجاه إسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

واشنطن- عبّر الكثير من المعلقين الأميركيين عن غضبهم من إقدام إدارة الرئيس جو بايدن على استخدام آلية الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية والإغاثية لمئات الآلاف من سكان قطاع غزة، في ظل استمرار الأوضاع المأساوية ووصولها إلى حد المجاعة شمالي القطاع المحاصر.

ومنذ بدء إسرائيل عدوانها على غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسيطر إسرائيل على عملية إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع بعد اتفاق ثلاثي مع مصر والولايات المتحدة.

وبموجب الاتفاق، لا تسمح إسرائيل إلا بدخول كميات ضئيلة من الغذاء والماء والدواء وغيرها من الإمدادات عبر معبر رفح على الحدود المصرية الجنوبية، وبعد خضوعها لإجراءات تتضمن تفتيش الشاحنات.

وفي ظل الأوضاع الكارثية التي يشهدها قطاع غزة مع استمرار العدوان العسكري، الذي أدى لتخطي أعداد الشهداء 30 ألفا، وما يقرب من 80 ألف جريح، يلقى الكثير من اللوم على إدارة بايدن لدعمها اللامتناهي للموقف الإسرائيلي، تسليحيا وسياسيا ودبلوماسيا واستخباراتيا وماليا.

وأسقطت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية على غزة، السبت، ورحّب جيش الاحتلال الإسرائيلي بإسقاط المساعدات جوا، في حين انتقدت منظمات الإغاثة الدولية هذا التكتيك ووصفته بأنه “غير مفهوم وغير كاف على الإطلاق” لتلبية احتياجات 2.2 مليون من سكان غزة، الكثير منهم يواجهون المجاعة.

خبراء: عمليات الإنزال الجوي فرص جيدة لالتقاط الصور والدعاية وإراحة الضمائر المذنبة (رويترز)

أسوأ إهانة

وعبر روبرت فورد، الدبلوماسي الأميركي المخضرم، عن إحباطه مما آلت إليه طريقة تعامل إدارة الرئيس بايدن مع إسرائيل فيما يتعلق بعدوانها المستمر على قطاع غزة.

وعلى منصة “إكس” غرد فورد، والذي سبق له العمل سفيرا في سوريا ومن قبلها الجزائر، وقال “لقد رأيت إسرائيل تهين الإدارات الأميركية السابقة، ولكن باستثناء الهجوم الإسرائيلي القاتل عام 1967 ضد مدمرة البحرية الأميركية ليبرتي، يعد إجبار واشنطن الآن على القيام بإسقاط جوي للمساعدات على غزة -كما لو أن أميركا ليست أفضل من مصر والأردن- هو أسوأ إذلال إسرائيلي للولايات المتحدة أراه في حياتي”.

فرصة للدعاية

وأشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، إلى خطط الإدارة التوسع في عمليات إسقاط المساعدات جوا. وقال “أستطيع أن أخبرك أن هذه هي أول خطوة، ولن تكون الأخيرة، وسيكون ذلك جزءا من جهد أكبر وأطول ومستدام لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية”.

وعلى الجانب المقابل، انتقدت وكالات الإغاثة الدولية خطوة إدارة بايدن بإسقاط المساعدات الغذائية على غزة ووصفتها بأنها غير فعالة.

وتعقيبا على الخطوة الأميركية، قال مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة ريتشارد غوان “يشكو العاملون في المجال الإنساني دائما من أن عمليات الإنزال الجوي فرص جيدة لالتقاط الصور والدعاية، ولكنها طريقة رديئة لتقديم المساعدات”.

كما كتب سكوت بول من منظمة أوكسفام على موقع “إكس” مهاجما إدارة بايدن، وقال “إن إسقاط المساعدات يعمل في الغالب على إراحة الضمائر المذنبة لكبار المسؤولين الأميركيين الذين تساهم سياساتهم في الفظائع المستمرة وخطر المجاعة في غزة”.

وأضاف “في حين تم دفع الفلسطينيين في غزة إلى حافة الهاوية المطلقة، فإن إسقاط كمية رمزية تافهة من المساعدات دون خطة لتوزيعها الآمن لن يساعد الفلسطينيين، بل يهينهم بشدة. وبدلا من عمليات الإسقاط الجوي العشوائي في غزة، على الولايات المتحدة قطع تدفق الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في الهجمات العشوائية، والضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن، والإصرار على أن تفي إسرائيل بواجبها في توفير المساعدات الإنسانية، وغيرها من الخدمات الأساسية”.

وبالمثل، غرد برايان فينوكين، وهو مستشار بارز بمجموعة الأزمات الدولية، وقال إنه “إذا تنصلت الحكومة الأميركية من استخدام أي نفوذ ذي مغزى لإنهاء الصراع في غزة كما ينبغي، فإنها تتجمل بمحاولات هامشية، وتدابير يائسة وغير كافية لمحاولة معالجة الكارثة الإنسانية الواقعة بالفعل”.

تزايد الغضب على بايدن

من جانبه وصف جوستين عماش، عضو الكونغرس السابق والمرشح لمقعد بمجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، موقف بايدن بالنفاق والازدواجية. وقال “يطالب الرئيس بايدن الكونغرس بتمويل إسقاط القنابل على المدنيين في غزة. وفي الوقت ذاته، يصر على إسقاط المساعدات على المدنيين في غزة أيضا! هذا جنون مطلق في سياسته الخارجية”.

وقد عبرت الناشطة الأميركية تاليا جين عن إحباطها من سلوك إدارة بايدن واختيارها عدم مواجهة إسرائيل، وقالت “بدلا من التدخل ضد هؤلاء الذين أطلقوا النار على المتجمعين أمام شاحنات المساعدات لمنعهم من الوصول للشاحنات، فأنت فقط تسمح لهم بالاستمرار في فعل ذلك والاستمرار في إرسال الأموال والأسلحة لهم للقيام بذلك”.

في حين بعث دايلون وليامز نائب رئيس مركز السياسات العالمية بواشنطن، برسالة غاضبة، ردا على إعلان بايدن بدء عملية الإسقاط الجوي للمساعدات، وتعهده بفعل المزيد لإدخال المساعدات لغزة.

وقال وليامر في تغريدة على منصة “إكس” مخاطبا الرئيس “أخبرتك وكالات الإغاثة أن إسرائيل تحد من المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة إلى غزة، وقد عرضت وسائل الإعلام الرئيسية ذلك. وأكد ذلك المشرعون الأميركيون الذين يزورون المنطقة، ونتنياهو نفسه تفاخر بذلك. طبقْ القانون الأميركي وعلقْ تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل”.

دعم بايدن لإسرائيل قابلة النائب الديمقراطي رو خانا بقوله: سياسة معانقة الدببة وتدليل نتنياهو لم تنجح (الفرنسية)

“تدليل نتنياهو”

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إلى أن “موقف بايدن بالسماح لإسرائيل بإملاء شروطها وتحكمها في دخول المساعدات إلى غزة سيكلفه ثمنا باهظا سواء تجاه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، أو تجاه الدعم السياسي الداخلي له”.

وعبر السفير ماك عن خيبة أمله من لجوء إدارة بايدن لخيار الإسقاط الجوي للمساعدات. وقال “عمليات الإسقاط الجوي طريقة مهدرة وغير كافية لتقديم المساعدات الإنسانية. وعلى المدى القصير هي فرصة للدعاية فقط، وتعكس الفشل في معالجة المشاكل الحقيقية والمتنامية داخل قطاع غزة”.

وفي مشاركة له في برنامج “واجه الأمة” أمس الأحد، شن النائب الديمقراطي بمجلس النواب رو خانا، هجوما على موقف بايدن. وقال “يجب أن تكون هناك عواقب لوقوف إسرائيل في طريق وصول المساعدات الإنسانية الأميركية لغزة. يجب أن نوضح أننا لن نستمر في نقل الأسلحة.. سياسة معانقة الدببة وتدليل نتنياهو لم تنجح”.

وقبل ساعات من اجتماعها مع بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلي الذي يشارك في التخطيط للعدوان على قطاع غزة، قالت كامالا هاريس، نائب الرئيس بايدن، إن “الناس تتضور جوعا في غزة، الظروف غير آدمية وإنسانيتنا المشتركة تلزمنا بالتحرك”. وأضافت “لا بد أن تفعل الحكومة الإسرائيلية المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير. لن نقبل أي أعذار”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *