هناك أشخاص في إسرائيل وفي حكومتها بشكل خاص، يريدون دولة واحدة كبيرة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، متجاهلين تداعيات الوضع الديمغرافي، في حين نصت اتفاقيات أوسلو على أن الضفة الغربية وغزة وحدة إقليمية واحدة، متجاهلة صعوبة الربط بسبب المسافة بينهما، واليوم يظهر مقترح لحل جديد وهو تقسيم فلسطين إلى دولتين.
انطلقت صحيفة هآرتس من هذه الاحتمالات الثلاثة -في مقال للمطور العقاري دان دارين- لتناقش الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية، مستبعدة منذ البداية حل الدولة الواحدة التي يبلغ عدد مواطنيها 15 مليون نسمة، أكثر من نصفهم بقليل من العرب، لأنه يعطي الفلسطينيين الأغلبية بنسبة 51.35%، معتبرة أن لذلك تداعيات خطيرة.
أما حل الدولتين الذي يحظى بقبول واسع النطاق بين أنصار تقرير المصير الفلسطيني كوسيلة لحل الصراع، فرأى الكاتب أن تطبيقه على الأرض صعب المنال بسبب المسافة بين الضفة الغربية وغزة، رغم أن عدة حلول اقترحت لتجاوز تلك الصعوبة.
كانت هناك عدة اقتراحات لربط المنطقتين بجسر أو نفق، وقد طرحت فكرة بناء طريق سريع مرتفع مدعوم بأعمدة ذات حارتين في كل اتجاه، فضلا عن خط سكة حديدية وخط أنابيب مياه وخطوط اتصالات وإمدادات مياه، ولكن هذه الفكرة واجهت مشكلتين، إحداهما هندسية والأخرى مالية، بعيدا عن التحدي المتمثل في تأمين اتفاق سياسي.
من المفترض أن يربط الطريق السريع بين غزة عند مستوى سطح البحر، وأجزاء من الضفة الغربية عند ارتفاع يبلغ نحو 800 متر في مسافة لا تتجاوز 40 كيلومترا، وهو ما يكلف نحو ملياري دولار، وفقا لأسعار اليوم، كما طرحت فكرة بناء نفق، على شاكلة نفق المانش بين فرنسا وإنجلترا، غير أن تكلفة ذلك النفق بلغت نحو 30 مليار دولار.
دولة مدينة
وبسبب الحروب المتكررة مع إسرائيل، واتساع الفجوة بين مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الضفة الغربية وغزة، يرى الكاتب أن أحد الحلول الممكنة هو تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما تقوم على 365 كيلومترا مربعا، حيث يعيش الآن حوالي مليوني شخص في ظروف غير إنسانية، وتقوم الأخرى بين إسرائيل والأردن.
وستصبح غزة -حسب الكاتب- دولة مدينة، مثل سنغافورة، وهي دولة مدينة ظهرت إلى الوجود عام 1965، وحققت مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي رغم صغر حجمها وعدد سكانها البالغ حوالي 6 ملايين نسمة، باقتصاد يعتمد على إنتاج وتصدير الإلكترونيات والتكنولوجيا الحيوية والأدوية والمواد الكيميائية.
ولأن غزة في وضع كارثي قريب من الإبادة جسديا واقتصاديا واجتماعيا بسبب الحرب الحالية، فمن المفارقات أن هذا الوضع ذاته يجعل إعادة إحيائها أمرا ممكنا، وذلك بإخراج السكان مؤقتا من الأنقاض، وإرسالهم إلى المنفى لفترة محدودة حتى يتم بناء مدينة حديثة، حسب أمنية بعض السياسيين الفاسدين.
ومن شأن هذه المدينة الجديدة أن تحل محنة سكان غزة الذين يعيشون في فقر مدقع في أحياء تفتقر إلى البنية الأساسية على أمل عبثي -حسب رأي الكاتب- بأن يأتي ذلك اليوم الذي يعودون فيه إلى تلك الأراضي التي كانوا عاشوا فيها قبل 76 عاما.