إسرائيل تجند جيشا إلكترونيا لمحاربة داعمي “طوفان الأقصى”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- في الوقت الذي تحتدم المعارك على جبهة غزة، ويتصاعد التوتر على الحدود مع لبنان، أطلقت إسرائيل “جبهة التوعية” عبر الفضاء الافتراضي، ليشن ما يصطلح عليه بــ”جيش إسرائيل الإلكتروني” معركة عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، لمحاربة ما أسماه الاحتلال بـ”الرواية الفلسطينية” والترويج لروايته بهدف التأثير في الرأي العام العالمي.

ووفق صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن “جبهة التوعية” لا تقل أهمية عن ساحات القتال، ووصفتها بـ”المعركة على الوعي” لدورها في اختراق الفضاء الافتراضي وإيصال صداها إلى كل العالم.

واعترف محللون وصحفيون أنه في ظل الحرب على غزة، تخوض إسرائيل ومبادرات مدنية خاصة باليهود في إسرائيل وحول العالم -من خلف الكواليس- حربا على الرواية، وعلى الدعاية وتشكيل الوعي عبر مئات عناصر الجيش الإلكتروني.

يديعوت أحرونوت: جبهة التوعية لا تقل أهمية عن ساحات القتال (الجزيرة)

حشد وتجنيد

وبحسب محللين، فإن إسرائيل مجهزة منذ سنوات عبر حشد وتجنيد مئات الكوادر الذين تم تأهيلهم بمراكز وجامعات إسرائيلية، وخاضوا مناورات افتراضية كثيرة وحروبا خفية لنشر الرواية الإسرائيلية حتى عبر فبركة وتزييف المحتوى والمضامين.

وتتخصص جامعة “رايخمان” في “مركز أبحاث الأمن القومي- هرتسليا”، في تأهيل هؤلاء الكوادر من خلال مساقات دراسية في مواضيع الإعلام الدولي، وإنتاج المحتوى، والإعلام الإلكتروني، والقانون والحكم، والعلوم السياسية، وعلم الاجتماع.

وينخرط في هذه المساقات مئات الطلبة سنويا الذين يتم إكسابهم الآليات للانخراط في جيش إسرائيل الإلكتروني أو أي مؤسسة أمنية وعسكرية إسرائيلية، وبالوزارات الحكومية المختلفة ومن ضمنها السلك الدبلوماسي ووزارة الخارجية.

كما يقدم مركز “هرتسليا” دورات تأهيلية لمئات الموظفين من مختلف الوزارات الحكومية الإسرائيلية والضباط والعاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، ومنها جهازا “الموساد” و”الشاباك”.

تزوير

وتهدف الدورات التكوينية إلى إكساب المعنيين بها المهارات التي تساعدهم في مخاطبة الرأي العام المحلي والعالمي، والترويج للرواية الإسرائيلية، أو مواجهة الرواية الفلسطينية، أو العربية، أو أي رواية معادية لإسرائيل. كما تهدف إلى تمكينهم من التخصص في تزوير الحقائق وخلق روايات جديدة لا تمت للواقع بصلة.

في الأسبوع الأول للحرب على غزة، أجرت طواقم وزارة الخارجية الإسرائيلية الدبلوماسية جلسات إحاطة لـ250 مراسلا أجنبيا، وأكثر من 640 مقابلة مع وسائل الإعلام الدولية بمختلف اللغات لتشويه الرواية الفلسطينية ومحاربتها.

كما تم نشر نحو ألف منشور وتغريدة باللغات الإنجليزية والإسبانية والعربية والفارسية والروسية، والتي حصلت على أكثر من 320 مليون مشاهدة، من خلال نشاط القسم الرقمي بوزارة الخارجية الإسرائيلية. وصدر أكثر من 80 بيانا رسميا لإدانة حماس ودعم إسرائيل من مختلف البلدان، وفق صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية.

طواقم وزارة الخارجية الإسرائيلية اجرت أكثر من 640 مقابلة مع وسائل الإعلام الدولية بمختلف اللغات لتشويه الرواية الفلسطينية
وزارة الخارجية الإسرائيلية أجرت أكثر من 640 مقابلة إعلامية بمختلف اللغات لتشويه الرواية الفلسطينية (غيتي)

معركة افتراضية

وينشط مواطنون إسرائيليون ومتطوعون يهود حول العالم في إنشاء عشرات المجموعات والمشاريع للمساعدة في التوعية الدولية، تعرف إحداها باسم “المقر الدعائي المدني” الذي أنشأه الصحفي السابق إلياف باتيتو الذي يقوم بتجنيد متطوعين لتوزيع المحتوى والمضامين.

وتعليقا على “جبهة التوعية”، قال الصحفي نافو تربلسي مراسل شؤون التكنولوجيا والإنترنت في صحيفة “غلوبس”، “هذه هي حرب الاستقلال الثانية، هكذا تدار المعركة على الرأي العام العالمي”.

وأضاف أن إسرائيل تخوض حربا منذ عدة أيام على عدة جبهات أهمها معركة التأثير في الرأي العام العالمي، إذ تعتبر ساحة أساسية في بث الرسائل والمضامين والمحتوى بما يتماشى مع الرواية الإسرائيلية.

وأكد تربلسي أهمية السيطرة والتحكم بـ”جبهة التوعية” لأن “الوعي وفهم الوضع الصعب الذي تعيشه إسرائيل منذ يوم السبت الأسود، له تأثير واضح في توفير الغطاء والشرعية الدولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، إضافة إلى أنه مهم لممارسة الضغط على مختلف الأطراف في العالم وضمان انحيازها مع إسرائيل وتبني روايتها بالحرب”.

ويرى أن الرأي العام اليوم يتأثر “بالعمل الجاد الذي تقوم به مختلف مؤسسات الدولة والأطر والسلطات المدنية”، مبينا أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تنشط في تناقل المعلومات والمضامين وتجنيد كافة طواقمها الدبلوماسية حول العالم للتفاعل ضمن ساحات “جبهة التوعية”.

تعبئة

وبحسب صحيفة “غلوبس”، تمكن إلياف باتيتو حتى الآن، من تجنيد أكثر من 400 متطوع نشط لترجمة المحتوى وتحريره بصريا وتخطيطه، ليقوم مئات المتطوعين الآخرين بنشر المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي.

ووفق الرسائل المرسلة داخل مجموعات التواصل الخاصة بـ”المقر الدعائي المدني”، فإن المحتوى الذي ينتجه المقر يصل إلى ملايين الأشخاص حول العالم.

أحد المحتويات التي وزعها باتيتو بالتعاون مع “مقر الدعائي المدني” في بداية الحرب على جبهة غزة، وساعد في ضبط النغمة لصالح الرواية الإسرائيلية، كان فيديو وصفته الصحيفة بـ “الناجح” والذي تم إنتاجه في مكتب الإعلانات في”أومان بار ريفناي”.

وتضيف الصحيفة أن الجميع في المقر الدعائي المدني شعروا بالحاجة إلى التعبئة لصالح حرب المعلومات الدعائية التي تخوضها إسرائيل، إذ سجل الفيديو ملايين المشاهدات بفضل مشاركاته من قبل شخصيات علمية مشهورة ومألوفة، مثل المغنية مادونا.

وفي مكتب “روفيني فريدان”، جمعوا مواد إعلامية لقصص ومراسلات لما وصفوه بـ”الجحيم” الذي عاشه سكان “غلاف غزة” خلال معركة “طوفان الأقصى”، والتي تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات من قبل عشرات المترجمين المتطوعين.

إلى جانب ذلك، تركز جمعية “الإسرائيلية” على توفير الأدوات والمعرفة للشبان اليهود، ليتمكنوا من المساعدة والتأثير بشكل إيجابي على “صورة إسرائيل” عالميا وإقليميا عبر تأسيس غرفة طوارئ افتراضية تنشط على مدار الساعة.

تسويق

وتعقد الجمعية ندوات عبر الإنترنت تقدم فيها إرشادات وأدوات عملية ومصادر معلومات يمكن الاعتماد عليها عند تقديم المعلومات لمستخدمي الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي.

وبحسب البروفيسور موران يراحاي رئيس قسم “الوعي الرقمي” والتأثير في كلية الاتصالات ورئيس برنامج الدبلوماسية العامة في جامعة “رايخمان”، فإنه “في الجولات القتالية السابقة كان من الصعب على إسرائيل أن تقدم نفسها كضحية طبيعية، لأننا الجانب القوي”.

وفي الحرب على الصورة، يقول يراحاي “من يملك القصة الأقوى والأكثر شهرة تكون له اليد العليا. وفي الحالة الحالية، كان من السهل على العالم أن يتعاطف مع الأحداث والعمليات المسلحة التي تعرض لها الأطفال والشباب والمسنون والنساء في غلاف غزة، وكذلك العمليات المسلحة التي استهدفت مهرجان الموسيقى أيضا”.

واعتبر يراحاي أن سردية التعاطف لها صدى قوي جدا، “حتى المقارنات التي أجريت مع داعش أو هجمات 11 سبتمبر/أيلول هي شيء يمكن للجمهور أن يفهمه. في هذه الحرب قدرتنا على تقديم الضحايا في المستوى الأكثر إثارة للصدمة يجعل الناس يفهمون السياق السياسي والأمني للصراع”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *