إدانة الضحية ولوم الضحايا.. طوفان الأقصى بميزان إعلام غربي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

يتنقل السفير الفلسطيني في بريطانيا، حسام زملط، بين القنوات الإنجليزية ليتفاجأ بسؤال واحد، يطرحه معظم المقدمين بغض الطرف عن المؤسسة التي ينتمون إليها: هل تدين حركة “حماس” وعمليتها “طوفان الأقصى”؟

رغم أن الرجل كان ذكيا واستطاع بأجوبته وجرأته قلب الطاولة على المذيعين، الذين كانوا يودون انتزاع كلام منه يدين حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة أنه سفير السلطة الوطنية الفلسطينية، ولكنه لم يتخيل أن يكون السؤال موحدا في مؤسسات تدعي أنها “أبو الصحافة وأمها”: “هل تدين”؟

وأكثر من ذلك وجه السفير لهم أسئلة كانت كافية لفضح زيف ادعاءات الإعلام الغربي، بأنه مع الديمقراطية والحرية ولا يكيل بمكيالين.

وفي إحدى المقابلات يجيب حسام زملط عن سؤال “المليون دولار”، أن هناك “هوسا بإدانة الضحية ولوم الضحايا وإدانة من هم تحت الاحتلال والاستعمار والمحاصرين منذ سنوات طويلة”.

السفير الفلسطيني الذي لمع نجمه، رأى بعض المتابعين أنه يخوض حربا إعلامية ضارية في وجه الحرب الإسرائيلية على غزة.

 

“وحشية حماس”

وفي جولة على الإعلام الغربي المكتوب والمقروء والمسموع، يظهر لنا التحيز والزوبعة الإعلامية التي أثاروها بسبب مقتل وجرح وأسر آلاف الإسرائيليين، في حين أن الصمت يسود عندما تدمر غزة عن بكرة أبيها، ويُقتل النساء والأطفال، وتُقصف المستشفيات والمساجد، ويُقتحم المسجد الأقصى، وتُنتهك حرمة مدينة القدس.

في صحيفة “تايمز” البريطانية -على سبيل المثال-، تعدّ الكاتبة البريطانية ميلينا فيليبس، أن “وحشية حماس هي الأسوأ منذ المحرقة”.

وتضيف الصحفية -البالغة من العمر 72 عاما- وأغلب مقالاتها تُعنى بحقوق الإنسان والطفل، أن “الوضع الذي تكشف يوم السبت الماضي، هو أكثر من أسوأ كابوس إسرائيلي.”

وزعمت أن “نحو 1000 من إرهابيي حماس اقتحموا السياج الحدودي، وهاجموا المجتمعات في البلدات والقرى والكيبوتسات في جميع أنحاء جنوب البلاد. وكان هدفهم القتل الجماعي للمدنيين الإسرائيليين”.

وادّعت أنهم “انتقلوا من منزل إلى آخر وذبحوا ساكنيه وأحرقوا منازلهم. أطلقوا النار على الناس في سياراتهم. قتلوا كبار السن من الرجال والنساء والأطفال الصغار، وضربوا إسرائيليا حتى الموت بفأس”.

ولم تُشر ميلينا في مقالها إلى حصار قطاع غزة أو حرمان سكانه من أيسر حقوقهم، وقصف مدنهم وقتل الأبرياء فيها، وجهة نظر واحدة في المقال منحازة بشكل كامل للاحتلال.

ماتوا وقتلوا

ونبقى مع وسائل الإعلام البريطانية، فهيئة البث البريطانية “بي بي سي” تستخدم في وصف شهداء غزة فعل “ماتوا”، وفي وصف القتلى الإسرائيليين فعل “قتلوا”، في إشارة إلى أن الإسرائيليين قتلتهم حركة حماس، وضحايا غزة قُتلوا بالخطأ، أو أن الاحتلال لم يستهدفهم.

“بي بي سي” تستخدم فعل “ماتوا” للشهداء الفلسطينيين و”قتلوا” للقتلى الإسرائيليين (مواقع)

ولم تبتعد صحيفة “إيكونومست” عن خط “التحيز الأعلامي” وتنشر مقالا بعنوان، “الرهائن الإسرائيليون يواجهون محنة مرعبة”.

وتصف الصحيفة يوم انطلاق “طوفان الأقصى” بيوم الرعب وأن حماس “اختطفت عددا لا يحصى من الإسرائيليين، من مدنيين وجنود، وأعادوهم إلى غزة. وتم التعرف إلى عدد قليل منهم، إما من خلال المقاطع المرئية المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وإما من خلال المقابلات الحزينة مع عائلاتهم على التلفزيون الإسرائيلي. ولا يزال كثير منهم دون أسماء”.

بينما لم تكترث الصحيفة نفسها لآلاف المعتقلين من النساء والأطفال والشيوخ والشباب في السجون الإسرائيلية، ولا يُعرف مصيرهم، أو كيف يُعاملون؟

بكاء كيربي

وإلى الإعلام الأميركي الذي خصصت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيتها بعنوان، “الهجوم على إسرائيل يتطلب الوحدة والعزيمة”.

وجاء في المقال أن “الهجوم الإرهابي الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل، هو مأساة قد تغير مسار الأمة والمنطقة بأكملها. فالإسرائيليون يترنحون ويشعرون بالصدمة إزاء عدد القتلى والجرحى، والمحتجزين رهائن، والعالم في حداد معهم”.

وتابعت “كان الهجوم تذكيرا مأساويا ومؤلما بمدى ضعف إسرائيل دائما –وما زالت كذلك-، في وقت تتزايد فيه معاداة السامية العالمية. وأطلق العديد من الإسرائيليين على هذا الهجوم اسم 11 سبتمبر إسرائيلي”.

ونبقى في بلاد العم سام، حيث خرج منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي على مقابلة مع قناة “سي إن إن” باكيا ولا يستطيع الرد على سؤال طرحه المذيع، عن “الصور التي أظهرت خطف الأطفال والفتيات، التي لم يسبق لها مثيل في المنطقة”.

وقال كيربي، “أعتذر، ما حصل أمر صعب، ومن الصعب مشاهدة هذه المرئيات والصور، هؤلاء أناس لديهم عائلات وأقارب وأصدقاء وأخوة وأخوات”.

وبما أن ازدواجية المعايير ليس حكرا على السياسة والإعلام، يروي الصحفي الفلسطيني إبراهيم خضرا، مراسل شبكة “بي إن سبورتس” الرياضية، ما حصل معه عندما كان يرتدي الكوفية الفلسطينية في مواجهة أرسنال ومانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي الممتاز، الأحد الماضي.

وغرد على حسابه في منصة “إكس” قائلا،”عشت بالأمس سياسة الكيل بمكيالين حرفيا لمجرد ارتداء الكوفية الفلسطينية التي لم ترُق لمراسل التلفزيون الإسرائيلي وإدارة البريميرليغ، ليطلبا مني إزالتها تجنبا لأي رسائل سياسية”.

وتابع “حضرت عيانا بيانا في كل الملاعب إبان حرب روسيا على أوكرانيا، وكونك فلسطينيا لا يحق لك الدفاع عن نفسك، أو التعاطف مع ضحايا اعتداءات المحتل، حتى وإن كان ذلك بشكل رمزي، وهذا في بلد تدّعي الحرية”.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *