إجراءات إسرائيلية للقضاء على أي تضامن مع غزة بين عرب 48

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- وظفت المؤسسة الإسرائيلية الحرب على غزة من أجل التضييق على فلسطينيي 48، عبر تقليص حيز الحريات وحظر التظاهر والتعبير عن الرأي، وتوسيع دائرة الملاحقة السياسية والقضائية، وذلك لمنعهم من التضامن مع الفلسطينيين والتنديد بالحرب، سعيا لسلخهم عن الشعب الفلسطيني.

ومنذ معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها كتائب القسام ضد مستوطنات “غلاف غزة” وثكنات عسكرية إسرائيلية بالجنوب، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية أكثر من 400 شخص من فلسطينيي 48.

وأخضعت الشرطة المعتقلين للتحقيق بزعم “دعم منظمات إرهابية” و”التحريض” والتماهي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك من خلال منشورات وتغريدات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بينما قدمت لوائح اتهام ضد 60 شخصا، بحسب ما أعلنت النيابة العامة الإسرائيلية.

وتعددت الإجراءات الإسرائيلية التي نفذت ضد فلسطينيي 48 الذي يبلغ عددهم مليوني نسمة ويشكلون قرابة 20% من التعداد السكاني بإسرائيل، تحت غطاء استخدام أنظمة الطوارئ في ظل الحرب.

وجاء ذلك عبر مصادقة الكنيست على قانون يحظر على الأفراد “استهلاك المحتوى والمضامين الداعمة للإرهاب”، وفرض عقوبة السجن الفعلي لمدة عام لمن يدان بذلك، على أن يبقى القانون ساريا لعامين مع إمكانية تمديده.

وبحسب ما ورد في نص القانون، فإنه يحظر على الأشخاص في إسرائيل “استهلاك محتوى ومضامين إرهابية”، صادرة عما وصفها بـ”المنظمات الإرهابية” المشمولة في نص القانون وهي حركة حماس وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حيث يهدف القانون إلى محاربة ومنع مثل هذا المحتوى بغرض منع ما وصفه بـ”الهجمات الإرهابية”.

إلى جانب ذلك، صادقت اللجنة الوزارية للتشريع على توسيع “قانون محاربة الإرهاب” ومنح صلاحيات إلى وزير الأمن الإسرائيلي بالإعلان عن مواطن “ناشط إرهابي”، وكذلك صياغة مذكرة قانون يجيز سحب الإقامة والجنسية من مواطنين إسرائيليين بزعم “التحريض على الإرهاب ودعمه في وقت الحرب”.

اعتقال النائبة السابقة حنين زعبي لمشاركتها بوقفة بالناصرة ضد الحرب على غزة (الجزيرة)

اعتقال قيادات عربية

ومع تقنين هذه الإجراءات، صعّدت الشرطة الإسرائيلية من عملياتها القمعية والتي طالت العديد من القيادات السياسية والجماهيرية لفلسطينيي 48، وفي مقدمتهم رئيس لجنة المتابعة العليا العربية، محمد بركة، حيث تم اعتقالهم أمس الخميس، وإخضاعهم لتحقيقات لساعات ومنعهم من تنظيم أي مظاهرة مناصرة لغزة ومنددة بالحرب الإسرائيلية.

وبالإضافة إلى بركة، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية رئيس حزب التجمع الوطني سامي أبو شحادة، والنائبان السابقان حنين زعبي وإمطانس شحادة، وأعضاء لجنة المتابعة يوسف طاطور ومحمود مواسي، خلال تواجدهم في ساحة العين بمدينة الناصرة، حيث نظموا وقفة احتجاجية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.

وحظيت الإجراءات القمعية للشرطة ضد فلسطينيي 48 بدعم قضائي، وذلك بعد أن ردت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء الأربعاء، التماسا قدمه مركز “عدالة” الحقوقي، والجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي، بالسماح بتنظيم مظاهرات ومسيرات في أم الفحم والناصرة ضد الحرب على غزة، بيد أن المحكمة قبلت طعون الشرطة بأن تنظيم المظاهرات من شأنه أن “يؤجج ويشعل الأوضاع بالداخل”.

إجراءات استفزازية

ووصف مدير مركز “عدالة” المحامي حسن جبارين، الذي رافق المحتجزين من القيادات العربية، إجراءات الشرطة الإسرائيلية بـ”الاستفزازية للجماهير العربية”، قائلا في تصريح صحفي للجزيرة نت إن “هذه الإجراءات والاعتقالات غير مبررة ولا تعتمد على أي سند قانوني، وما هي إلا استهداف مباشر لكافة القيادات بهدف ترويع وترهيب الجماهير العربية”.

وأوضح جبارين أن الشرطة اتخذت إجراءات خلافا لصلاحياتها، وفرضت عقوبات على المحتجزين من القيادات العربية خارج ما ينص عليه القانون، حيث إن الإفراج عنهم يبقى مشروطا مع فرض تقييدات على كافة القيادات وإبعادهم عن مدينة الناصرة لمدة 14 يوما، وهذا سياسة ممنهجة للشرطة في تعاملها مع فلسطينيي 48 في ظل الحرب.

الشرطة الإسرائيلي تحظر على فلسطينيي 48 تنظيم أي تظاهرات ضد الحرب على غزة
الشرطة الإسرائيلية تحظر على فلسطينيي 48 تنظيم أي مظاهرات ضد الحرب على غزة (الجزيرة)

ووجه جبارين انتقادات شديدة اللهجة إلى الشرطة ووزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، وحمّله مسؤولية وتداعيات هذه الإجراءات الاستفزازية ضد الفلسطينيين بالداخل، لافتا إلى أن هذا النهج والاعتقالات غير المبررة يهدفان إلى تأجيج الأوضاع وإثارة التوتر في صفوف فلسطينيي 48، عبر ملاحقة واستهداف قياداتهم بدون أي مبرر.

ذات الطرح تبناه النائب السابق عن التجمع الوطني الدكتور إمطانس شحادة، الذي أكد أن هذه الاعتقالات والتحقيقات تضاف إلى الملاحقة لفلسطيني 48 وسعي المؤسسة الإسرائيلية إلى تجريم العمل السياسي، لافتا إلى أن الشرطة التي تنفذ سياسات المؤسسة الإسرائيلية تواصل نهجها العدائي ضد أي موقف أخلاقي وإنساني أو نشاط أو تعبير ضد الحرب على غزة.

ولفت شحادة للجزيرة نت إلى أن مطلب وقف الحرب بات مطلبا عالميا، وعليه فإن سياسة تكميم الأفواه والملاحقة الشرطية والقضائية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بمختلف أذرعها ضد فلسطيني 48 وقيادتهم لا تعني أن تتخلى الجماهير العربية بالداخل عن موقفها الإنساني والأخلاقي ضد الحرب، والموقف الوطني وثوابت القضية الفلسطينية.

رئيس لجنة المتابعة العليا العربية، محمد بركة.
رئيس لجنة المتابعة العليا العربية محمد بركة (الجزيرة نت)

إسكات الأصوات

وتعليقا على الاعتقالات التي نفذتها الشرطة وحظر المظاهرات المتضامنة مع غزة، قال رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، فور الإفراج عنه، إن “هذه الإجراءات تثبت أن ماكينة الحرب الإسرائيلية تريد إسكات الأصوات ضد الحرب”.

ولفت، في كلمة مصورة، إلى أن عملية توقيفه واقتياده لمحطة الشرطة كانت أشبه بعملية للكوماندوز، مضيفا “لقد أغلقوا الشارع الرئيس داخل الناصرة من كافة الاتجاهات، واعترضوا مركباتي وأنزلوني منها بدون أي مبرر، واقتادوني إلى محطة الشرطة للتحقيق”.

وأوضح بركة أن تحقيقات الشرطة مع بعض القيادات العربية والمتابعة تمحورت حول حظر ومنع المظاهرات ضد الحرب والمتضامنة مع غزة، مؤكدا في تصريح صحفي تلقت الجزيرة نت نسخة عنه أن “الجماهير العربية لن تسمح بإخماد صوتها”.

وقال بركة إن “موقفنا واضح وإنساني، فصوتنا وموقفنا معاديان للحرب وللمساس بالأبرياء، وعليه لن يُسقطوا صوت لجنة المتابعة والجماهير العربية الفلسطينية في البلاد”.

وأشار إلى أن الشرطة حذرته -كما باقي القيادات التي احتُجزت وأُخضعت للتحقيق- من مغبة المبادرة إلى تنظيم أي مظاهرات ضد الحرب، حيث توعدت الشرطة القيادات بأن أي نشاط من هذا القبيل سيؤدي إلى فتح ملفات ضدها وتقديمها للمحاكمة.

وأكد أن جميع القيادات بالمتابعة ملزمة بالموقف السياسي وقضية الشعب الفلسطيني وبالديمقراطية، وكذلك التصرف وفق الإمكانيات المتاحة لفلسطينيي 48، قائلا “نحن لم نعلن الحرب على أي أحد، لكن من يريد أن يعلن حربا علينا عليه أن يفهم أن ذلك لن يثنينا عن مواقفنا الوطنية والإنسانية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *