رام الله- مع تواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وسط عمليات تهجير جماعي للسكان من أماكن سكناهم تحت تهديد القصف وقطع كامل للمياه والكهرباء والاتصالات لم تكن الأوضاع في الضفة الغربية بعيدة عن ذلك، فقد شهدت اعتداءات متصاعدة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال التي أغلقت الضفة بالكامل وقطعت أوصالها ومنعت العمال من الوصول إلى أماكن عملهم.
ولم يتخلل ذلك أي موقف واضح من القيادة الفلسطينية المتمثلة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس أو القيادات القريبة من السلطة أو منظمة التحرير سوى بيانات شجب وإدانة ومطالبات للمجتمع الدولي بوقف هذه الاعتداءات، وهو ما أثار حالة من السخط من قبل الفلسطينيين الذين وصفوا هذا الموقف بـ”المتخاذل”، والذي لا يرقى إلى حجم العدوان الذي تقوم به إسرائيل.
مطالب الشارع الفلسطيني
ونشر النشطاء عشرات المنشورات التي انتقدت موقف السلطة الفلسطينية، وتساءلوا عن دورها في ظل استمرار العدوان بشكل متصاعد دون خطاب مباشر من قبل الرئيس إلى الفلسطينيين، ولم تخلُ أي فعالية أو مسيرة في شوارع الضفة من مطالبات مستمرة للقيادة بأخذ دورها والالتحام مع الشعب في مواجهة ما يتعرض له في كل مناطق وجوده، إلى جانب انتقادات كبيرة لطريقة التعامل الرسمية مع 14 ألف عامل غزي تقطعت بهم السبل في الضفة الغربية دون مأوى أو عمل.
الناشط عمر عساف يوضح سبب هذا الغضب، ويقول للجزيرة نت إن “القيادة حتى الآن لم تقدم على خطوة تبين انحيازها للشعب والشارع الفلسطيني، حتى أنها لم ترفع صوتها لتقول إن هذه الجريمة يتحمل الاحتلال مسؤولياتها وحده، وتساوي بين الاحتلال والمقاومة”.
“حتى الآن لم نشهد دعوة اجتماع أمناء الفصائل أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا أضعف الإيمان”، يقول عساف.
وعما يمكن السلطة القيام به، يجيب عساف “وقف التنسيق الأمني، والانسحاب من الاتفاقيات التي تربطها مع الاحتلال، وحشد التضامن العالمي من خلال تركيز عمل الممثليات والسفارات الفلسطينية في كل العالم لفضح جرائم الاحتلال، وقبل ذلك إطلاق سراح المقاومين الذين تعتقلهم وتمنعهم من مقاومة الاحتلال”، معتبرا أن لدى السلطة وقيادتها فرصة حقيقية للتكفير عن سنوات من التنسيق الأمني مع الاحتلال.
القيادة في حالة انعقاد دائم
لم يخرج الرئيس الفلسطيني بخطاب إلى الفلسطينيين، فيما كان الخطاب الأول لرئيس الوزراء محمد اشتية بعد أسبوع من العدوان.
وتنشر الوكالة الفلسطينية الرسمية (وفا) تحركات دبلوماسية يقوم بها الرئيس عباس ورئيس الوزراء، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، دون وجود تواصل مع الشارع الفلسطيني، سواء بالمشاركة في المسيرات التي يتم تنظيمها في مراكز المدن منذ بدء العدوان أو بخطابات موجهة.
تواصلت الجزيرة نت مع عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الله عبد الله، فقال إن “الإجراءات التي تقوم بها السلطة ليست بالضرورة أن تكون معلنة، فمنذ اليوم الأول للعدوان وهي في حالة انعقاد واتصالات وتحرك مع كل الأطراف”.
وتابع أن “القيادة الفلسطينية استشعرت الأخطار المترتبة على هذا العدوان منذ اليوم الأول، وبدأت اتصالاتها مع الدول العربية والأجنبية ومجلس الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى”.
وعلى الصعيد الداخلي، قال عبد الله إن “القيادة تقف بكل جهد وقوة مع قطاع غزة، سواء في التضامن والدعم أو في التدخل لفتح المعبر لإدخال المساعدات الطارئة إلى القطاع”، مؤكدا أن “هناك جهدا متواصلا، ولكن لا نستطيع أن نضمن النتائج لأنه خارج أيدينا”.
الوحدة أولا
بدوره، اعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي أن كل هذه التحركات تعتبر “ناقصة” ما لم تقم السلطة بتوحيد البيت الفلسطيني لمواجهة ما وصفها بـ”المؤامرة الكبيرة” التي تحاك ضد الفلسطينيين وقضيتهم.
واعتبر البرغوثي في حديثه للجزيرة نت أن أخطر مواجهة حاليا هي التصدي لمحاولات شيطنة الفلسطينيين، وعدم السماح لإسرائيل بتشتيتهم، مؤكدا أن “الحرب ليست على حماس وحدها”.
وكما الناشط عمر عساف تساءل البرغوثي عن سبب عدم دعوة القيادة إلى اجتماعات للأمناء العامين للفصائل أو اجتماعات على مستوى منظمة التحرير الفلسطينية، لتوحيد الموقف الفلسطيني ووضع إستراتيجية مواجهة سياسيا وشعبيا.
وأضاف البرغوثي “للأسف هناك غياب كبير للقيادة الفلسطينية، وهذا يجعلها ضعيفة أمام الضغوط الدولية والإقليمية التي تمارس عليها لمزيد من التنازلات”.