أنفاق غزة.. فشل جديد في سلسلة إخفاقات جيش الاحتلال

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- أخفق الجيش الإسرائيلي في الكشف عن الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باتجاه مستوطنات “غلاف غزة” ضمن التحضيرات لمعركة “طوفان الأقصى”.

ويضاف ذلك إلى الفشل الاستخباراتي في التحذير ومنع الهجوم المفاجئ لكتائب القسام على “الغلاف” وبلدات إسرائيلية في الجنوب بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأعلن جيش الاحتلال في 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي، عن اكتشاف نفق شمالي قطاع غزة، بطول 4 كيلومترات قبالة مستوطنات الغلاف، وروّج له على أنه إنجاز رغم أن اكتشافه جاء بعد حوالي 60 يوما من التوغل البري للقوات الإسرائيلية في المنطقة.

وتكشّفت ملامح “إخفاق النفق” من خلال تحقيق نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأحد، وأعده الصحفي الاستقصائي والمختص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية رونين بيرغمان، وتبلورت عندما أعلنت كتائب القسام أن الحديث يدور عن نفق هجومي تم تحضيره واستخدامه في معركة “طوفان الأقصى”.

وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت (وسط) عند فتحة النفق الهجومي الخارج عن الخدمة (مكتب الصحافة الحكومي)

 “معكرونة الأنفاق”

تحت عنوان “الأضواء الحمراء لم تُضأ، اكتشفت إسرائيل متأخرا معكرونة الأنفاق”، استعرض بيرغمان الإخفاق في الكشف عن الأنفاق الهجومية باتجاه “غلاف غزة” التي واصلت حركة حماس حفرها في مارس/آذار 2023، ضمن التحضيرات للهجوم المفاجئ، بدون أن تكتشف مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الحفريات.

كان هناك خطأ آخر يضاف إلى سلسلة الإخفاقات وسيُطرح حتما على طاولة لجنة التحقيق، تقول الصحيفة “اعتقدوا في إسرائيل أن حماس لا تستطيع عبور السياج تحت الأرض، ومع ذلك استمرت في الحفر حتى مارس/آذار هذا العام وفي التحضير للهجوم المفاجئ، فالجيش لم يكن مستعدا بما فيه الكفاية لعملية كشف الأنفاق وتدميرها”.

وتضيف أن “المسار السري (شبكة الانفاق) أو كما يسميه بعض الخبراء في الجيش الإسرائيلي “معكرونة حماس”، والذي يلعب دورا رئيسيا في أحداث غزة، يطمح الجيش الإسرائيلي في تفكيكه، أو على الأقل، جزء كبير منه في وقت قصير”.

ومن جهة أخرى، يضيف “بسبب طموح حماس وقائدها يحيى السنوار بالبقاء هناك في الطابق الرابع تحت الأرض لفترة طويلة من الزمن، يُسجن المختطفون (الإسرائيليون) في وضع يصعب على الجيش القيام بأية عملية عسكرية للوصول إليهم، وخشية استهداف الجنود من داخل الأنفاق”.

واقترح أحد المطلعين على سير الحرب بغزة مؤخرا في اجتماع لكبار الضباط بالجيش الإسرائيلي، التوقف عن الحديث عن الحرب فوق الأرض وتحتها، لأنه “من الواضح أن عدونا تحتها وهذا هو مكان الحملة، وأية محاولة للقول إننا انتصرنا وسيطرنا فوق الأرض لا تعكس الوضع حقا”، بحسب ما نقلت عنه “يديعوت أحرونوت”.

وعندما بدأ جيش الاحتلال الحملة البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك تقديران لدى معظم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، الأول أنه لدى حماس ما بين 100 إلى 200 كيلومتر من الأنفاق تحت غزة، والثاني أنه من نهاية عام 2020، لم يكن لديها أي نفق هجومي باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في “غلاف غزة”.

 

إخفاق التقديرات

وبحسب الصحيفة، فإنه تم تفريغ التقديرات الإسرائيلية بخصوص شبكة الأنفاق من مضمونها، مشيرة إلى أنه بالأيام الأولى للحرب على غزة تم اكتشاف ما خططت حماس لفعله في نفق قرب معبر بيت حانون “إيرز”، والذي دُعي الصحفيون إلى توثيقه قبل تفجيره.

ويقول بيرغمان “ربما لم يعرفوا في إسرائيل أن حماس تمتلك الآلة التي تمكّن من الحفر السريع وبقُطر يسمح بالسفر بسيارة تجارية كبيرة بها، وقد ذكرني ذلك قليلا بالآلات التي يبنى فيها جزء من أنفاق السكك الحديدية، حيث كانت الخطة مواصلة النفق المؤدي إلى إسرائيل، ويوما ما الدفع بمركبات محملة بالمقاتلين من قوات النخبة”.

ويضيف الصحفي الإسرائيلي أن “ذلك لم يحدث بفضل السياج تحت الأرض الذي أغلق مسار هذا النفق الهجومي، وربما الأنفاق الأخرى، وإنما بسبب حقيقة أنه منذ عام 2020 لم تستخدم حماس أي أنفاق لاختراق الأراضي الإسرائيلية”.

ويتابع “ومن المفترض أنه لو كان مثل هذا النفق موجودا لكانت الحركة قد استخدمته في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولكان إنجازا تشغيليا وهندسيا وتكنولوجيا ناجحا حقق أهدافه، وإن كان بتكلفة عالية جدا”.

وفيما يتعلق بالتقدير الإسرائيلي الأول بشأن طول شبكة الأنفاق، فقد تبين من خلال تحقيق الصحيفة أنه “لم يكن ناجحا”، ويُقدر الجيش الإسرائيلي -اليوم- أنه لدى حماس ما بين 500 إلى 600 كيلومتر من الأنفاق تحت غزة.

ولم يكن الإخفاق في تقييم شبكة الأنفاق من حيث الطول فحسب، بل أيضا من حيث العرض والعمق وقوة التحصينات وكمية احتياطي الوقود والغذاء والمياه المخزنة فيها، وبالتالي طول الفترة الزمنية التي يمكن لمسلحي حماس أن يقضوها فيها، بحسب التحقيق ذاته.

خطة ضبابية

ويُستدل من التحقيق أيضا أنه في إسرائيل، لم يعرفوا العدد الكبير من الأبواب الجانبية التي صُممت لوقف أية محاولة لتفجير الأنفاق، ومقدار خطوطها المتعرجة والتغييرات المفاجئة في الاتجاهات بمسارها.

وعزا الصحفي الإسرائيلي طريقة تصميم الأنفاق إلى توصّل خبراء الحفر التابعين لحماس إلى استنتاج أن هذه التعرجات والتغييرات المفاجئة بها ستصعّب على الجيش الإسرائيلي اكتشافها وتدميرها.

وأوضح أن إسرائيل كانت تعرف عن مشروع أنفاق حماس، لكن في الحقيقة، يقول بيرغمان “المعلومات لم تكن كافية، وكانت قدرتها ضعيفة لإيجاد حلول للمسألة المعقدة بناء على هذه المعلومات القليلة”.

ويشير بيرغمان إلى ما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية مؤخرا حول “إطلاق الجيش الإسرائيلي مشروع تجريبي لغمر الأنفاق بالمياه لتحييدها”. لكنه يتساءل: هل سيتمكن الجيش خلال الوقت المتبقي من المرحلة الثالثة للتوغل من ذلك وتعميق السيطرة العملياتية بمنع حماس من الحكم والسيطرة على القطاع؟

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي أقر بمدى صعوبة تفجير الأنفاق واكتشافها بدون تعريض جنوده للخطر، وضمان تدميرها دون انهيار أحياء سكنية بأكملها، وهو ما يشير إلى أن المؤسسة الأمنية أهملت شبكة الأنفاق بغزة وبدت وكأنها مشكلة قد حُلت، وذلك بمجرد أن أُغلق السياج الأرضي بوجه الأنفاق الهجومية المؤدية إلى إسرائيل.

في هذه المرحلة، يخطط الجيش الإسرائيلي إلى وضع خطة عمل لمدة تصل إلى عامين “لتفكيك الأنفاق”، ويقول بيرغمان “لكن الخطة صيغت بشكل ضبابي وغامض، خصوصا بكل ما يتعلق بتعميق السيطرة الإسرائيلية بالقطاع، وهو ما لن يتحقق بسبب المعارك والضغوطات الدولية، ما سيدفع الجيش للانسحاب إلى السياج الأمني، وبالتالي عدم إنجاز الخطة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *