أكاديمي أميركي: عندما ينتهك القادة القانون

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

كتب عالم السياسة لوكان أحمد واي -قبل عام في مجلة “فورين أفّيرز”- أن محاكمة مرشح رئاسي “تمثل اختبارا مهما للديمقراطية الأميركية” بعد إدانة محكمة في نيويورك الرئيس السابق دونالد ترامب بتزوير سجلات تجارية لإخفاء دفع رشوة خلال حملته الانتخابية عام 2016.

وقال أستاذ الديمقراطية المتميز في جامعة تورنتو إن الإجراءات القانونية ضد مرشح رئيسي لمنصب الرئاسة في سياق الاستقطاب المتزايد والدعم اليميني للعنف لا يمكن الاستخفاف بها، رغم أن لائحة الاتهام مبررة بشكل شبه مؤكد، حسب تعبيره.

وعادت المجلة اليوم إلى لوكان أحمد واي للحصول على نظرة ثاقبة بشأن كيفية تأثير هذه المحاكمات على الحكم الديمقراطي، وكيف يمكن أن تؤثر على الديمقراطية الأميركية، وذلك بعد أن وجدت هيئة المحلفين أن ترامب مذنب في جميع التهم الـ34 الموجهة إليه في قضية الأموال السرية، وأنه لا يزال يواجه اتهامات جنائية منفصلة في 3 قضايا أخرى، تتعلق إحداها باحتفاظه بوثائق سرية، واثنتان مرتبطتان بمحاولاته البقاء في منصبه بعد خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2020.

وقبل أن تدخل المجلة في صلب الحوار الذي أجراه جوستين فوجت مع واي، ذكّرت فورين أفّيرز بأن معارضي ترامب ومنتقديه أشادوا بالإدانة باعتبارها انتصارا لسيادة القانون، في حين هاجم أنصار الرئيس السابق المدعي العام لمنطقة مانهاتن بنيويورك ألفين براغ والمدعين العامين الآخرين.

ووصف ترامب نفسه الحكم بأنه “وصمة عار”، وزعم أن المحاكمة “مزورة”.

معضلة

وكان أحمد واي قد كتب أن سلوك الرئيس السابق دونالد ترامب يشكل معضلة، إذ تفتح محاكمته باب تطبيع استخدام النظام القانوني لملاحقة المعارضين السياسيين، كما يشجع عدم تحميله المسؤولية آخرين على محاولة القيام بسلوكيات مماثلة لتلك التي يتهم بها، ومن ثم “لا يوجد بديل عملي لمحاسبة ترامب على أفعاله”.

وأكد الأكاديمي الأميركي لمحاوره أنه لا يزال على رأيه، بعد أن شاهد هذه القضية والقضايا الثلاث الأخريات التي لا تزال جارية والردود التي أثارتها، مشيرا إلى أن محاكمة السياسيين تعزز سيادة القانون بإظهارها أن الأشخاص الذين يتمتعون بنفوذ -مثل زعيم دولة ما- تمكن إدانتهم في النظام القانوني، وهو ما حدث في عدة دول ديمقراطية، مثل فرنسا والأرجنتين.

ومن النادر جدا في دولة ديمقراطية -حسب الأكاديمي الأميركي- أن يُدان شخص ثم يتولى السلطة، ولكن هذا الاحتمال قوي في الولايات المتحدة، وسيكون قريبا جدا مع أنه لم يسبق له مثيل، ومثل بعودة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بعد الإدانة، ولكن بعد إلغاء الحكم الصادر ضده، وبعودة أنور إبراهيم، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في ماليزيا، ولكن بعد حصوله على عفو من ملك ماليزيا.

وفي هذا السياق، نصح الكاتب الرئيس جو بايدن بالبقاء بعيدا وعدم التعليق على المحاكمات وترك القضايا المتبقية للمحاكم، مؤكدا أنه كلما أشار إلى إدانة ترامب والمحاكمات، زاد خطر استغلال رواية ترامب بأن بايدن نفسه يقف وراء الملاحقات القضائية ويستخدم النظام القانوني كسلاح.

الحرب القانونية

وأشار أحمد واي إلى أن استخدام القانون كسلاح في الولايات المتحدة كان موجودا وتسمى “الحرب القانونية”، ولكن المتهمين في هذا البلد يتمتعون بقدر هائل من الحقوق وهناك ضوابط على هذا التسييس، ومن أمثلته التحقيق الذي أجراه المستشار المستقل كين ستار مع الرئيس بيل كلينتون.

أما فكرة أن النظام القانوني الأميركي لم يُسيس قط في الماضي، فهي أسطورة -حسب أحمد واي- ولكنه مع ذلك ظل مؤسسة ديمقراطية شرعية في الغالب، علما أن ترامب لم يتمكن أبدا من تقديم لوائح اتهام ضد المعارضين والمنتقدين له، ولكن السؤال الآن هو إذا ما كان سينفذ مثل هذه التهديدات إذا عاد إلى منصبه.

وعند السؤال عن قيادات حوكمت ثم عادت إلى السلطة واستخدمت النظام القانوني للثأر، أشار الأكاديمي الأميركي إلى أنه لا يعرف حالة من ذلك، ولكن محاولة القادة البقاء في السلطة لتجنب الملاحقة القضائية أمر شائع بشكل لا يصدق، حسب رأيه، وقد حدث في عدد من البلدان، ويشكل الديناميكية السائدة في إسرائيل في الوقت الحالي، حيث يحاكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهمة الفساد، وأكد أن هذا أيضا حافز لترامب.

ونبه الكاتب إلى المثال الأوكراني، وقال إنه مثير للاهتمام، لأن البحث عن الحصانة شجع أعضاء البرلمان المجرمين على الترشح للمناصب، وهو أمر سيئ، ولكنه في الوقت نفسه، قيّد قدرة الرئيس على ملاحقة واستهداف أعضاء المعارضة في البرلمان، لذا كان للحصانة تأثير إيجابي على الديمقراطية، رغم أنها سمحت بمشاركة كثير من الفاسدين.

مناهضون لترامب يطالبون بإدانته (الأناضول)

أما الحالة الأغرب بالنسبة لأستاذ الديمقراطية، فهي الهند، حيث وجهت تهم جنائية إلى 40% من أعضاء البرلمان عام 2019، وإن كان عديد من الناخبين يعتبرون ذلك ميزة إضافية، لأن المجرمين أشخاص قادرون على إنجاز الأمور.

تأثير سلبي

وعرّج المحاور على ما كتبه أحمد واي السنة الماضية من أن هناك خطرا بأن تؤدي محاكمة زعيم سابق إلى تأجيج الاستقطاب الشديد وحتى العنف السياسي، ليرد الكاتب بأن التهديد بالعنف السياسي في أميركا أصبح الآن أقل مما كان عليه قبل بضع سنوات، ورد ذلك إلى أن أولئك الذين شاركوا في هجوم السادس من يناير/كانون الثاني 2021 على الكونغرس حكم عليهم بالسجن، إلا إذا أصدر ترامب عفوا عن أولئك الأشخاص كما وعد في حال انتخابه مجددا.

وعند السؤال عن تأثير قضية ترامب هذه ومحاكماته الأخرى على المستوى الدولي، رد أحمد واي بأن التأثير سيكون سلبيا لسوء الحظ، وقال “أعتقد أنه سيسهم في انتشار التصور السائد عن الخلل الوظيفي في الولايات المتحدة. إن قادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ يحبون هذا لأن انتخاب ترامب، إذا حصل يظهر فساد الديمقراطية، ولا يجعلها تبدو أكثر جاذبية”.

ومع أن نتيجة هذه المحاكمة تظهر أنه في ظل ديمقراطية حقيقية لا أحد فوق القانون، فإن ما يحدث في الغالبية العظمى من الديمقراطيات المتقدمة، حيث يستقيل المسؤول أو يبتعد عن السياسة بمجرد توجيه الاتهام له، لم يحدث هنا في الولايات المتحدة، وبدلا من ذلك، يتم ترشيحه من قبل أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين.

وخلص أستاذ الديمقراطية إلى أن إدانة شخص قوي للغاية تشير إلى شيء جيد عن المؤسسات الأميركية، لكن ترشيح أحد الأحزاب الكبرى له رغم ذلك يقول شيئا آخر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *