أسلحة أميركية تقتل المدنيين بغزة.. هكذا يخالف بايدن القانون الأميركي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- مثلت استقالة جوش بول، المسؤول السابق في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأميركية -احتجاجا على عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل- صدمة للعديد من الخبراء القانونيين المعنيين بحقوق الإنسان.

وخلال لقاءات صحفية، قال بول إن الحكومة الأميركية “بالتأكيد لا تتصرف ضمن القوانين المعنية بتصدير الأسلحة”.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما تبعه من تزايد عمليات نقل الأسلحة الأميركية إلى تل أبيب، أصبحت السياسات والقوانين الأميركية التي تنطبق على عمليات نقل الأسلحة، محل اهتمام متزايد.

توجيه رئاسي

وغاب أي نقاش جاد داخل واشنطن حول قانونية شحن أسلحة بهذه السرعة والضخامة إلى إسرائيل. وعلى العكس، كان هناك اندفاع لتوفيرها بأسرع وقت ممكن.

وباطلاع الجزيرة نت على العديد من القوانين والسياسات المحددة لتصدير الأسلحة الأميركية، خالفت إدارة الرئيس جو بايدن بالأساس 3 قوانين أساسية، أولها يتعلق بنقل الأسلحة التقليدية، وثانيها يتعلق بالأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، وثالثها يتعلق بقانون السيناتور باتريك ليهي المعني بحقوق الإنسان.

تمثل الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أول اختبار رئيسي للتوجيه السياسي الجديد، الذي يطلق عليه “سياسة نقل الأسلحة التقليدية”. وقبل 8 أشهر، أصدر بايدن توجيها يحظر صفقات نقل الأسلحة إلى البلدان التي يحتمل أن تستخدم الأسلحة لاستهداف المدنيين في النزاعات العسكرية.

وتضمن التوجيه الرئاسي أن البيت الأبيض لن يأذن بنقل الأسلحة إلى البلدان التي يرجح أن تستخدم الأسلحة لارتكاب، أو تُفاقم المخاطر بأن متلقيها سيرتكب، “إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية”.

ومع ذلك، لا يزال البيت الأبيض يوافق على إرسال المساعدات العسكرية لدعم إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، الذي خلف حتى الآن استشهاد أكثر من 11 ألف شخص، أغلبهم من الأطفال والنساء، وجرح قرابة 30 ألفا آخرين.

إدارة بايدن توافق على صفقة جديدة بقيمة 320 مليون دولار للقنابل الموجهة بدقة لإسرائيل (رويترز)

وتضم هذه الجرائم “هجمات موجهة عمدا ضد الأهداف المدنية أو المدنيين المحميين بهذه الصفة، أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها أعمال عنف خطيرة ضد الأطفال”، بحسب التوجيه ذاته.

وعند صدوره، احتفت دوائر حقوقية كثيرة بهذه المبادرة ورأت أنها “اهتمت بحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان”.

واعتبرت وزارة الخارجية التوجيه الجديد أنه دليل على أن الإدارة “ستمارس ضبط النفس وتتبع نهجا شاملا حقا لعمليات نقل الأسلحة التقليدية”، وتضمن بشكل أفضل أنها “تصب في المصلحة الوطنية، بما في ذلك القيمة التي نوليها لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وحوكمة قطاع الأمن”.

وعلى النقيض، يقول جوش بول إن إدارة بايدن “بالتأكيد لا تتصرف ضمن سياسة نقل الأسلحة التقليدية”.

وقبل أيام، أشارت تقارير إلى موافقة إدارة بايدن على صفقة جديدة بقيمة 320 مليون دولار للقنابل الموجهة بدقة لإسرائيل، في الوقت الذي يستمر فيه جيش الاحتلال في قصف أهداف مدنية في غزة.

ويأتي التناقض بين توجيه بايدن في فبراير/شباط الماضي وعمليات نقل الأسلحة الجديدة لإدارته، في الوقت الذي يطلب فيه البيت الأبيض الآن من الكونغرس تشريعا يجيز للإدارة بيع إسرائيل ما يصل إلى 3.5 مليارات دولار من الأسلحة.

انتهاك

كما طالبت إدارة بايدن بتقديم مساعدات إضافية قيمتها 14.3 مليار دولار لإسرائيل ضمن الميزانية التكميلية الطارئة.

ويقول سيث بيندر المسؤول في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، “بالنظر إلى الموت والدمار الموثقين في غزة، والانتهاكات الموثقة جيدا في الضفة الغربية، من الصعب أن نرى كيف يمكن لإدارة بايدن الاستمرار في توفير الأسلحة دون انتهاك سياسة نقل الأسلحة التقليدية الخاصة بها”.

وتصر إدارة بايدن على ادعاء أن عمليات نقل أسلحة إلى إسرائيل لن تنتهك توجيهات الرئيس، وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن “جميع عمليات نقل الأسلحة لدينا، بما فيها عمليات النقل إلى إسرائيل، متجذرة في الاقتراح الأساسي بأنها ستستخدم بما يتفق مع قانون النزاعات المسلحة”.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه عندما تستخدم الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، فإن 90% من الضحايا في المتوسط هم من المدنيين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، انضمت الولايات المتحدة إلى 82 دولة أخرى في تأييد الإعلان السياسي بشأن الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان لتعزيز حماية المدنيين من العواقب الناجمة عن استخدام هذه الأسلحة في هذه المناطق.

إسرائيل تستخدم أسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين في غزة (الأناضول)

ومع أن الإعلان ليس ملزما قانونا، لكنه يمثل التزاما رفيع المستوى من الولايات المتحدة بتنفيذ سياسات مصممة لتجنب ومعالجة الأضرار المدنية الناجمة عن استخدام هذه الأسلحة.

كما يلزم الإعلان الموقعين عليه بالترويج الفعال للإعلان، ومتابعة اعتماده وتنفيذه من قبل دول إضافية، والسعي إلى التقيد بالتزاماته من قبل جميع أطراف النزاع المسلح.

ومع توافر حقيقة أن ضررا كثيرا لاحقا بالمدنيين في غزة حتى الآن ناجم عن استخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ورغم التزامات واشنطن في هذا الشأن، واصلت إدارة بايدن نقل الأسلحة المتفجرة إلى إسرائيل دون أي شروط حول استخدامها.

كما أثارت الشبكة الدولية للأسلحة المتفجرة مخاوف بشأن استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه الأسلحة في غزة، وأوصت بوقف نقل قذائف المدفعية عيار 155 مليمترا على وجه الخصوص.

“قانون ليهي”

يعد قانون ليهي، من بين أهم القوانين المتعلقة بالمساعدات العسكرية وحقوق الإنسان، إذ يمنع الحكومة الأميركية من تقديم المساعدة للوحدات العسكرية الأجنبية التي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب أو الاختفاء القسري أو القتل خارج نطاق القضاء.

وبموجب هذا القانون، تقوم وزارة الخارجية بفحص المستفيدين من المساعدات الأمنية الأميركية وتحظر المساعدة لأي وحدات عسكرية أجنبية عندما يكون هناك دليل موثوق على أن الوحدة قد ارتكبت انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان.

ولكن على مر السنين، لم يتم تطبيق هذا القانون على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل. ويعتبر جوش بول مسؤول الخارجية المستقيل، أن قانون ليهي فيما يتعلق بإسرائيل يعد “نظاما معطلا”.

ولم يتم إدراج أي وحدة إسرائيلية بأنها محظورة بموجب قانون ليهي على الرغم من كل المخالفات والانتهاكات المستمرة داخل قطاع غزة ومختلف مدن الضفة الغربية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *