أسرى من الدفعة الثانية يتحدثون للجزيرة نت عن التعذيب بسجون الاحتلال

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

“ثمن فرحتي وخروجي من سجون الاحتلال كان غاليا للغاية”، بهذه الكلمات، وبوجه غابت عنه الابتسامة، وصف الأسير الفلسطيني المحرر سعيد هرماس لحظة خروجه إلى مكان استقبال الدفعة الثانية من الأسرى المفرج عنهم.

سعيد، كما كل المحررين المفرج عنهم من الدفعة الثانية من صفقة الأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، تحدث عن ظروف صعبة عاشها الأسرى في السجون بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت حتى اللحظات الأخيرة من وجودهم في السجون، قائلا “بعد الحرب أدخلونا في ما يشبه القوقعة، الحياة فيها مُميتة”.

وتابع سعيد هرماس للجزيرة نت أنه “منذ لحظة إبلاغنا بالإفراج وحتى آخر لحظة ونحن نتعرض للضرب والإهانة والتعذيب، نحن تحررنا ولكن الخوف مستمر على من بقي خلفنا”.

اعتقل سعيد (37 عاما) من منزله في بيت لحم عام 2016، وقضت محكمة إسرائيلية عليه بالسجن 16 عاما، اعتقاله كان بعد فترة قصيرة من الإفراج عنه من حكم امتد 8 سنوات أيضا.

ترك سعيد أبناءه الثلاثة أطفالا، ورغم صعوبة السجن وقسوة الحكم، فإنه عُرف بين الأسرى بأنه الواثق المبتسم المتفائل، غير أن الحرب غيّرت كل شيء، كما قال.

آثار السجن من جوع وضرب وإهمال طبي كانت بادية على سعيد، الذي خرج يرتدي نظارة مكسورة بالكاد ثبتت على وجهه.

المستقبلون حملوا الأسرى المفرج عنهم على الأكتاف (الفرنسية)

فرحة الانتصار

ليس سعيد فقط من عانى، فكل الأسرى -الذين استقبلهم ذووهم وعددهم 130 أسيرا من أصل 200 أسير تم الإفراج عنهم بعد إبعاد 70 منهم إلى مصر- تحدثوا عن سوء أحوال السجون التي كانت بادية في نحول أجسادهم والخسارة الكبيرة في أوزانهم.

الأسير عبد العزيز مساد من بلدة كفردان غرب جنين، يبلغ من العمر 20 عاما اعتقل مع شقيقه عبد الله في أغسطس/آب 2023 بتهمة تقديم المساعدة لمنفذ عملية ضد جنود إسرائيليين في حوارة شمالي الضفة الغربية، لم يحاكم عبد العزيز طوال هذه الفترة التي تخللها هدم منزل عائلته، ولكن كان من المتوقع أن يصل حكمه إلى المؤبد.

قال عبد العزيز للجزيرة نت، وهو محمول على الأكتاف ومزيّن بالعصبة الخضراء، “لم أتوقع الإفراج عني، فأنا موقوف وبالعادة يتم الإفراج عن أصحاب الأحكام”.

كان حلم الإفراج بعيدا عن عبد العزيز حتى قبل أيام عندما بدأت إدارة سجن عوفر بحملة تنقلات في صفوف الأسرى ثم تحويله وباقي الأسرى المنوي الإفراج عنهم إلى مقابلة مسؤول المخابرات في السجن وإبلاغهم رسميا بالإفراج عنهم ضمن الدفعة الحالية.

وخلال المقابلة مع مسؤول المخابرات بالسجن، قال عبد العزيز إنه تم تهديده بإعادة الاعتقال إذا قام بأي عمل ضد إسرائيل.

وفي وصفه لشعوره حال الإفراج عنه رغم كل ما تعرض له، قال “شعور لا يوصف بالفرح والفخر بأن المقاومة أوفت بما وعدت به، ولكن حزني على من هم خلفي من الأسرى وخصوصا أخي، الآن كل أسير يتوقع أن يكون اسمه ضمن الدفعة المقبلة”.

فلسطين- رام الله- الأسير عبد العزيز مساد - خاص
الأسير المحرر عبد العزيز مساد خلال استقباله عقب خروجه من سجون الاحتلال (الجزيرة)

أسرى المؤبدات

الفرحة الكبرى بالإفراج كانت من نصيب المؤبدات الذين قضوا سنوات طويلة، ومن بينهم ابن قرية بيتا جنوب نابلس نصر محمد داود، الذي لم تفارقه الابتسامة وهو يتحدث عن “نصر المقاومة الذي تحقق بالإفراج عنه وعن باقي المؤبدات الذين لم تكن حريتهم ممكنة لولا ذلك”.

نصر داود (45 عاما) لم يكن يعلم شيئا عن الصفقة إلا في أواخر الأيام، فإدارة السجون تعمدت منذ اليوم الأول للحرب فرض تعتيم كامل على الأخبار خارج السجون، وكان مصدر معلوماتهم الوحيد ما ينقله المحامون لهم الذين حملوا آخر الأيام “البشرى” بصفقة قريبة.

فلسطين- رام الله-الإفراج عن الدفعة الثانية من صفقة الأسرى3- خاص
استقبال حافل للدفعة الثانية من الأسرى (الجزيرة)

كان نصر يشعر يقينا أنه سيكون ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال، قائلا “كان لدي شعور قوي أنني سأكون ضمن هذه الصفقة”.

تيقن نصر من الخبر قبل يومين حينما أبلغته إدارة السجن أنه سيكون ضمن المفرج عنهم، ورغم الطريقة الهمجية التي تعاملت بها إدارة السجون مع الأسرى المنوي الإفراج عنهم، فإن شعور الانتصار وفرحة التحرر كان أكبر.

وأضاف نصر للجزيرة نت أن “الوضع في السجون الآن لا يوصف، ما كان يهوّن علينا هو ثقتنا أن خلفنا مقاومة لديها أسرى للتبادل والإفراج عنا مكرمين”.

فلسطين- رام الله- الأسير المحرر من جنين سمير الطوباسي يتحدث إلى عائلته
الأسير المحرر من جنين سمير الطوباسي (يسار) يتحدث إلى عائلته (الجزيرة)

فرحة مؤجلة

وبينما انشغلت كل العائلات باستقبال أبنائها، كان الأسير سمير الطوباسي (43 عاما) في زاوية ساحة الاستقبال يتحدث إلى عائلته عبر مكالمة مصورة من خلال الهاتف وهو يبكي.

العائلة تأخرت عن الوصول من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية بسبب منع جنود الاحتلال للمركبات بالمرور عبر أحد الحواجز العسكرية المقامة على مداخل مدينة رام الله، فاختصر الوقت بمكالمة هاتفية.

قال سمير بحسرة للجزيرة نت “إنه لم يكن يتوقع أن لا يجد أحدا في استقباله وأن يستمر الاحتلال في سلب فرحتة حتى آخر لحظة”.

سمير اعتقل في العام 2001 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وخلال فترة اعتقاله استشهد اثنان من أشقائه، وخلال الحرب استشهد ابن شقيقته “لم أتمكن من مواساة شقيقتي وتعزيتها، فخلال الحرب عزلنا الاحتلال بالكامل”.

وتابع “ما جرى في السجون كان حربا موازية للحرب في غزة، غيبنا تماما عن كل ما يجري في الخارج، وحتى بعد إبلاغنا بالصفقة تلاعبوا بنا حتى آخر لحظة، لم أكن أعرف هل سيفرج عني إلى جنين أم إلى الخارج؟”.

ورغم لهفته للعودة إلى جنين مسقط رأسه، فإنه لا يعلم كيف سيصل إلى منزله في ظل اجتياح قوات الاحتلال مدينة جنين منذ أيام.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *